وجهة نظر عما كتبه جمال العتابي.. مذكرات نزار حمدون رحلة حياة دبلوماسي
حسن الزيدي
أولا--تفضل الزميل الدكتور جمال حسن العتابي وارسل لي ثلاثة مقالات كتبها ونشرها عن مذكرات المهندس العراقي المرحوم نزار حمدون الذي ولد في محافظة نينوى عام 1944 وتوفي في 4 تموز 3003 في واشنطن فيما صدرت مذكراته بعنوان (رحلة حياة دبلوماسي) في 600 صفحة عن دار الحكمة في لندن في عام 2024 أي بعد 21عاما واشرف علي جمعها زميله الفلسطيني الاروذودوكسي الأميركي الجنسية الدكتور المهندس (عودة ابوردينة) للاطلاع عليها وابداء ملاحظاتي عليها وليس علي المذكرات الاصلية التي لم اطلع عليها حتى الان.
ثانيا-فهمت من المقالات الثلاثة للزميل جمال ما يلي:
اجادة الغربية
1 -أشار الزميل الدكتور جمال بانه في عام 1955بلغ نزار حمدون 11 عاما وتم قبوله في (كلية بغداد الاهلية اليسوعية الاميركية التي تأسست عام 1932) واشرف عليها في بداية الأمر 4 أساتذة يسوعيين احدهم من مالطا يجيدون العربية وصار عددهم لاحقا 32 أستاذا وكانت مدعومة من (البابا بي الحادي عشر) وبدأت ب 107 طالبا اعمارهم 11عاما فما فوق منهم يهودا وصابئة ومسيحيين واولاد دبلوماسيين أجاب وعرب إضافة الى بعض المسلمين الذين منهم على سبيل المثال علي العلوي ومنير كردار وليث كبة صار مستشارا ونظمي اوجي صار تاجرا واياد علاوي صار طبيا وبعثيا ورئيس وزراء واحمد الجلبي صار دكتوراه في الرياضيات وعادل عبد المهدي صار بعثيا وشيعيا ورئيس وزراء وكنعان مكية صار مهندسا معماريا وريمون شكوري ( صار دكتوراه في الرياضيات) ومثال الالوسي صار سياسيا ونزار حمدون صار مهندسا وعمر فاروق الدملوجي صار طبيبا وحتى بعد تعريقها عام 1969 درس فيها قصي محمد رؤوف العبيدي والدكتور مشتاق طالب ونبيل سبهان وبلال عبد الله والصيدلي مصطفى العباسي والطبيب صادر الراوي وعمر سبعاوي وعدي وقصي صدام حسين وغيرهم وغيرهم. كانت الدراسة فيها في الإنكليزية وفي داخلها كنيسة للمسيحيين ولا يوجد فيها مقراتا لطلبة الأديان الأخرى كما هومألوف في بعض الجامعات البريطانية ومنها مدينة نيوكاسل حيث شاهدت جناحا خاصا عليه لوحة تمثل رموز كل الأديان ومفتوحة للجميع الطلبة. كما كانت المدرسة توفر سيارات خاصة صفراء اللون تنقل الطلبة بين بيوتهم والمدرسة والعودة وهم شبه معزولين عن حياة وهموم عامة الشعب أي انهم طلبة مدللين في بلد كانت الامية فيه حتى عام 1970 لا تقل عن 30 وتزيد أكثر بين النساء
2 -أشار الدكتور جمال بانه في عام 1959 صار عمره 15 عاما وانظم لحزب البعث لربما كرد فعل بسبب الاحداث الدموية التي جرت في الموصل بعد احتفالات الشبيبة الشيوعية الديمقراطية.
3 - أشار بانه في عام1962صار عمره 18عاما وأنظم للاتحاد الوطني لطلبة العراق التابع لحزب البعث الذي تأسس في ذلك العام وكنت انا عضو فيه علما بان اتحاد الطلبة العراقية تأسس في نيسان 1948
4 -أشار بانه بين19621972 درس نزار في كلية الهندسة في بغداد وحصل على بكالوريوس هندسة معمارية ولم يشير في أي مؤسسة عمل وماهي اعماله الهندسية المعمارية؟
5 - أشار بانه في عام 1964 أي عندما صار عمره 20عاما انظم بصفته بعثيا (لمجموعة حنين السيئة الصيت) التي لا اعرفها ولكنني اسمع بانها تظم بعض الاشقياء من البعثيين منهم صدام حسين وعبد الكريم الشيخلي وسعدون شاكر والاخوين جبار وستار وغيرهم من الاشقياء لتهديد واغتيال من يعارضهم من البعثيين ومن القوى السياسية الأخرى علما بان صدام بقي يتصرف ويمارس عمليات الاغتيالات حتى اسقاطه في عام 2003 لانه لم يكن يعرف معنى وقيم وقواعد وعلوم السياسة بل يتصرف كرئيس عصابة حنينية
6 -لم يشير الزميل جمال عن حياة نزار بين السنوات العشرة الممتدة بين 19731984اين قضاها وماذا عمل ؟
7 -بين 19841988 صار المهندس نزار سفيرا للعراق في الولايات المتحدة التي تعتبر اهم سفارة في العالم والعلاقات الدبلوماسية العراقية معها كانت مقطوعة منذ عام 1967مما يثير من وجهة نظري تساؤلات كثيرة عن سبب اختياره لهذا المنصب الهام خاصة وهو مهندس وليس حقوقيا ولا مؤرخا ولاباحثا ولا مختصا في علوم السياسة والاتفاقيات والمراسلات والمفاوضات والهدنة والسلام والاستسلام خاصة وان العراق دخل في في مطلع أيلول 1980 في حرب مع إيران.. ويبدو لي بان صدام هو الذي اختاره لانه يعرفه كأشقياء اكثر منه مهندسا ومن المقربين للمخابرات والذين لا يعترضون ولا يناقشون بل ينفذون. لقد اعتمده كسفير عراقي الرئيس الجمهوري المتصهين رونالد ريكان حكم مرتين بين 1981 1988 واستمر في تأدية أدوارا خطيرة في اطالة امد الحرب لأقصى فترة ممكنة خدمة لإسرائيل والصهيونية العالمية من خلال بيع المزيد من الأسلحة بأسعار عالية وشراء نفط العراق وايران ودول الخليج بأسعار واطئة ولإنهاك الشعبين العراقي والإيراني ولتأجيج الصراع العربي الفارسي.
8-أشار الزميل جمال بان نزار أشار بأنه في 9 تموز 1980 اجتمع في قرطاجة في اسبانيا وفد أميركي شارك فيه الجنرال المجرم رامسفلد والإستراتيجي الصهيوني البولوني الأصل بيرجينسكي والصهيوني اداور كابي مستشار الرئيس ريكان مع وفد عراقي ضم فاضل البراك مدير الامن العام والمهندس خالد عبد المنعم رشيد رئيس ديوان راسة الجمهورية والعقيد الركن صار عبد العزير الدوري وفاروق حجازي لتزويد العراق ببعض (الخرائط الوهمية )ليس عن منشأت إسرائيلية بل إيرانية وتم فتح مكتب ارتباط أميركي – عراقي في الأردن. كما اشتهر المجرم ريكان بما يعرف ( بفضيحة ايران- كونترا) في عام 1986حيث باعت ادارته أسلحة الى ايران مقابل استخدام نفوذها على حزب الله لإطلاق سراح رهائن اميركان وتحويل مبلغ الصفقة الى (عصابات الكوونترا في نيكاراغوا) التي كانت تقاتل الرئيس اليساري عمانوئيل نورييغا واشرف على العملية جون بوين دكسستر مستشار الامن القومي.
9- أشار الزميل جمال بانه جاء في مذكرات نزار بانه علم بجريمة اغتيال الفريق الركن الطيار حردان التكريتي احد أعضاء حركة الضباط الاحرار ونائب رئيس الجمهورية في 30 اذار 1971في الكويت وشاهد القتلة الذي تم ارسالهم في صناديق سيارات دبلوماسية من البصرة وعادوا بها إليها.
10- أشار الزميل جمال بانه في 30 اب 1987 أي قبل عام من انتهاء الحرب العراقية الإيرانية تم نقل المهندس نزار بعد ان نشرت مجلة واشنطن بوست صورة له على غلافها الاول على انه (افضل سفير عربي ) وهي على حق لانه كان مسلكيا وينفذ ارادات صدام وطارق عزيز والمخابرات
.اشار الزميل جمال بان المهندس نزار أشار بانه زار 36 ولاية من اصل 50 ولاية أميركية ليس للتعريف بالعراق وقضاياه ومحنه وما يتعرض له الشعب من حصار اقتصادي شامل وظالم بل كان شبه سائح مستعملا الطائرات والقطارات والبواخر بأموال العراق فكان نقله (من وجهة نظري) ليس عقوبا ولانفيا كما جرى لبعض المسؤولين في الحكومات العراقية ومنهم الطبيب عزت مصطفى بل صار وكيل وزارة الخارجية للشؤون الأميركية والاوربية
اتفاقية دفاع
-أشار الزميل جمال بانه في 20 تموز 1990 حضرنزار بصفته وكيل وزارة الخارجية عن الشؤون الأميركية مع طارق عزير عندما التقت السفيرة الأميركية (الانسة ابريل كلاسبي ) بصدام حسين لتستأذنه بالسفر لبلادها واوحت له بشكل غير مباشر بان الولايات المتحدة لا تتدخل في الشؤون العربية –العربية وليس لها اتفاقية دفاع مشترك مع الكويت ففهم صدام الذي لا يعرف من السياسة شيا بانها خولته لارتكاب جريمة ليس لاحتلال الكويت واستعمارها كما تفعل الدول في الغالب بل اعتبرها عملية انتقامية وغزو وسلب ونهب وسرقة أموال الناس وتحطيم مؤسساتها وساهم بها حسين كامل وعلي المجيد وعزيز النومان ومأتا من التجار الذين اثروا من أموال الكويت وتشريد اكثر من عدة الاف فلسطيني وعربي واسوي. كما انها عملية تتناقض مع مبادئ حزب البعث الذي حوله صدام لحزب سلالة تكريتية.
- أشار الزميل جمال بان المرحوم نزار بقي يشغل وكيل وزارة الخارجية بين 1987حتى تقاعده عام2001 وانا لا اعرف مسؤولا بعثيا بدرجة وزير في عهد صدام استقال لانه اما ان يطرد او يقتل في حين ان صاحبنا حصل على تقاعده وكان عمره (56-57) أي في عز العطاء والنضوج الإداري ولم يذهب لمدينته نينوى بل للولايات المتحدة ليتوفي فيها في 4 تموز 2003 أي بعد6 اشهر و14 يوما من الاحتلال الأميركي للعراق. .كما أشار الزميل جمال بأنه تم نشر الكتاب في عام 2024 اي بعد وفا ته ب 19- 20 عاما وقام بنشرها الدكتور المهندس الأميركي الفلسطيني الأصل الاروذودوكسي (عودة أبو ردين) ويفقدها كثيرا من المصداقية لأنني افترض بانه أضاف وحذف بما يناسبه.
ثالثا-من وجهة نظري كبعثي بين 1956 1988 لم ار ولم اسمع بالمهندس نزار الا عندما صار سفيرا للعراق في الولايات المتحدة واستغربت لانه لم يكن لامفكرا ولا مناضلا بالمعني النضالي الوطني ولا قانونيا ولا مؤرخا بل كان فقط يجيد الإنكليزية والطاعة والعمل المسلكي وليس الإبداعي ولم يكن دبلوماسيا ناجحا لان الدبلوماسي الناجح الذي له مواقفا واجتهاداتا دبلوماسية لوطنه والوطن الذي هو فيه خاصة اذا كان البلدين في صراع سياسي وان يكون له حضورا مع 57دبلوماسيا يمثلون المجموعة العربية والإسلامية كما كان يفعل مثلا السفير السوري في إيطاليا الزميل فاروق الشرع والسفير العراقي الدكتور الدستوري إسماعيل مرزا أبا هديل الذي تشرفت وعملت تحت ادارته في روما وكما كان يفعل الدكتور محمد المشاط في النمسا وفرنسا حيث عملت معه في لجنة ثقافية وكما فعل محمد سعيد الصحاف عندما كان سفيرا في الهند وكتب دراسة غنية وقرر مكتب الثقافة والاعلام القومي تعميمها على الرفاق في الحزب ليستفيدوا منها. كما انني لاحظت السفير العراقي السابق في باريس الدكتور إسماعيل الراوي قد كسب ود واحترام غالبية الجالية العراقية وكثيرا من السفراء العرب وله علاقات حسنة مع وزارة الخارجية الفرنسية.
رابعا-افتخر بانني عندما كنت مستشارا صحفيا في إيطاليا بين 19771979اصدرت مجلة دورية بالعربي والإيطالي بعنوان بلاد ما بين النهرين تضمنت مواضيعا تاريخية وموضوع التجربة الناجحة لمحو الامية في العراق ونشرت فيها صورة الرئيس احمد حسن البكر وصورة وزيري المباشر سعد قاسم حمودي وصورة محمد محجوب وزيرالتربية ورئيس اللجنة العليا لمحو الامية في العراق ولم انشر فيها صورة صدام حسين الذي كان الرئيس الفعلي للبلاد ليس للتقليل من دوره بل تصورت بانه ليس طرفا في لجنة محو الامية التي اقترحها وقادها الرئيس المرحوم الرءيس البكر وقد جاءني شكر من وزيرالتربية وعممته وزارة الخارجية بتوقيع وكيل الوزارة لطفي علي كل سفاراتنا في العراق لحذو حذو المستشار الصحفي في روما حسن كرمش الزيدي وهومنشور في كتابي الذي سوف يصدر قريبا. كما ان الرفيق المرحوم سعد قاسم حمودي ارسل لي بدوره شكرا بعد ان اعددت له مؤتمرا صحفيا في مقر جمعية الصداقة العراقية الإيطالية عند قدومه المفاجئ مع الوفد المرافق له من تونس مرورا بروما ومع ذلك طلب مكتب المخابرات ليس من مسؤولي الإداري المباشر وهوالرفيق سعد بل من المكتب الثقافي القومي بنقلي بناء على مقتضيات المصلحة العامة ولم تشفع لي الا جملة كتبتها في اخر تقرير كتبته عن ملخص اعمالي في إيطاليا لعامين ونصف ويضم 17صفحة وهي مقولة للرفيق النائب صدام حسن تقول ( وانت تعمل بالممكن لا تنسى الطموح).
خامسا -باختصار اعتقد بان المرحوم المهندس نزار حمدون كان بيدقا في شطرنج فيه الوزير المراوغ المرحوم طارق عزيز والملك المتغطرس المرحوم صدام حسين ومذكراته تخلوا من قيما ودروسا وعبرا دبلوماسية لانه لم تكن للعراق دبلوماسية تتناسب مع تاريخه وحجمه ولا مع مبادئ حزب البعث العربي الاشتراكي التي يفترض ان تؤمن بالتضامن العربي وحسن الجوار وعلاقات دولية متوازنة بل كانت منذ ان انفرد صدام بالحكم عام 1979 بعد ان ابعد وعزل وقتل معظم القيادات التاريخية المدنية والعسكرية للحزب وصار يتصرف حسب اهواءه وانفعالاته فلم يكن للعراق صديقا واحدا لا عربيا ولا إقليميا ولا دوليا. تحياتي للزميل الدكتور جمال العتابي الذي يحاول ان يظهر افضل ما في المذكرات كما فعل مع مذكرات الرفيق العزيز الدكتور محسن الشيخ راضي والتي كانت بعنوان (كنت بعثيا) ويحث القيادات العسكرية والسياسية والاجتماعية لتكتب مذكراتها ليعبر كل منها عن تجاربها واجتهاداتها
عن مجموعة الواتساب