الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
باب لكش يستذّكر مخلد المختار

بواسطة azzaman

باب لكش يستذّكر مخلد المختار

لوحات تعتمد التصميم الهندسي المتوازن ما بين الرموز والألوان

إبراهـيم الدليمي

أستذكرت الحركة التشكيلية في العراق، مساء 29 أيلول الماضي، الفنان الراحل مخلد المختار، الذي توفى يوم 29/9/ 2017. في فيينا حيث مكان إغترابه هناك، و أقيمت الجلسة في مجلس باب لكش في مدينة الموصل مسقط رأسه، وقد حضر الإحتفاء نخبة من الفنانين وزملائه وذويه. وأبتدأ الإستذكار بقراءة سورة الفاتحة على روحه الطاهرة، حيث أدار الجلسة الفنان موفق الطائي الذي قرأ السيرة الفنية والإداية والإنجازات التي قدمها الراحل خلال مسيرته الفنية، فضلاً عن تقديم شهادات حية تلاها كل من الفنانين: طلال صفاوي، وعامر يونس، وسعد العسلي، والدكتور الفنان أحمد دخيل. وتعتمد لوحات الفنان مخلد المختار، كما عرفناها منذ بدايته، على التصميم الهندسي المتوازن في ما بين الرموز والأشكال والألوان، وجميعها مستمدة ومنطلقة من مشاهد تأريخية ومن صور التراث الفلكلوري العراقي الأصيل، الزاخرة بالمفردات والرموز العظيمة، والمآثر الخالدة، والحنين إلى الماضي بمشاهده الزاهية، واتساع مواضيعه والتلذذ بمعاني صوره المجيدة.

واستخدم المختار طوال تجربته بعض الإستعمالات والمقارنات ما بين الرؤية التشكيلية الخاصة، ووجدانية التعبير الأدبية، مستشفيا من ذلك لنفسه خطا متميزا ونمطا متفردا في أسلوبه من خلال تقنياته الفنية التي تدعو المتلقي إلى محاولة اكتشاف أبعاد ومضامين اللوحات التي تحمل في طياتها أسرار ودلالات ورموز وألوان وإشارات لتمنحها عمقا تأريخيا عزيزا، وبريقا زاهيا لحاضرنا ومستقبلنا المشرق في توليف وتكوين رائع، فقد أستقى من ذلك ملامحه المتممة من جغرافية العراق، أرضه، هوائه، تربته، مكانه وزمانه بشكل عام، مضيفا إليها مأساة وصمود أبناء العراق، من خلال سنين الحروب المتوالية والعدوان البغيض والدمار الشامل والحصار الظالم، لتنتهي بالطائفية وسخافتها.

لقد عرف عن تجربة المختار، بسطوحه الفنية ذات الطبقات اللونية المتعددة، بتقنية آلية (الرش) المتممة بالريشة في ما بعد، واستخدامه الصور الكثيفة التي تغني العمل الفني بالطرق الجمالية المتلاصقة والمتناسقة والمركبة والمتداخلة بين المفردات والألوان، قد تقترب من أسلوب النحت البارز، لتقريب نظر الأبعاد الفنية التي تحيط بالكتل، وذلك لأن المنحوتات البابلية والآكدية والسومرية لا تفارق بصره ومخيلته.

تجريب وتنقيب

سطح اللوحة عند المختار، هو مكان للبحث والتجريب والتنقيب، وقد استطاع أن ينتج سطحا يخدم عناصر لوحاته التي تتخذ من المنمنمات والرموز الإسلامية فضاء لها، معتمدا على إبراز تفاصيل دقيقة في الأشكال، ضمن أسلوب زخرفي متوازن ومتوافق مع أرضية اللوحة (البكراونت)، حيث اشتغل على مفردات أخرى كالنباتات الزاهية والحشرات الجميلة واختزالات من بعض ملامح وأطراف الإنسان، والمزاوجة ما بين هذه العناصر مع أشكال وجمالية الحرف العربي بأنواعه، ومن ضمن منظومة بصرية معاصرة من أجل تكوين وتقديم لوحة مملوءة بالمفردات والدلالات المنسجمة مع بعضها البعض.

يقول المختار عن تجربته “بقدر ما بالإمكان، بحثت في الأفكار، وتأملت الأشياء وما بين العرض والطول، وجدت المساحات، وأن لكل مساحة موضوعا، أو أكثر من موضوع، يتضمن أشكالا متشابهة أو مختلفة، ومن خلال الرؤية الخاصة بي، وجدت الدافع الذي اقترنت به الأشياء، ولكل شيء لغته الخاصة، المتعلقة بحدث، أما تفسير الحدث، قد لا يأتي متفقا مع الأشكال المباشرة للأشياء، فتحدث عملية التغيير، وإخراج الأشياء في ثوب آخر، سواء أكانت الأشياء مرئية أم ملموسة، أو قد تكون مجرد خيال”.

ويضيف: «حين الانشغال بالمحيط الذي نبحث فيه، نجد أن ليس هناك شيء اسمه الفراغ، وعالمنا غير محدود، ينطلق من مركزية الإنسان والأرض، وعندما نريد أن نعبر عن هذا العالم، وباستقلالية شخصية، بدأت بنقطة، وأخذت أتابع خطاها ومسارها، فجاءت هذه الولادات، التي تشاهدونها، لوحات وأعمالا فنية تجاوزت زمن الحالة التي كنت أعيش في نقشها على مساحة بيضاء، بعد أن استمتعت بجوهر الأشياء، بعيدا عن الحياة التقليدية والرتابة».


مشاهدات 168
أضيف 2024/10/06 - 10:21 PM
آخر تحديث 2024/10/16 - 1:01 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 263 الشهر 6650 الكلي 10036373
الوقت الآن
الأربعاء 2024/10/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير