أيام من العزلة

رايته طفلا في الخامسة من العمر ولربما اصغر بقليل، يحاول الكادر الطبي في هذا المكان ان يسيطروا على حركاته، لكنهم فشلوا  رغم كل المحاولات، كنت انظر اليه بتعجب واسمع كلماته يرددها   

امي... امي ..

يود الخروج من هذا الجحيم الذي نحن بداخله نتصارع مع الموت الذي ينتظرنا باية لحظة، لم يخف هذا البريء منه بل يحاول بشق انفاسه ان يتملص من الايدي، لم يىتهب للملابس التي يرتدوها كوقاية له من ملامسة اي منا نحن المصابين بهذاالوباء القاتل، جلست من نومتي لما واحهني الطبيب فاحصا اياي قائلا

_ اليوم انت احسن من الامس..وقبله. 

ابتعد عني خائفا لما خرحت نوبات السعال بصوتها الجاف حتى حاول طمانتي  قائلا 

كان سعالك لشد في الماضي القريب وتحاليلك يعني بتحسن.. 

لم تعجبني طريقة كلامه ولن ترق لي ليتبادر السؤال

- حالة الطفل يرثى لها.. 

رغم مرارة حالتي لكني حزنت عندما اجاب لقد كانت امه معه بالامس لكنها... 

سكت عن الاستمرار بالكلام وعرفت التكملة بنفسي، طوال الليل الفائت كنت استمع لانينها والمها بينما صوت الطفل لن ينقطع بتاتا لربما تحسس بفراقها الابدي،  كانت الحانا تعزف بطريقة جنائزية ادمعت عيني، اقترب لي شخصا لم اقدر التعرف عليه ولا حتى رسم صورته الا انني خمنت عمره لا يتجاوز الثلاثين عندما خاطبني قائلا

 - هيا لناخذ منك الدم... 

كل يوم هذا العمل يتكرر حتى سئمت روحي منه فقلت له

_ سينتهي دمي وينفذ.. 

ابتسم لي قائلا

_ لاجل صحتك.. نخاف عليك.. ونحن لا نبعد جهاز التنفس عنك مطلقا.. 

كنت ادرك ان كلام الذي سمعته من الطببب كان مجرد مخدرا لاعصابي التي قد تنهار باية لحظة، فابتسمت لارد عليه

_ عليكم الاهتمام بالطفل اكثر مني.. لانه بريء... 

قبل ان اكمل كلامي حدثت دربكة  بنفس مكان الطفل وصيحات ونداءات طالبين بجلب جهاز التنفس له، نهظت من مكاني بصعوبة وصحت 

تعالوا خذوا جهازي... اعطوه له.. 

تمركزت الانطار وتجمع الواقفين من الكادر الطبي، قائلين لي

- جسمك ووضعك لايساعد علينا ان نشغله لك،... 

انتفظت كالمعتوه و قبل ان انهض استجاب لي الدكتور وقال لي

_ بالحال.. استرح.. 

لمرور وقت طويل لم تنتابني اية نوبات سعال الا ان اذاني صاغية وعيني دامعة وانا اردد ويدي الى الاعلى قائلا

- اللهم الطف بهذا الوديع... 

وعافيه.. 

بقى لساني يكرر كل ماحفظته من ادعية على ظهر الغيب، اعيد لي جهازي وكلمات الطبيب يكررها قائلا

_ بوركت... نكرانك لذاتك شيء عظيم... 

فرحت كثيرا وكررت دعوتي بصوت عال

_ يارب... فرج عزلته.. واخرجه منها انك على كل شيء قدير...

هادي عباس حسين - بغداد