الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
وباء العزلة المنزلية

بواسطة azzaman

وباء العزلة المنزلية

 رسل محمد عباس

 هل فكرتم يومًا بمشاركة حواء في عزلة نفسية ضمن رقعة البيت؟

أو هل خطر ببالكم الركون لمدة اسبوع في اروقة المنزل دون ضجر؟!...

سؤال وددت اثارته للرجال؛ آمِلة أن يكون ميزان تقبلهم لفكرة المكوث في البيت ضرورة وقائية ومحاولة للشعور بما تعانيه نصفهم الآخر. 

مِحنة وباء كورونا وما يتبعها من إرهاصات هي أشد ضراوة على الرجال، فهم أكثر المتذمرين من الحجر المنزلي، ففكرة العزلة قد تبدو مخيفة في حد ذاتها لمَن لم يعتدها. 

العزلة بمعنى الجلوس طويلاً في مكان واحد ويكون في الغالب بعيد عن خط سير الطبيعة التي تضج بالحياة خارج مكان الانعزال، والمتمثلة بــ ( الشمس، الهواء، الضوء، حميمية التجوال في الشوارع، التبضع من الأسواق، الذهاب الى العمل، لقاء الأصدقاء، زيارة الأقارب، تناول وجبة طعام في المطعم، شرب قهوة في الكافيه، وغيرها من مسالك حياتنا اليومية الحديثة)، كل هذا وغيره من متع الحياة اليومية أصبح محظورا لملايين البشر حول العالم، ومن ضمنهم فئة الرجال، فهم خط الدفاع الأول في مقاومة هذه العزلة والتباعد الاجتماعي.

فالرجل بأعتبارهِ كائنًا اجتماعيًا فهو الضحية المفترضة لهذا التقليد العالمي الذي القى مخالبه عنوةً على شريحة آدم، الذي بدأت تفرضه بعض الحكومات على الرجال والنساء وبقوة القانون، ومن لا يلتزم ويقاوم قرارات حظر التجوال أو العزل المنزلي، فإن العقوبة تأتيه غرامة مالية فضلًا عن الحبس.

و في ظل هذه الأجواء المشحونة، فإن الزوجة وفي هذه الأيام -بشكل خاص- تبذل جهودًا مضنية لترويض شريكها الرجل؛ وإقناعه بتقبّل واقعه ولو لفترة قصيرة، والتحلّي بمرافقتها في البيت!، هذا فضلاً عن واجباتها ومسؤولياتها التي أخذت تتفرّع مثل خيوط العنكبوت، لا سيما التأكد من نظافة المنزل وتعقيمه، أو توفير حياة منزلية جاذبة لأفراد الأسرة، سواء بإعداد الأطعمة المتنوعة، أو تلبية رغبات الطعام الذي فتح شهيته الحظر ( الملعون )، أو محاولة سد ثغرات أوقات الفراغ الطويلة لعائلتها... ألخ من الأعمال الأخرى. 

ووسط هذا وذاك وبين أم وأخت وزوجة وابنة يشرق نهار فيه الكثير من الواجبات والعديد من الالتزامات ازاء أب وأخ وزوج وابن، ولأن كفة الواجبات لا بد أن تكون عادلة، فأن الرجل يجتهد في خارج المنزل والمرأة تجتهد في داخله، ألّا أن التعاون سمة طيبة تكحّل وجه العناء بالفرح لمن يسديها لنا؛ لهذا نلاحظ أن العوائل التي تسود حياتهم المشاركة يبدون أكثر راحة وأشد استقرارًا. 

وهذه من النِعم التي نتمنى دوامها عليهم، ونحن اذ نحمل مبارِد اقلامنا ونكتب عمّا يعانيه المجتمع، ليس بالضرورة أن نقصد أنفسنا أو غيرنا من القلة الذين ربما تكسوهم الحياة الهادئة، وإنما نقصد تلك النسبة الكبيرة مِمّن يطالهم العناء والشقاء في واقعهم.

فقد فرضت سلطة الحجر الوقائي سطوتها على العديد من الدول ومنها العراق، وبينت للرجال كمية الاختناق الذي يطال المرأة بين هذه الجدران الصلبة، والتي يتعذر على الأكسجين اختراقها؛ مما سبب لهم أزمة وبائية تضاف إلى ( كرورنا ) اسمها الوباء المنزلي، ولكن يبقى الأهم من الحجر ولعناته، ما الدرس الذي تعلمناه كشعوب عامة والعراقيين خاصة من هذا القدر الذي حدّق بنا وطوق مفاصل حياتنا بسلاسل اقعدتنا في بيوتنا؟! ماذا استفدنا من هذا الدرس؟ وماذا قدمنا لانفسنا ولعوائلنا؟ وماذا سنفعل وكيف سيكون سلوكنا بعد إنتهاء سجن كورونا؟، هذا ما ستكشفه الأيام القادمة التي ارجوها أن تكون خالية من الازمات والخبيات التي يمكن أن تطالنا، والسلامة رجائي أن تبقى رفيقتكم.

 

 

 


مشاهدات 529
أضيف 2020/04/19 - 11:52 PM
آخر تحديث 2024/06/28 - 7:55 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 134 الشهر 134 الكلي 9362206
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير