الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إنخفاض أسعار النفط..  العراق هو الخاسر الأكبر

بواسطة azzaman

إنخفاض أسعار النفط..  العراق هو الخاسر الأكبر

كوفند شيرواني

 

‏ ‏أثارت أخبار انخفاض أسعار النفط العالمية يوم الأحد الماضي (25-8-2024) مخاوف من تأثير ذلك على الموازنة العامة العراقية وعلى قدرة الحكومة بالايفاء بالتزاماتها وفق بنود الموازنة المختلفة, وعلى رأس تلك الالتزامات رواتب الموظفين والمتقاعدين والشهداء. فالاحد الماضي شهد هبوط كبير في اسعار النفط, حيث هبط خام برنت إلى قرابة 79 و خام تكساس 75 دولار للبرميل الواحد, وفقد خاما نفط البصرة المتوسط والخفيف حوالي 2 بالمئة من قيمتهما, هذا الأنخفاض أنسحب على كافة الخامات الأخرى من الدول المنتجة للنفط ضمن منظمة الأوبك وخارجها.

تسجيل اسعار

‏ولم تستمر هذه الانخفاضات طويلا, فبعد يومين فقط سجلت الاسعار ارتفاعا وصل الى 3 دولارات للبرميل الواحد ولاتزال مستمرة يالصعود الى وقت كتابة هذه السطور. وما تزال تقلبات الأسعار تثير مخاوف الكثير من الاقتصاديين والمتابعين للشأن النفطي والمالي العراقي, وأثارت جملة من تساؤلات مشروعة:

‏هل سيؤثر انخفاض أسعار النفط على تقديرات الموازنة العامة العراقية؟

‏هل سيؤثر هذا الانخفاض على قدرة الدولة في تأمين الرواتب لما يزيد عن (7) ملايين موظف ومتقاعد؟

‏هل ستحل بالبلاد أزمة اقتصادية ومالية في حالة انهيار أسعار النفط إلى قيم متدنية جدا ؟

‏كيف السبيل لتقليل اعتماد الاقتصاد العراقي على النفط والتخلص من مخاطر تقلبات أسواق الطاقة ؟

‏ماذا لو أنخفضت أسعار النفط تحت سعر 70 دولار للبرميل الواحد وهو السعر المثبت في الموازنة العامة ؟

‏مع انخفاض الأسعار, لماذا العراق هو المتضرر الاكبر؟

‏حسب البيانات الواردة في قانون الموازنة العامة, ينتج للعراق قرابة (4.2) مليون برميل نفط يوميا, ويصدر منها, قبل تخفيضات الأوبك, (3.5) مليون برميل يوميا. وباعتبار هذا إلانتاج مع معدل سعر 70 دولار للبرميل الواحد من النفط, تصبح إيرادات العراق النفطية (90) ملياردولار سنويا, يضاف اليها (21) مليار دولار للايرادات غير النفطية, ليصبح مجموع الأيرادات (111) مليار في العام, لكن مع اجمالي نفقات تتجاوز (162) مليار دولار, يصبح العجز المخطط في الموازنة (وهو الفارق بين النفقات واجمالي الايرادات) حوالي 49 مليار دولار (يمثل 30 بالمئة من اجمالي الموازنة).

‏وعندما يحصل انخفاض في سعر برميل النفط بمقدار دولار واحد عن السعر الرسمي المثبت في قانون الموازنة وهو 70 دولار, فأن البلاد ستخسر (3.5) مليون دولار يوميا, وفي حال استمرار هذا اللأنخفاض لعام كامل, تصبح الخسارة السنوية (1.2) مليار دولار, وهذا الرقم سيرفع العجز في الموازنة بنفس المقدار(أي 1.2 مليار دولار).

‏لكن عند حصول العكس, أي ارتفاع أسعار النفط عن 70 لتصل 71 دولارا, فان الايرادات النفطية الاضافية ستقلل العجز في الموازنة بنفس المقدار السابق (أي 1.2 مليار دولار).

ربع العجز

‏وفي حال صعود الأسعار إلى 80 دولار للبرميل, وهذا السعر كان شائعا في العام 2023, وهو المرجح للنصف الثاني من العام الجاري واستمرارها لمدة عام, فأن الايرادات النفطية الاضافية ستصل الى (12) مليار دولار, وهذه الزيادة ستغطي حوالي ربع العجز في الموازنة العامة. ‏الأمر الآخر الذي يجعل انخفاض وارتفاع أسعار النفط مؤثرا في الاقتصاد العراقي, هو ارتفاع معدلات الإنتاج النفطي والذي يصدر منه (3.5) مليون برميل يوميا, وبهذا الرقم يكون العراق ثاني أكبر مصدر للنفط ضمن منظمة ألأوبك.  وبالتالي فالانتاج العالي يجعل تأثيرات ارتفاع وهبوط الأسعار أكثرفي العراق من دول نفطية أقل انتاجا.

‏فضلا على ذلك, فالنسبة العالية لأعتماد الأقتصاد والموازنة على النفط (بنسبة تتجاوز 80 بالمئة), و عندما يتم اعتبار الايرادات الأخرى المرتبطة بالنفط, فأن النسبة السابقة ستصل الى 90 بالمئة. وهذه النسب بحذاتها تؤشر خللا في هيكلية الاقتصاد العراقي الريعي وتعمق من آثار تقلبات الأسواق على الاقتصاد والموازنة.

هذا الخلل يتطلب وضع خطط للمعالجة تعمل على تنشيط وتعظيم الإيرادات الأخرى من قطاعات الاقتصاد الأخرى كالزراعة والصناعة والسياحة ‏والتي لا تتجاوز إيراداتها, مجتمعة مع إيرادات الرسوم والجمارك والضرائب, نسبة 21 بالمــــــــــــئة من الإيرادات العامة.

تنمية الثروة النفطية

‏يمكن زيادة إيرادات الثروة النفطية ذاتها عن طريق إنشاء المزيد من المصافي ومشاريع البتروكيمياويات وتعجيل استثمارات الغاز الطبيعي, وبالتالي ستوفر الدولة مليارات الدولارات كان تصرف سنويا على استيراد الغاز الطبيعي والمشتقات النفطية كالبنزين وكذلك المواد المصنعة من البترول. وفي حال انشاء مصافي نفطية جديدة, يمكن أن ينتقل العراق إلى مرحلة تصدير المشتقات النفطية والتي التي لا حدود لتصديرها كما هو موجود بالنسبة للنفط الخام, علما أن ايرادات تصدير المشتقات النفطية تتجاوز ثلاث أمثال تصدير النفط الخام. كل هذه المجالات متاحة وخطط تطوير الثروة النفطية موجودة كما ان الإرادة السياسية الجدية متوفرة في الحكومة الحالية, يبقى فقط التعجيل ببرامج التنفيذ في تحقيق أفضل فائدة من الثروة النفطية التي حبا الله بلادنا وشعبنا العزيز بها وهو يستحق منا خدمة جادة وجهود مخلصة.

 استاذ جامعي عراقي


مشاهدات 66
الكاتب كوفند شيرواني
أضيف 2024/08/30 - 11:47 PM
آخر تحديث 2024/09/01 - 12:37 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 72 الشهر 72 الكلي 9988694
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير