إيران وأمريكا متفقتان مختلفتان

جاسم محمد الجبوري

الصِّراع الدائر حالياً على نِطاق المِنْطَقَة العربية والذي يسعى إلى تغيير خريطة هذه القُطْعَة المحدودة من الأرض جعل من العراق وسوريا ولُبنان واليمن مناطِق مُلْتَهِبَة، ومِمَّا لا شك فيه أنّ الأطراف التي تدير حركة هذا المشروع الخبيث قائمة على التَّدَخُّل في شؤون الآخَرين وتتسبب بفتنة الناس وَفُرْقَتِهِم وإشعال الحرائق في المِنْطَقَة كي تبقى هذه البُقْعَة من العالم مضطربة وعدم السماح لها بالاستقرار مهما كلّفها الأمر، وهذا في خاتمة المطاف يتيح الفرصة لأعداء الأمة الإجهاز عليها لتكون في مُتناوَل أيديهم.  وواضح لـــــدى الــجميع أنّ إيــــران في مــأمــن مــن الخــــطر الصهيوني - الأمريكي فهؤلاء في وسائل الإعلام يُصَرِّحون أنّهم عازمون على إيقاف المد الإيراني في المِنْطَقَة وَكَسْر أجنحة الفصائل المسلّحة المدعومة من نظام الملالي في إيران ولكن من جانبنا كوننا عرباً أصلاء لا نؤمن بهذه التَّصْريحات ؛ لأنّ الصَّهْيونيَّة وأمريكا وإيران هم أساس الخُبث المبني على إضمار الشرّ للغير وإظهار الخير له واستعمال الغيلة والمَكْر والخديعة في المعاملات فالجميع متفقون على توزيع الأدوار في المِنْطَقَة فيما بينهم ولا يريدون الخير للعرب على الإطلاق ، بل مشاريعهم كلُّها تستهدف كرامة العرب وَهُوِيَّتَهم وَ وِحْدَتَهم وَثَرَواتَهم.

إلّا أنّ نِقاط الخلاف الناتجة من سوء التفاهم بين الاثنتين (إيران و أمريكا) أدّت لاحقاً إلى الاحتكاك أوْ التّصادم بينهما بسبب تضارب مصالِح الجهتين مع بعضهما بشأن الوجود والنفوذ في هذا المكان الذي يحتلّ مَوْقِعاً متميزاً جداً في هذا العالم .

خط فاصل

ونظراً لهذا التوصيف أصبحت هذه المِنْطَقَة على وجه الخصوص بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية خطّاً أحمر أيْ بمثابة خط فاصل لا يجوز لأيّة قوة إقليمية مثل إيران تجاوزه وَبَسْط النفوذ والسيطرة عليه بأكبر مِمّا مسموح لها لتحقيق مكاسب على حساب الخَصْم الآخَر وإلّا فَيُعَدُّ هذا من وُجْهة نظر المنافس الأقوى ابتزازاً يستدعي الرَّدّ .

 أمّا موضوع البرنامج النووي الإيراني فهو قائم على قدم وساق فليس كلُّ ما يُحكى في وسائل الاعلام عن وجود جدّية لدى أمريكا في شلّ حركة تسريع إيران إنتاج اليورانيوم العالي التخصيب هو كلام صحيح و معمول به على أرض الواقِع, فيجب علينا أنْ نأخذ من الحياة درساً فليس كلُّ ما يلمع ذهباً والماضي يشهد بتبادل المساعدة بين إيران وأمريكا واسرائيل في سنوات احتلال العراق وحرب الخليج الأولى فبات هذا التضامن توضيحاً قاطعاً يوحي بأنّ هذه المُسَمَّيات حالة واحدة وأعمال سياسية مشبوهة تنطوي على مخاطر كثيرة اختاروا العرب لحقدهم الأعمى هدفاً لها وَوَفْقاً أوْ نتيجةً لهذا أصبح من المُحتَّم على العالم العربي الإسلامي أنْ يَخْرُج ثائراً بالسلاح على حكامه العرب الخونة من أجل عبور هذه المرحلة الأخطر في تاريخه استكمالاً إلى تكوين جبهة مُوَحَّدة تُوْجِب عليه أنْ يَدْأب على مواجهة هذه التَّحدِّيات بالقول والفعل ويتجه بالإضافة إلى ذلك إلى مواضيع فنيةٍ أُخرى ينـــبغي أنْ تقع في دائرة اهتمامه لعلّ من أهمِّها هو إعادة بناء الأُمة العربية بناءً حقيقياً يتناسب والواجب السَّماوي الذي كُلِّفت به في نشر رسالة الإسلام وإلّا سَيُمْنى بهزيمةٍ مُنْكَرَةٍ فلا تقوم بعدها قائمة له مرة أُخرى.