الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الصيت لبناني والفعل جزائري

بواسطة azzaman

الصيت لبناني والفعل جزائري

 

فؤاد مطر

 

في المشهد الإنتخابي الرئاسي الدولي _ العربي الحافل بمحطات من الجد والهزل والرقي والإنحدار وبالذات محطة الكباش اللساني القابع بين الجمهوري ترمب والديمقراطي هاريس وبين رموز العمل الحزبي والسياسي في لبنان الذين نالوا من بعضهم البعض دون أن يؤدوا الواجب الملقى على عاتقهم وهو إنتخاب رئيس للجمهورية.. في المشهد هذا يسجل الجزائري وعلى رغم عدم إرتفاع نسبة الإقتراع أمثولة في أصول أداء الواجب نحو الوطن ويختار أقل من نصف الأربعة والعشرين مليوناً يحق لهم الإقتراع المرشح الرئيس عبدالمجيد تبون المتبقي على بلوغه التاسعة والسبعين ثلاثة أشهر رئيساً لمدة خمس سنوات لن تتجدد بطبيعة الحال لأن الرجل على نحو ما صدر عنه من كلام في بعض مجالسه يحسب الحساب بالنسبة إلى أهمية العمر واللياقة البدنية لدى من يترأس، وكأننا بكلامه هذا يؤاخذ كما أطياف جزائرية تمثل المجتمع والنُخب خير تمثيل رمزيْ البقاء الطويل ترؤساً: الرئيس هواري بومدين الذي أمضى أحد عشر عاماً رئيساً وكانت نفسه أمَّارة بالمزيد لولا أن وضعه الصحي تدهور ومن دون أن ينفع العلاج السوفياتي.

ولاية واحدة

 وحاله هذه من حال الرئيس بدالعزيز بوتفليقة الذي لم يكتفِ بولاية واحدة ثم بثانية تلتها ثالثة ورحل بعدما بلغ المرض أشده، وكان وهو على سرير العلاج في المستشفى الفرنسي بعد السويسري يتطلع إلى العودة لكي يجدد الرئاسة للسنة العشرين، لكن ما كان يتطلع إليه لم يتحقق وأكرمه الرئيس بتون بأن وجَّه بدفنه كما بن بيللا من قبل في مدفن أبطال الإستقلال. وحذا الرئيس الشاذلي بن جديد حذو بوتفليقة لجهة طول الترؤس لتتوقف عقارب ساعة الترؤس عند الرئيس الحالي عبدالمجيد بتون الذي يحمد الله على أنه خاض جولة التجديد وفاز بها. ومع أنه كان يتمنى إرتفاعاً ملحوظاً في نسبة المقترعين إلا أن «الله غالب» على نحو القول المغاربي مع الدعاء بأن يمضي خمس سنوات جديدة رئيساً ثم يسلم الأمانة إلى من يصون العهد ويبقي البلاد في وضع نسبي من الاستقرار ومن العلاقات الجيدة التي بناها مع روسيا والصين والولايات المتحدة وسيواصل السعي لتصحيح العلاقة مع فرنسا التي إعترضت على إعتماد اللغة الإنكليزية ظانة أنها ستأخذ مع كثرة الإقبال عليها من اللغة الفرنسية التي يتكلمها الجزائري ممزوجة بالعربية، فضلاً عن إهتمام ملحوظ في الشأن الفلسطيني كما سبقوه في إبداء الاهتمام ومعالجة إنقسام الصف بين سُلطة «فتحية» مستكينة وحركة «قسَّامية» ثائرة راهنت في غياب التبصر على إيران فكان الذي تعاني الأمتان من ويلاته وتداعياته.

وأمام الرئيس المتجدد عبدالمجيد تبون الإستحقاق الأهم الذي يتطلع إلى كتابة صفحة ثابتة فيه بأحرف وفاقية، ونعني بذلك ترسيخ العلاقة مع المملكة المغربية ومؤازرة التوجه الليبي نحو توحيد الصف والجيش والحكومة في الدولة الجارة تساعده في ذلك تونس التي هي الأخرى على موعد مع إستحقاق قيسي شابه للإستحقاق البتوني. وبالنسبة إلى ثبات صفحة العلاقة مع المغرب فإن المبادرة الطيبة قائمة رغم مرور بضعة أشهر عليها وتتمثل في عبارة أوردها الملك محمد السادس يوم السبت 31 يوليو/ تموز 2021 في خطابه لمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لجلوسه على العرش حيث قال «إن المغرب والجزائر أكثر من دولتيْن جارتيْن.. إنهما توأما متكاملان وإن أمن الجزائر وإستقرارها وطمأنينة شعبها من أمن المغرب وإستقراره. وإن ما يمس المغرب سيؤثر أيضاً على الجزائر لأنهما كالجسد الواحد...». وحيث أن أوراق المبادرة لم تتيبس ولم يصدر عن المغرب ما يلغي روحية محتواها فإن ما هو متوقع بل ومأمول هو بادرة من جانب الرئيس الجزائري الجديد المتجدد تكون بمثابة الرد على ما قاله الملك محمد السادس بصريح العبارة وعمق المشاعر الأخوية. رد بالمثل أو بأحسن منه، وأواصر الجوار تحتم ذلك.

وأما بالنسبة إلى ما يخص الجوار الليبي فإن إهتمام الجزائر طوال سنوات الولاية الأولى للرئيس بتون كان في أعلى درجاته. وتحضرنا هنا تمنياته على الرئيس رجب طيِّب أردوغان يوم زار الجزائر (الأحد 26 يناير/ كانون الثاني 2020) أن يخفف من وطأة التدخل التركي في الشأن الليبي والتعاون مع الجزائر من أجل إخراج ليبيا من جب الصراعات الذي أوقعه كثيرون فيها ومن هؤلاء تركيا.

خطوة ملحوظة

وقياساً بالنتائج فإن خطوة ملحوظة في هذا الشأن لم تحدُث من جانب تركيا إلا إذا كان الرئيس أردوغان يرى في تجديد رئاسة بتون أن الأفضل هو أن تساعد الجزائر في إخراج تركيا من وزر التعاطي مع الأزمة الليبية، كأن يصار إلى مد أيدي العون من أجْل إستيلاد شرعية حُكم موحد والتعاون إقتصادياً وتنموياً في زمن تبين أن التدخل في شؤون الآخرين له ما بعده من إرتدادات على المتدخلين كما على المبتلين مثل حال ليبيا بالتدخل التركي.

وبالعودة إلى ما بدأنا به مقالنا هذا وفيما مرجل الخلاف على ملء فراغ الرئاسة الأولى في لبنان يتواصل الغليان ولا تنفع في رتق الثوب الرئاسي عظات مرجعيات دينية من جهة ولقاءات ممثلي خمس دول من بين دول الكون في إجتراح معجزة إيجاد الحل.. إننا بالعودة تلك نرى كم هي الديموقراطية مبتلاة ببني أحزابها ومبتكري ولاءات تصب في خدمة آخرين فيما الدولة تتواصل تهالكا ولا مَن يبالي وفي ظل الممارسة الديموقراطية التي هي تراث لبناني عِلماً بأن واقع الحال في ضوء انتخابات الجزائر كيف بدأت وإلى ماذا إنتهت يؤكد أن الصيت لبناني فيما الفعل الجزائري، كما في الوقت نفسه مؤشر إلى أن إنتخاب رئيس الجمهورية في لبنان من قِبَل الشعب يغني عن مهازل التعطيل وكيف أن السلوك البرلماني يحقق أزمة متواصلة وفراغاً على مستوى القمة فيما تجربة الشعب هو مَن يختار قد تحقق ما هو واجب وليس عقدة عصية على الحل كما الحاصل منذ سنتيْن.

هدى الله المتلاعبين بالأحوال اللبنانية إلى سواء السبيل، وسدد خطى الإستحقاق الذي تم في الجزائر وبنسبة عالية من الرقي وحرص المواطن على وطنه.


مشاهدات 26
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/09/14 - 1:54 AM
آخر تحديث 2024/09/14 - 3:42 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 400 الشهر 5664 الكلي 9994286
الوقت الآن
السبت 2024/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير