حوار بين الحشرة والشجرة
فراس الحمداني
الحشرة كائن صغير يتحرك لمسافة محدودة يمكن دهسه بالأحذية وينتهي أمره خلال لحظات ولا يعرف مصيره لأنه لن يكون له من بقايا فقد تساوى جثته بالطين أو الأوراق والتراب ويضيع إلى الأبد ولا صوت يلفت الإنتباه له ولا يميزه الناس من بين الأصوات الكثيرة عادة في الحديقة أو في الغابة يحتاج إلى وقت طويل ليعثر على طعامه أو ليأكل من ورق الشجرة الباسقة ولا يستطيع الوصول إلى أي مكان فيها وهو ينظر إلى الشجرة ويشتمها ولكنها لا تسمعه ويطيل النظر إليها وهي لا تراه لصغر حجمه وتواضعه في الحياة بمعنى آخر لا أهمية له في مقابل بقية الحيوانات والأشجار والمخلوقات جميعها وهو موجود لحكمة بالغة دون التقليل من القيمة الإعجازية لخلقه لأن الله سبحانه وتعالى يقول : إنا كل شيء جعلناه بقدر .
في المقابل فإن الشجرة كائن مختلف يحتاج إلى مساحة كبيرة من الغابة ليتمدد فيها وكمية من الماء ليتم ريه وسقيه والشجرة فيها مئات والاف الأغصان وربما عشرات آلاف الأوراق وساق الشجرة كبير وممتد وعظيم يعادل ملايين وربما مليارات الحشرات التي تتجمع حول الشجرة وتحاول تسلقها أحياناً كثيرة وكما قلت فلا قيمة للحشرة في مواجهة الشجرة وعادة ما تكون الشجرة مثمرة ، وكلما رميت بحجر أو بشيء ما تساقط منها بعض ذلك الثمر وتمدد وإنتشر وتناول منه الناس ما يكفيهم من طعام وقد تأكل منه الحيوانات وحتى الحشرات التي تسرح في الغابة وتعيش ولولا الشجرة لماتت الحشرة جوعاً أو برداً أو غرقاً . الشجرة مفيدة في كل شيء ولكل شيء بينما الحشرة فقد تكون مؤذية وسامة وغير نافعة إلا لمن يعرف ما هو نفعها من العلماء والباحثين .
هذه الحشرة التافهة تحاول غالباً القيام بأفعال وأعمال مؤذية وتظن إنها تؤثر في الشجرة وفي غيرها وتلفت الإنتباه بل وأن بعض الأشخاص يشبهون هذه النوعيات من الحشرات حين يظنون أنفسهم كبارا ويتوهمون العظمة وهم يشبهون في حالهم ما يقوله المثل الشهير : ذبابة مصابة بداء الفيل ، وتظن نفسها كبيرة للغاية وعظيمة . ويتوهم بعض الأشخاص إنهم وصلوا إلى مراحل متقدمة في الوصول والحصول على ما يريدون بينما هم في الحقيقة لا يمتلكون الكثير من الإمكانات والأشياء والمواهب والعلوم وقد لا يملكون شيئاً ولكنهم يعيشون في زمن الفوضى التي تجعل من الأعمى يقود ومن الأعرج يركض ومن الأحمق مفكرا لإختلاط الحابل بالنابل وإنتشار الجهل والتخلف والأمية والضياع والفساد وعدم وضوح الهوية فتكون الأشياء كلها مرتبطة ببعضها بطريقة عبثية نتيجة للجهل والتخلف وسيطرة المارقين والتافهين وتحكمهم بشؤون الناس ولكنهم برغم ذلك لا يستطيعون إثبات أنهم الأفضل والأحسن والأجدر بالقيادة وإدارة الحياة لأن ما يملكونه وهم وليس حقيقة ولا قدرة لهم على فعل شيء حقيقي .