كيف نفهم الوجه المعذب؟
ضرغام الدباغ
دخلت سيدة عجوز إلى معرض للرسام الأسباني بابلو بيكاسو، وكانت معظم اللوحات سريالية، وبيكاسو كان حاضراً يتأمل ردود أفعال الناس على أعماله وكان في ذروة تألقه وشهرته، ولكن بيكاسو لاحظ علامات امتعاض السيدة على أعماله، وعدم رضاها، فتقرب منها وقال لها: سيدتي المحترمة أراك غير راضية عن هذه الأعمال.
فأجابت بحدة : نعم ... نعم غير راضية ...ما هذا العبث المقرف بالألوان، فهذا إما مجنون يريد تعلم الرسم، أو رسام أصيب بالجنون. فقد أساء الرسام الذي أنجزها وقبح وجه هذه المرأة، ودمر جمالها ... هذا غير مفهوم أبداً قال لها بيكاسو : لا يا سيدتي، أنا الرسام الذي تشاهدين اعماله، أنا لم أدمر شيئاً، المصور الفوتوغرافي هو من يتولى بدقة تامة نقل تقاطيع جمال المرأة، أنا اهتممت بمشاعرها وأحاسيسها. وحاولت أن أعبر عن وجه إنساني تعرض للتعذيب والألم لدرجة أنه لم يعد وجهاً إنسانياً ..... وأحاول في ذلك أن أكون مفهوماً ولكن غيرنا يعقد الأمور، عندما يعذب بشراً فوق ما يحتمله البشر ... إنهم يدمرون هذا البشر .. وأنا أريد بوسيلتي أن أعبر عن وجه إنسان تعرض لألم شديد حتى دمر، أرفعوا أصواتكم لمن يعذب البشر .. أدينوا هؤلاء إدانة قوية شامل ...فلنصدر قراراً بفصلهم من الإنسانية ..!
نحن لا ندمر شيئاً ... نريد تعمير أوطاننا فحسب، ولكنهم لا يقبلون ... يطلقون علينا ذئابهم وأذنابهم وكلابهم، ومما تنتجه مخابزهم بدل الخبز قنابل ... ليدمروا ما نبني ...
حسناً ... فليواصلوا قتلنا، ونحن بمن سيتبقى منا. سنواصل الحياة..!