الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرقابة على الأخبار في العراق أنواع

بواسطة azzaman

الرقابة على الأخبار في العراق أنواع

 

محسن حسين

 

أستطيع القول بكل صدق أن الصحافه الأهلية (الخاصة) لا تختلف عن الحكومية في وضع القيود والتعليمات التي تحد من حرية الصحفي في النشر. وأزيد على ذلك فأقول أنه إذا كانت للحكومات مبررات للممنوعات بزعم انها تتعلق بأمن الوطن فإن ممنوعات القطاع الصحفي الخاص لها صلة بالمصلحة الفردية سياسية كانت أو اجتماعية.وعموما فانه لاشيء يضايق الصحفي أكثر من الممنوعات التي يضعها الناشرون سواء كان الناشر حكومة أو شخصا يملك المطبوع.

وفي إحدى الصحف الأهلية التي عملت فيها في العهد الملكي كانت لدينا على سبيل المثال قائمة بأسماء الأشخاص من وزراء ومسؤولين يمنع نشر أي خبر عنهم أو تصريح أو صورة. وكنا نسمي هذه القائمة (القائمة السوداء) وإذا اقتضى العمل الصحفي ذكر أحد المسؤولين ممن تشملهم القائمة فإن التعليمات تقضي في حالات الضرورة حذف الاسم والاكتفاء بالمنصب الرسمي، وكثيرا ما تتغير هذه القائمة فتشطب بعض الأسماء أو تضاف أسماء جديدة تبعا لعلاقات صاحب الصحيفة.. ولا يوجد رابط سياسي أو اجتماعي أو ديني بين المشمولين بالقائمة.

وعادة ما تلجأ الحكومات في ظروف الطوارئ أو بعد الثورات والانقلابات أو الحروب وما شابه ذلك إلى الرقابة على الصحف وغيرها من أجهزة الإعلام. وقد شهد العراق حالات كثيرة مثل هذه أيام الحكم الملكي والقاسمي والعارفي. وفي معظم تلك الحالات كان الرقيب عسكريا أو من البطانة الحاكمة. اما بعد تولي حزب البعث الحكم عام 1968 فلم تكن هناك رقابة وكان الاعتماد على الحزب فما دام رئيس التحرير عضوا بارزا في الحزب فانه أفضل من غيره في فهم سياسة الحكومة وتقرير ما ينشر وما لا ينشر.

أذكر في هذا الصدد أن الدكتور مالك دوهان الحسن وهو أستاذ جامعي عُيّن في الستينيات وزيرا للإعلام، زار بعد توليه المنصب الوزاري وكالة الأنباء العراقية وكنت أرافقه في جولة شملت كل الأقسام، ومنها قسم الأخبار الخارجية الذي كان برئاسة المرحوم غالب صخرية، وقد فوجئ بحجم الممنوعات التي كان المرحوم غالب قد كتبها ووضعها تحت زجاجة مكتبه ليهتدي بها زملاؤه المحررون في القسم.وأمر الوزير على الفور برفع تلك الممنوعات وإلغائها. ولم تمض سوى أسابيع حتى عادت الممنوعات إلى مكانها.

وهناك ممنوعات قد لا تخطر ببال الصحفي كما حدث أيام الرئيس عبد السلام عارف. ففي أحد الأيام قالوا لي أن الرئيس عبد السلام عارف يريدك على الهاتف، ولما ذهبت لأتحدث معه وجدته في غاية الانزعاج وهو يصيح بأعلى صوته (أشو انتم وين عايشين أني راح أغلقها هاي وكالتكم)، حاولت تهدئة الرئيس لكنه ظل هائجا ومن خلال تهديداته فهمت أنه كان في مطار عسكري في كركوك عندما سمع من إذاعة بغداد خبرا يقول أن الثوار الفيتناميين قصفوا مطارا عسكريا.الذي أزعجه هو أن مثل هذه الأخبار تعلم العصاة في الشمال (هكذا كانوا يسمون الأكراد) أساليب جديدة في الحرب ضد الحكومة. وفي اليوم التالي جاءتنا تعليمات مشددة تمنع نشر أخبار يفيد منها (العصاة)!.

 

 

 


مشاهدات 887
أضيف 2022/10/04 - 4:08 PM
آخر تحديث 2024/11/23 - 5:45 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 6 الشهر 9924 الكلي 10053068
الوقت الآن
الأحد 2024/11/24 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير