الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فاضل خليل خمسون عاماً عطاء وتألق

بواسطة azzaman

فاضل خليل خمسون عاماً عطاء وتألق

مبدع ينطلق من النص التقليدي  نحو  الحداثة

بغداد - كافي لازم

لاشك ونحن في الذكرى السادسة لوفاة الراحل فاضل خليل ان نتذكر هذا الفنان الذي ترك بصمته الكبيرة في تاريخ الحركة الفنية في العراق على مستوى انجازاته المتحققة وعلى مستوى علاقاتة الكبيره مع جميع المسرحيين.. روادا واساتذة وطلابا بمختلف الاجيال فقد كان محبا للجميع وصديقا للجميع.

ولد في مدينة العماره عام 1946 في محلة السرية. والده كان اديب وشاعر من اعيان المدينة.. امتهن الحلاقة واستغل محله ليصبح صالونا ادبيا يتجمع فيه ادباء وشعراء وكتاب المدينة .رحل الى جوار ربه وترك مكتبة كبيرة و مهمة. وفي ظل هذه الاجواء والبيئة الادبية التي تعتمد الادب الشعبي اساسا في تربية ذائقة الجمهور تربى و ترعرع الشاب اليافع فاضل خليل (والتي اثرت في دراستة لاحقا)فضلا على انه الولد الوحيد لأبيه مع اربع بنات. تربع على عرش الأسرة طفلا محبوبا مدللا ولهذا تحمل وزر عائلة كبيرة لكن التكافل والتضامن الاجتماعي والعلاقات الاسرية المنظمة تجاوزت الكثير من المعوقات لاسيما ان والدته  كانت حكيمة في ادارة البيت حتى نحن اصدقائه كانت تحبنا و تستقبلنا بحفاوة كبيرة في الليل المتأخر وتقدم لنا اشهى المأكولات.

وعندما قرر الدخول في اكاديمية الفنون الجميلة عام 1966 كان بوعي وادراك كامل بان اجواء الفن والادب والمسرح هي التي تليق به ولم يدخلها عن فراغ بل كان لدية هدف اسمى من خلال التربية الادبية التي ذكرناه آنفا.. والغريب بالامر ان فاضل خليل  لم يغير اسلوبه في الحياة رغم اجواء الكلية والعاصمة بغداد..

اخذ يجتهد بالدراسة ويتفوق عن اقرانه لتكتمل شخصيته الفنية ورضا اساتذته  بسلوكه واجتهاده واصبح ايضا كما كان في بيته اي (طفلا) مدللا ومحبوبا بين اساتذته والجميع من في قسم المسرح وحتى الاقسام الاخرى.. ابتداء من استاذه المفضل ابراهيم جلال و موظفي الاكاديمية وحتى البواب والفراشين وعمال الخدمة ونادي الكلية مرورا بـ(الحدقجي) وانتهاءا بحراس الكلية. ولاينسى صعودا يعرج لأبيه الثاني الراحل جعفر السعدي.. من خلال ذلك تهيأت له بيئة للابداع و التفوق التي ينشدها مما حدى به ان يكون الاول على دفعته عام 1970.وان تقرر الاكاديمية بأن يعين معيدا بالكلية وقد استثمر وجوده استثمارا منتجا في تحقيق حلمه القديم واصدر بحثة الاول تحت عنوان (المسرح العربي الحديث والتراث).

وكان جل اهتمامه بحياته العملية هو الخروج من النص التقليدي والاهتمام بالحداثة من خلال النهوض بالنص المحلي وجعله يتماهى بما يطرح من مدارس حديثة في المسرح العالمي وهذا ما تعلمه من استاذه  الراحل ابراهيم جلال. وقد اكد هذا في جميع دراساته وبحوثه التي ألفها مثل (المسرح والتراث) (المخرج في المسرح العربي) (مصادر المسرح الشعبي) (نشاءة وتطور المسرح العربي) فضلا عن الكتب المنهجية التي يدرسها لطلابه... الراحل فاضل خليل لن يستكين للتنظير فقط فقد طبق حصيلة دراساته وبحوثه في الموروث الشعبي عمليا في كثير من الاعمال مثل مسرحية (الباب القديم/الشريعه/خيط البريسم /مواويل باب الآغا) كذلك( الملك هو الملك/وحلاق بغداد)  هذا لايعني انه قد ترك المسرح العالمي والكلاسيكي بل اشتغل ايضا عطيل /اوديب /الرهان/في انتظار گودو/اللعبة).

  فرقة المسرح

انتمى فاضل خليل لفرقة المسرح الفني الحديث عام 1968.. وبدأ مسيرته الوضاءه فيها عندما اسند له دوره الاثير (ابن الخبازه) في المسرحية المهمة (النخلة والجيران) والذي يعتبر البداية الحقيقية له كممثل وسجل اسمة كممثل متمكن من خلال ادائه الواعي السلس وفهمه الشخصية بعمق وثبات بجداره واقتدار مما ساعد في انتشاره كفنان واعد وهو في مرحلة مبكره من شبابه قياسا للنجوم التي تحفل فيها انذاك الفرق. ثبت اقدامه في هذه الفرقة العريقة واصبح عضوا اساسيا فيها حيث نال استحسان الرواد فيها بما يمتلكه من موهبه وخلق رفيع والتزام وانضباط عال وهذا هو ما تؤكده الفرقة دائما لمن يريد الانتماء اليها وبحكم العلاقات المنتجة الفعالة في هذه الفرقة كعائلة واحده متماسكة هو الذي يعشق هذه الاجواء وبشخصية الاريحية. اكتسب حب الجميع له ولفاعليتة واصبح ايضا بصفتة المعتاده (المدلل) اذ ان وجوده لايتسغنى عنه حتى وان ليس لديه دور في مسرحية ما.. فهو يشيع الفرح والابتسام بنكاتة التي لاتنضب مع زملائه اعضاء الفرقة اضف الى نشاطه الاجتماعي في سفرات الفرقة اذ انه يمتلك صوتا طربيا جميلا وغنائه مضبوط وطرق الى سماعي انه كان يأمل ان يصبح مطربا في بدايات حياته الفنية وله صور تدلل على ذلك.  واشترك في العديد من الادوار في المسرحيات التي انتجتها الفرقة.

سافر الى بلغاريا لدراسة الدكتوراه في الاخراج المسرحي .ونال الشهادة. من (المعهد العالي للفنون المسرحية) عن رسالته الموسومة (المشاكل المعاصرة في الاخراج المسرحي) عام 1985.

واول ماشرع بعمله هو اخراج مسرحية (خيط البريسم) المعدة عن سهرة تلفزيونية للفنان الراحل يوسف العاني.. وظل فاضل خليل مخلصا ومؤمنا بفرقتة حتى بحالة التغيير التي حصلت في البلد عام 2003 الا انه شد ساعدة مع زملائه الاخرين لتجديد الفرقة ومسرحها العريق (مسرح بغداد) وكان يمسك بمجرفة او مطرقة لمساعدة العمال ولم يكتفي بذلك بل استعان باولاده بالعمل المضني والمثمر.... الا ان حدث ما لم يكن في الحسبان ان تم خطف ولده الاوسط عدي الذي كان يساعده في الشغل وانقلبت الاوضاع الى حزن وكآبة خوف من ضياع ولده العزيز (وحمدا لله انه الان فاعلا في الوسط المسرحي كوالده الكبير).هنا ضاع كل شيء وتعطلت الفرقة ومسرحها العريق..

يتمتع الفنان الرحل بعلاقات واسعة وعريضة في الاوساط الادبية والثقافية والفنية ،كذلك حبه لطلابه ومنهم من اصبح زميلا له في العمل.. وقد تأثر بالفكر الثوري وله مواقف انقذت الكثير من حالات حرجة  مع السلطة انذاك

واخرج مسرحية (جواكان موريتا) ذات التوجه اليساري من تاليف بابلو نيرودا والازدحام كان شديدا عليها من قبل الجمهور.. والكثير طلبتة الذين هم الان ذو مراكز مهمةوفعالة لهم قصص ومواقف لاتحصى....

حكى لي المخرج  جبار خماط يقول.. عندما كنت في مكتبة اروم شراء كتاب معين وكنت انظر له بحسرة وحزن حيث لاتوجد في جيوبي نقود البته سمعت صوتا ينادي من بعيد داخل المكتبة يقول (جبار.. اخذ الكتاب على حسابي) وهنا تفاجئت بوجود الدكتور فاضل خليل بالمكتبة واخذت الكتاب فرحا به وبموقف استاذي .

 كما انه انقذ مسرحية للفنان  طلال هادي تحت عنوان (ليمت قيصر) من منعها المؤكد من العرض..اذ هي ترمز لأمور مخيفة كان ممكن ان تقضي على صاحبها.. لكنه عرضها على مسؤوليتة في اكاديمية الفنون وحين حان تسجيل مسرحية خيط البريسم في التلفزيون وانا كنت بديلا لأستاذنا الراحل سامي عبدالحميد ،وفي لحظة لم تخطر ببالي جاءني هامسا وقال لي... ان الذي يسجل الشخصية في التلفزيون هو انت وليس سامي عبدالحميد.. كنت مذهولا وحائرا (وهي شخصية رئيسية) اذ كيف يكون هذا والحقيقة هي سابقة لم تحدث في فرقتنا من قبل ولكني لم يهدأ لي بال وكنت الح عليه لماذا دكتور.... همس في اذني وقال انا مقتنع انك تؤدي الشخصية افضل من سامي عبدالحميد مما اعطاني دفقا جديدا لكني بقيت بحالة ذهول... ومرة كان لديه حوار في مسرحية الخان يدخل ماسكا قدح (العرق) وهو في حالة سكر.. ويقول للجمهور عباره(هم زين اكون عرك بالعراق. جان اسوينه) وقد اصرت الرقابة على حذفها لانها تحمل معنى لايليق  وحيث القاعة تضج بالتصفيق الاانه اصر  على عدم حذفها وكثيرة هي المواقف لحياة عريضة لاتتسع الا لمجلدات سيسجلها التاريخ.ورحل  فاضل خليل بشكل سريع في 8 تشرين الأول 2017 ولم يعطينا مهلة حتى لزيارته بالمستشفى وكانت صدمة لنا كبيرة حقا.

 

 

 

 


مشاهدات 37
أضيف 2024/10/15 - 3:38 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 1:52 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 62 الشهر 6449 الكلي 10036172
الوقت الآن
الأربعاء 2024/10/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير