فاتح عبد السلام
الاختفاء القسري، له يوم عالمي يمر بصمت مريب في العراق، أحد ابرز مواطن ذلك الاختفاء في القرن الحادي والعشرين. القوى العربية السنية لعبت بورقة الاختفاء حتى نالت حصصها في العملية السياسية القاصرة عن حل أي استحقاق وطني تاريخي ومصيري مثل تحديد المسؤولية في مصير عشرات الألوف وهناك جهات تقول مئات الألوف من المغيبين تحت أنواع القمع والتصفية التي مورست بدوافع سياسية و حزبية ودينية وطائفية وعرقية وشخصية.
اليوم العالمي للاختفاء القسري لم يحرك الاهتمام به في البلد المنكوب سوى تغريدة للسفيرة الامريكية ببغداد مع اجتماع ذي صبغة قضائية، لكن هذا الملف الخطير لا يزال خارج نطاق الاهتمام اللائق للدولة العراقية أو للقوى الكبرى، من خلال تشريعات ذات طبيعة شاملة لحقوق المغيبين كافة من كل الاتجاهات وليس ما افرزته مرحلة النظام السابق أو مرحلة داعش والاضطهاد الفظيع ضد الايزيديين فقط.
السفيرة الينا روما نوسكي كتبت على صفحتها في موقع إكس، تقول :
«السفارة الأميركية في بغداد تُكرِّم المتضررين من هذه الجرائم البشعة».
ودعت رومانوسكي إلى «إجراء تعديلات تشريعية حتى يشعر الناس بالأمان والكرامة في مجتمعاتهم دون خوف من الاختطاف»، بحسب وصفها.
انها دعوة لمرحلة تشريعية جديدة، ستترتب عليها محاكمات في ملاحقة مرتكبي الجنايات في هذا المجال الأسود، والتي يصل بعضها الى جرائم ضد الإنسانية. من المؤكد انّ هناك قوى متنفذة ومتضررة من تلك الدعوة، ستعد كلام السفيرة الامريكية تدخلا في الشؤون العراقية، وهي نفس القوى التي كانت تدعم « الاحتلال الأمريكي « للعراق في العام 2003 ولا ترى فيه تدخلا في الشؤون العراقية.
لا ننتظر من الجانب الأمريكي تغريدات لا تقدم ولا تؤخر، فالدولة الأعظم عليها مساعدة كل القوى الوطنية في البلد من اجل تحقيق العدالة وانصاف الضحايا وذويهم، وانّ مَن يريد أن يذهب الى نهاية الشوط في طريق العدالة، عليه ان لا يهتم بالاعتبارات السياسية للقوى والأشخاص اذا ما كانوا متورطين في تلك الجرائم او كانوا متورطين في إعاقة المضي في إجراءات قضائية وتحقيقية من الممكن ان تصل الى بعض الحقائق المهمة.
لا ينسجم التوصيف مطلقا بين «ديمقراطية ناشئة» في النظام الجديد للعراق و»جرائم الاختفاء القسري” السائبة من دون أي جهد حقيقي للتصدي لها.
تسييس ملف الاختفاء وحصره بمرحلة سياسية واحدة أو شخصية أو شخصيتين انّما هو عمل من أعمال المراوغة والاحتيال، لكي تمضي الجرائم الكبرى الى سجلات القيد ضد مجهول.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية