الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
طفولة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التعداد

بواسطة azzaman

طفولة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬التعداد

فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام

 

الاهتمام‭ ‬بالطفولة‭ ‬ليس‭ ‬موضوعاً‭ ‬عابراً‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬رياض‭ ‬الأطفال‭ ‬او‭ ‬المدارس،‭ ‬كما‭ ‬يتصوّر‭ ‬بعضهم،‭ ‬انه‭ ‬قضية‭ ‬أمن‭ ‬قومي‭ ‬للبلد‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬النظر‭ ‬الى‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭.‬

والتعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان‭ ‬الأخير‭ ‬اظهر‭ ‬انّ‭ ‬نسبة‭ ‬الذين‭ ‬تقل‭ ‬أعمارهم‭ ‬عن‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاما‭ ‬هي‭ ‬36‭.‬1‭ ‬بمعنى‭ ‬انها‭ ‬نسبة‭ ‬الطفولة‭ ‬في‭ ‬الوضع‭ ‬الديمغرافي‭ ‬العراقي‭ ‬الحالي‭. ‬وهذه‭ ‬النسبة‭ ‬تحتاج‭ ‬الى‭ ‬جلاء‭ ‬تفصيلات‭ ‬دقيقة‭ ‬من‭ ‬السلطات‭ ‬التخطيطية‭ ‬التي‭ ‬تولت‭ ‬الإحصاء‭ ‬العام‭. ‬اذ‭ ‬هناك‭ ‬نسب‭ ‬خارج‭ ‬سن‭ ‬القبول‭ ‬برياض‭ ‬الأطفال‭ ‬او‭ ‬المدارس،‭ ‬كما‭ ‬هناك‭ ‬نسبة‭ ‬متسربة‭ ‬من‭ ‬المدارس‭ ‬الى‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬الشرعي‭.‬

الطفولة‭ ‬ذخيرة‭ ‬البلد،‭ ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬نواجه‭ ‬مخاطر‭ ‬تأثيرات‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬على‭ ‬الأطفال‭ ‬منذ‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين،‭ ‬وحين‭ ‬اندلعت‭ ‬الحرب‭ ‬العام‭ ‬2003‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬أطفال‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬نجدهم‭ ‬اليوم‭ ‬قد‭ ‬مرّوا‭ ‬عبر‭ ‬حروب‭ ‬ومتغيرات‭ ‬داخلية‭ ‬شتى‭ ‬ووصلوا‭ ‬الى‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬او‭ ‬الحياة‭ ‬العامة،‭ ‬وهذا‭ ‬ملف‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تركه‭ ‬ذائبا‭ ‬في‭ ‬صخب‭ ‬عام‭. ‬السلطات‭ ‬الحكومية‭ ‬ينبغي‭ ‬ان‭ ‬تقف‭ ‬بالتحليل‭ ‬والتدقيق‭ ‬واستخلاص‭ ‬التجارب‭ ‬امام‭ ‬مسار‭ ‬التطور‭ ‬العددي‭ ‬والعُمري‭ ‬والوظيفي‭ ‬لحقبة‭ ‬معينة‭ ‬مرصودة‭ ‬فيها‭ ‬وضعية‭ ‬الطفولة،‭ ‬ثمّ‭ ‬يجري‭ ‬تتبع‭ ‬عوامل‭ ‬التأثير‭ ‬السلبي‭ ‬والايجابي‭ ‬على‭ ‬شخصية‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬الخارج‭ ‬من‭ ‬نتاج‭ ‬تحولات‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬قلما‭ ‬مرّ‭ ‬بها،‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشكل‭ ‬الكثيف،‭ ‬أي‭ ‬طفل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الجوار،‭ ‬باستثناء‭ ‬سوريا‭ ‬وفلسطين‭.‬

هناك‭ ‬بعض‭ ‬الورش‭ ‬والدراسات‭ ‬الجامعية‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬تناقش‭ ‬ظواهر‭ ‬وتحولات‭ ‬الطفولة‭ ‬الا‭ ‬انّ‭ ‬الامر‭ ‬يختلف‭ ‬بعد‭ ‬توثيق‭ ‬الحالات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعداد‭ ‬العام‭ ‬للسكان،‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬وقفات‭ ‬جديدة‭ ‬او‭ ‬إعادة‭ ‬الحياة‭ ‬لدراسات‭ ‬جامعية‭ ‬وتخصصية‭ ‬طواها‭ ‬النسيان،‭ ‬وكانت‭ ‬نتاج‭ ‬جهود‭ ‬فردية‭ ‬وآن‭ ‬الأوان‭ ‬لكي‭ ‬تعنى‭ ‬بها‭ ‬مؤسسات‭ ‬التخطيط‭ ‬والفاعلية‭ ‬في‭ ‬الدولة‭.‬

الطبقة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬البلد‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬ان‭ ‬تتخيل،‭ ‬وليس‭ ‬ان‭ ‬تتوقع،‭ ‬انّ‭ ‬أطفال‭ ‬الحاضر‭ ‬سيكونون‭ ‬قادة‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولكن‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬الإرث‭ ‬السياسي‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬القدر‭ ‬من‭ ‬الفساد‭ ‬والتشرذم‭ ‬والتردي‭ ‬والتجهيل‭ ‬وإشاعة‭ ‬الخرافات،‭ ‬فإنّ‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬نحلم‭ ‬به‭ ‬لن‭ ‬نراه‭ ‬ابداً‭.‬

 

 

fatihabdulsalam@hotmail.com

رئيس‭ ‬التحرير‭-‬الطبعة‭ ‬الدولية


مشاهدات 156
الكاتب فاتح‭ ‬عبد‭ ‬السلام
أضيف 2024/12/07 - 1:28 AM
آخر تحديث 2024/12/12 - 3:03 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 433 الشهر 5101 الكلي 10061196
الوقت الآن
الخميس 2024/12/12 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير