العراق في أرقام.. كيف يُعيد التعداد صياغة الحاضر والمستقبل؟
نوري صباح الدليمي
يُعد التعداد العام للسكان والمساكن أداة حيوية في رسم السياسات التنموية وتوجيه الموازنات بشكل فعّال. فهو يوفر بيانات دقيقة حول التوزيع السكاني، التركيبة العمرية، ومستوى المعيشة، مما يساعد في تحديد الاحتياجات وتوجيه الموارد بشكل مثالي. كما يُمكّن من تقييم فعالية البرامج الحكومية وتحديد المجالات التي تتطلب تحسينًا.
معلومات دقيقة
لطالما أكدتُ أن التعداد هو «صورة فوتوغرافية للحظة زمنية معينة»، تعكس واقع المجتمع بكل تفاصيله. فمن خلاله، نحصل على معلومات دقيقة حول عدد السكان، توزيعهم الجغرافي، ومستوى الخدمات المتاحة لهم. هذه البيانات تُعتبر أساسية في وضع الخطط التنموية وتوجيه الموازنات بما يتناسب مع الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء، بلغ عدد سكان العراق حوالي 40 مليون نسمة في عام 2020، مع معدل نمو سكاني سنوي يقارب 2.6بالمئة. هذه الأرقام تُبرز الحاجة الملحّة لتحديث البيانات السكانية لضمان دقة التخطيط وتوجيه الموارد، خاصة وان آخر تعداد سكاني شامل أُجري في العراق كان عام 1997، مما يعني أن البيانات المتاحة قديمة ولا تعكس الواقع الحالي. هذا التأخير في إجراء التعدادات يُعيق عملية التخطيط ويؤثر سلبًا على تنفيذ المشاريع التنموية.
خلال فترة عملي كوزير للتخطيط، عملتُ مع فريق وطني متميز على التحضير لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن. وتمكّنا وقتها من تحقيق نسبة إنجاز بلغت 60 بالمئة من التحضيرات، بما في ذلك إطلاق مراحل الترقيم والحصر، وتدريب الكوادر البشرية اللازمة. هذه الجهود كانت تهدف إلى توفير بيانات دقيقة وشاملة تدعم عملية التخطيط واتخاذ القرار.
وهنا أُشيد بالجهود المستمرة التي تبذلها الكوادر الوطنية في التحضير لإجراء التعداد. فإجراء تعداد دقيق وشامل سيمكن العراق من وضع سياسات تنموية فعّالة، وتوجيه الموازنات بشكل يتناسب مع الاحتياجات الحقيقية للمجتمع، وتحقيق التنمية المستدامة في جميع القطاعات.
انجاز تعداد
في الختام.. إن نجاح التعداد يعتمد بشكل كبير على تعاون المواطنين مع الجهات المعنية. التجاوب الإيجابي وتوفير المعلومات الدقيقة يعكسان روح المسؤولية الوطنية، ويسهمان في إنجاز التعداد على أكمل وجه. هذا التعاون ليس فقط مسؤولية، بل واجب وطني يساهم في بناء عراق قوي ومستقر للأجيال القادمة.
وزير التخطيط الأسبق