الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ردة فعل متوتّرة..  وحوار مناكفة

بواسطة azzaman

ردة فعل متوتّرة..  وحوار مناكفة

 

نزار محمود

 

أجلس في عربة قطار متنقلاً في برلين. في احدى المحطات يدخل رجل خمسيني يزين اذناه بأقراط. بعفوية اشمئز منه وأشعر انه جرح إحساسي! لماذا؟

سأحاول محاورة ذلك مع نفسي.

لما الاشمئزاز من رجل يحمل أقراطاً ولم يبد عليه عداوة للآخرين، ولا يجبر أحداً على ذلك، يحملها لأنها أعجبته، أو وجد فيها راحة نفسية من نوع ما، أو لهذا السبب أو ذاك.

ولكنها تجرح الذوق العام! (أناكف ما ذهبت اليه).

كيف؟

لقد اعتدناها عند النساء، نحن معشر الرجال، وأنكرناها عند الرجال تخنثاً!

ولما تنكرها على الرجال؟

هكذا تربينا، وهكذا ساد ذوقنا العام.

ولكن، ألا تجد في ذلك تجاوزاً على الحريات الشخصية؟

ان هذه الحرية الشخصية تشجع على التمرد على عاداتنا وتقاليدنا!

وهل في ذلك ما يهدد بخطر على مجتمعنا؟

بالتأكيد. فللعادات والتقاليد فعلها في استقرار مجتمعنا وضبط ايقاع علاقاته.

حتى ولو كان ذلك على حساب قهر الناس في ميولهم ورغباتهم؟

نعم، فللآخرين حقوقهم على بعضهم البعض في مراعاة مشاعرهم ومجاراة أذواقهم.

هذا يعني أننا سنبقى كمياه راكدة في بركة الحياة. وكما تعلم فإن المياه الراكدة تتعرض الى العفن فتصبح غير صالحة للحياة.

وهل يستوجب ذلك تحريكها بما يثير أوحال قاع الأرض فيعكرها فتغدو مياه آسنة؟

أنتم الراغبون بركود المياه ربما وجدتم فيها الراحة وسلامة قواربكم رغم سيرها الحثيث.

أليس ذلك بأفضل من هيجان المياه ومصارعة أمواجها؟

لا أعتقد ذلك، ولا ينبغي أن تبقى الحياة تدور حول نفسها فلا تتقدم.

ولكن: ما الذي تعنيه بتقدم الحياة؟

تقدم الحياة يعني أن تعيش الجديد كل يوم فيها. فما أمل أن تعيش دون أن تشهد اليوم ما يغاير ما عشته يوم أمس!

وما الذي يضمن لك أن ما سيأتي به الغد هو أكثر اثارة وسعادة للإنسان؟

هذه سنة حياة البشر في أجيالها التي لا تحدها سنوات العمر.

وفجأة، أفيق من حواري، فأجدني قد تجاوزت محطة وصولي كثيراً!!

للحوار بقية

 


مشاهدات 75
الكاتب نزار محمود
أضيف 2024/10/16 - 10:32 PM
آخر تحديث 2024/10/18 - 7:38 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 95 الشهر 7300 الكلي 10037023
الوقت الآن
الجمعة 2024/10/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير