المسؤولية الإنسانية ومهارة الإدارة
اياد السعيد
سألت مرة مالك إحدى الفضائيات وكنت مديرا لبرامجها : لماذا نركز فقط على السلبيات في برامجنا ولا نعمل على إبراز الإيجابيات والأبيض الذي تحقق بعد 2003 ؟ فأجابني لم لا ؟ ومن منعك ؟ حاول إلتقاط إنجاز حكومي أو برلماني خدم الشعب وإعرضه كما تريد .. فوجهت معدي ومقدمي البرامج والمراسلين بذلك لكي أقنع نفسي مهنيا وأكون متوازنا ومنصفا في الطرح .. وفعلا عملنا ما في وسعنا ونفذنا بعض البرامج ولكن المفاجأة ان المواطن كان ساخطا وغير راض من مجرد ذكر أحد أسماء المسؤولين او السياسيين ويبرر ذلك برداءة الخدمة المقدمة أو الوساطات أو الروتين وتعقيد الإجراءات بل والظلم والتفرقة !! هنا عدت أدراجي لأمسك العصا من الوسط وأتريث لأن المعني الأول هو المواطن وهو من له الحق في تقييم ما يقدم له .. إستمر وضع الشارع والتذمر في كل القطاعات حتى هذا اليوم من خلال مراقبتي ومتابعتي رغم أن ثمة تقدما ملموسا في بعض المجالات الخدمية ولكن ليس في كل المؤسسات والدوائر الحكومية ... لكن ما برز على السطح وشعرت به شريحة واسعة من المجتمع ما تقدمه هيأة التقاعد الوطنية ودعونا نكون أكثر تحديدا للحقيقة والإنصاف والدقة خلال السنتين الأخيرتين إذ تقدم أداؤها بشكل لافت من حيث الأتمتة كجزء من الحكومة الألكترونية وتنظيم أمور المتقاعدين رغم الزخم الهائل في أعداد المراجعين يوميا وتنوع مشاكل رواتبهم وتفاوتها وتعقيداتها والأخطاء المتراكمة للإدارات السابقة وآثار الفساد النوعي والكمي الذي شوه صورة الدائرة بشكل قاتم !! وكان لابد من إدارة قوية وملاك وظيفي خبير ومتمرس برأس قيادي وموظفين نشيطين فتصدى لذلك رجل قيادي نزيه مثل ماهر حسين لقيادة هذه المؤسسة المالية الضخمة بهذا الكم من الأخطاء المتراكمة والفساد الذي وضع له هذا الماهر خطة لاجتثاثه منذ حط قدميه لأنه عمل في هيأة النزاهة مديرا عاما ثم مفتشا عاما في أكثر من وزارة أهمها وزارتا المالية والتخطيط فتراكمت لديه الخبرة والمعرفة المعلوماتية والستراتيجية وإتقن فلسفة معالجة الفساد والرشوة في الدوائرالحكومية وهذا ما نتمناه لكل من يعين بوظيفة قيادية كوزير أو ومدير عام ليحصل المواطن على حقوقه في الخدمة وإستحقاقاته في كل مجالات العمل والعيش الكريم .
بالطبع ليس هذا طموح المواطن فما حصل عليه المتقاعد ليس بمستوى طموحه وهنا أعني شريحة كبيرة تربو أعدادها على المليون من ذوي الحد الأدنى في الراتب التقاعدي ولذلك على المسؤول الماهر أن يحث الخطى لمساواتهم على الأقل مع أقرانهم في قانون واحد يضمن كل حقوقهم ويحقق العدالة في العيش بكرامة وهذا بالتأكيد يتطلب قانونا يلغي كل القوانين والقرارات المنفردة والخاصة بشريحة او فئة دون أخرى فهل نستطيع ؟
إن مهارة الفرد كمسؤول حكومي ليست فطرة او موهبة فقط ولا تزكية حزبية او حصة لجهة سياسية وإنما يجب أن ترتكز على مواصفات شخصية مدعمة بالإرادة تتلاقح مع ما يحمله المسؤول من خبرة لإنتاج أداء مميز وهو الإدارة الناجحة والماهر خير مثال .