الجواب عند المحكمة الجنائية العليا.. رد على توضيح الحقيقة في خواطر مغترب
علي آل طعمة
جاءت في موقع الزمان بتاريخ 9 ديسمبر ملاحظات الأستاذ عبد الله سليم آل ذنون تحت عنوان "توضيح الحقيقة في خواطر مغترب" مفنداً الوثيقة المنشورة في العدد 7449 في مقال السيد صالح آل طعمة ومتهماً الوثيقة بأنها مزورة ومن إنتاج الفوتوشوب.
ليت الأستاذ آل ذنون طرح أولاً السؤال عن مصدر الوثيقة، وليته بيّن لنا كيفية معرفته بأنها مزورة كي نعرف الوزن الذي يمكن نعطيه لملاحظاته. فهل هو مثلاً باحث ومؤرخ في شؤون الأجهزة الأمنية العراقية واطلع على الكثير من الوثائق منها أم أنه كانت له صلة أخرى بهذا الموضوع؟ لكني سأفترض حسن نية كاتب "توضيح الحقيقة" وأنه في ملاحظاته لا يقصد أن يقول بأن المعدومين صادق آل طعمة وأولاده توفوا وفاة طبيعية أو في حادث عرضي مثلاً أو أن النظام الحاكم في العراق آنذاك بريء من دمهم.
كان حرياً إذن بالأستاذ آل ذنون أن يسأل عن مصدر الوثيقة. وهنا أجيبه بأن مصدرها المحكمة الجنائية العراقية العليا التي أذاعت قناة العراقية إحدى جلساتها ومنها قراءة قاضي المحكمة لنص هذه الوثيقة حرفاً كما جاءت في العدد 7449 وقراءة قاضي المحكمة لنص هذه الوثيقة يمكن العثور عليه بسهولة على اليوتيوب.
(2008) الإعدام بالتيزاب المركز في زمن المقـبور صــدام حسين وحزبه - You.
Yube
محكمة جنائية
فمسألة تزوير الوثيقة من عدمها إذن
مبدئياً موجهة للمحكمة الجنائية، فإما أنها هي قامت بتزوير الوثيقة بالفوتوشوب (إذا افترضنا أنها مزورة) أم أنها انخدعت بوثيقة مزورة دون تمحيص، أو أن الوثيقة أصلية.. ولا أدري في الحقيقة إن كان فريق الدفاع للمتهمين أو المتهــــــــمون أنفسهم ردوا على أصلية هذه الوثيقة أو ما ورد فيها بأية ملاحظـات تشبه ما ذهب إليه الأستاذ آل ذنون في تفنيده لها، وبالتأكيد لا أريد الادعاء بالنيابة عن الأســـــــتاذ آل ذنون أنه يتهم المحكمة الجنائية العليا بالتزوير. فهو من يقرر إن كان يتهمها أم لا.
والسؤال والجواب عن مصدر هذه الوثيقة هي أهم نقطة في النقاش كله.
أنا لستُ رجل مخابرات ولم أكن، ولم أعمل يوماً موظفاً في الدولة العراقية وأجهزتها الإدارية أيام نظام الحكم السابق الذي انتهى في 2003 ولم أكن حتى راشداً في الثمانينات، وبالتالي ليس لي أهلية أن أحكم على النقاط 1 و 2 و 3 و4 من ملاحظاته.
لكــــنني سأعـــــــلق على النقاط 5 و 6 و 7 و 8. قوله "الربط في علاقة المذكورين رحمه الله مع الشهيد محمد باقر الصدر غير منطقي لأن الشهيد الصدر كان قد أعدم عام 1980 فهو أكثر الحجج الواردة في رده ركاكة وافتقاراً للمنطق.
المعدومون التقوا بالصدر وعبروا عن دعمهم عام 1979 قبل اعتقاله ثم إعدامه واستمروا في اتباع منهجه بعد ذلك، ولا يوجد منطقياً ما يمنع أن يُعدموا بعد ثلاث سنوات من ذلك اللقاء، ولم تدعي الوثيـــقة أن المعدومين التــــــقوا بالصدر أو تجسسوا له في سنة 1982 أي الســــــنة التي أُعدموا فيها.
أخطأ الأستاذ آل ذنون في مقالته بأن الإعدام محصور بالشنق للمدني، وبالرمي بالرصاص للعسكري أو من هو من جهة أمنية. لقد شاهدنا جميعاً بعد سقوط النظام أشرطة الفيديو (والتي أذاعتها قناة العربية على سبيل المثال) التي توثق إعدام النظام ضحايا عن طريق نسفهم بالمتفجرات، فالادعاء بأن الإعدام محصور بالشنق والرمي بالرصاص (حتى لو كانتا الوسيلتان الأكثر شيوعاً) غير صحيح إذ ثبت صوتاً وصورة أنهما ليستا الوسيلتان الحصريتان للإعدام.
الأستاذ آل ذنون أخطأ أيضاً في تأكيده بأن جميع الكتب حينذاك – أي في الثمانينات ] كانت تُكتب بالآلة الطابعة اليدوية ولا توجد بخط اليد. ما يُفند كلامه هو العديد من وثائق الأجهزة الأمنية العراقية التي تعود إلى الثمانينات التي وقعت بيد الثوار الأكراد في انتفاضة 1991 ومنها ما نُشر على سبيل المثال في ملحق كتاب صلاح الخرسان المعنون "حزب الدعوة الإسلامية حقائق ووثــائق" المنشور عام 1999. وفي ملحق الوثائق هذا (الذي يبدأ في صفحة 625 فما فوق) العديد من الكتب الصادرة عن الأجهزة الأمنية التابعة للدولة العراقية في شمال العراق ومنها مديرية أمن حلبجة وأمن السليمانية وكثير منها مكتوبة بخط اليد. والكتاب متوفر أونلاين.
نفس المصدر السابق وملحق الوثائق يُظهر لنا أن عدداً من هذه الكُتب تنتهي بعبارة "مع التقدير" رغم أنني لم ألاحظ بينها عبارة "الشكر والتقدير" التي اعترض عليها الأستاذ آل ذنون.
وما سلف من ردي على ملاحظات الأستاذ آل ذنون لا يُثبت بحد ذاته أصلية الوثيقة من عدمها ولكنه ينفي صحة ومنطقية بعض الملاحظات التي أوردها في تفنيده للوثيقة، ويبقى الأساس في حسم هذا الموضوع هو المحكمة الجنائية العليا. وربما يستطيع الأستاذ آل ذنون توجيه ملاحظاته لها.