الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هموم‭ ‬المدن‭..‬أبراج‭ ‬وأرصفة‭ ‬واقساط

بواسطة azzaman

هموم‭ ‬المدن‭..‬أبراج‭ ‬وأرصفة‭ ‬واقساط

محمد زكي ابراهيم

 

‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭ ‬من‭ ‬هو‭ ‬صاحب‭ ‬فكرة‭ ‬بناء‭ ‬الأبراج‭ ‬السكنية‭ ‬الشاهقة‭ ‬الارتفاع‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬فقيرة‭ ‬أو‭ ‬نائية‭ ‬عن‭ ‬المركز‭.  ‬

لقد‭ ‬ألف‭ ‬العراقيون‭ ‬السكن‭ ‬في‭ ‬منازل‭ ‬صغيرة‭ ‬ذات‭ ‬طابق‭ ‬أو‭ ‬طابقين،‭ ‬وفي‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً‭ ‬الأخيرة‭ ‬عرفوا‭ ‬الأحياء‭ ‬ذات‭ ‬المباني‭ ‬النظامية‭ ‬المتشابهة‭ ‬ذات‭ ‬الطوابق‭ ‬الثلاثة‭ ‬التي‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬ساحات‭ ‬كبيرة‭.‬

أظن‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬الأبراج‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬تتذبذب‭ ‬فيه‭ ‬الكهرباء،‭ ‬وتتجدد‭ ‬المشاكل‭ ‬الأمنية،‭ ‬وبأسعار‭ ‬باهظة‭ ‬خطأ‭ ‬استراتيجي‭ ‬يجب‭ ‬التراجع‭ ‬عنه‭.‬

أكثر‭ ‬من‭ ‬7‭ ‬طوابق‭ – ‬كما‭ ‬في‭ ‬الصالحية‭ – ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬موجب‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬بغداد‭.‬

‭ ‬خطأ‭ ‬كبير‭ ‬أن‭ ‬توقف‭ ‬الحكومة‭ ‬العراقية‭ ‬استيراد‭ ‬السيارات‭ ‬القديمة،‭ ‬فالدول‭ ‬غير‭ ‬الصناعية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬المواد‭ ‬الزهيدة‭ ‬شبه‭ ‬التالفة،‭ ‬موفرة‭ ‬بذلك‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬للشباب‭.‬

لا‭ ‬يغرنكم‭ ‬وجود‭ ‬النفط‭ ‬فهو‭ ‬مهما‭ ‬كثر‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬البلاد،‭ ‬دولة‭ ‬متقدمة‭.‬

اشتريت‭ ‬سيارتي‭ ‬البيجو‭ ‬404‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بسعر‭ ‬500‭ ‬دولار‭ . ‬صحيح‭ ‬أنها‭ ‬موديل‭ ‬1970‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬سمكرة‭ ‬وصبغ‭ ‬وإطارات‭ ‬وزجاج‭ ‬ومحرك‭ ‬جديد‭ .. ‬لكنها‭ ‬تسير‭ ‬على‭ ‬الشارع‭ ‬مثل‭ ‬الغزال‭. ‬المظاهر‭ ‬غير‭ ‬مهمة‭.‬‮٠‬

الزحام‭ ‬الشديد‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬العاصمة‭ ‬بغداد‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يحتمل،‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭ ‬مضطرد‭ ‬كل‭ ‬عام‭. ‬والحل‭ ‬الوحيد‭ ‬هو‭ ‬قطار‭ ‬الشوارع،‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬بين‭ ‬المراكز‭ ‬الرئيسية‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

لا‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلا‭  ‬إلى‭ (‬مترين‭) ‬فقط‭ ‬يستقطعان‭ ‬من‭ ‬الشارع‭ ‬ومن‭ ‬الرصيف‭. ‬مع‭ ‬محطات‭ ‬صغيرة‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭. ‬ولن‭ ‬يؤدي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬اختناق‭ ‬الطرق‭ ‬لأن‭ ‬عدد‭ ‬السيارات‭ ‬التي‭ ‬تستخدمها‭ ‬بعد‭ ‬تشغيل‭ ‬القطارات‭ ‬سيتضاءل‭ ‬إلى‭ ‬النصف‭.‬

كل‭ ‬الشوارع‭ ‬الجديدة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تأخذ‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬الحسبان،‭ ‬وأن‭ ‬تترك‭ ‬مسار‭ ‬السكة‭ ‬الحديد‭ ‬فارغاً‭ ‬لحين‭ ‬العمل‭ ‬بهذا‭ ‬النظام‭.‬

علينا‭ ‬أن‭ ‬ننتقل‭ ‬الآن‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬الجدي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حياة‭ ‬راقية‭ ‬وهانئة‭ ‬ومتحضرة،‭ ‬وبدون‭ ‬ذلك‭ ‬سنظل‭ ‬نهباً‭ ‬للفوضى‭ ‬والعبث‭ ‬واللانظام‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭.‬

لا‭ ‬يبني‭ ‬العراق‭ ‬سوى‭ ‬العمالة‭ ‬الآسيوية‭ ‬الرخيصة‭. ‬لا‭ ‬تحاربوها‭ ‬ولا‭ ‬تقفوا‭ ‬في‭ ‬طريقها،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬منافساً‭ ‬للعمالة‭ ‬المحلية،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬وسيلتها‭ ‬للثراء‭ ‬والرفاهية‭. ‬لقد‭ ‬ابتلي‭ ‬العراقيون‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬الخليجيين‭ ‬بلعنة‭ ‬النفط‭ ‬أو‭ “‬المرض‭ ‬الهولندي‭”‬،‭ ‬فارتفع‭ ‬لديهم‭ ‬سعر‭ ‬العملة‭ ‬وزادت‭ ‬تكاليف‭ ‬الحياة‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يناسبهم‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬موظفي‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬رجال‭ ‬أعمال‭.‬

لا‭ ‬تكابروا‭ ‬ولا‭ ‬تأخذكم‭ ‬الوطنية‭ ‬الزائفة‭. ‬الزمن‭ ‬يمضي‭ ‬وعجلة‭ ‬الحياة‭ ‬تدور،‭ ‬وعليكم‭ ‬أن‭ ‬تجعلوا‭ ‬من‭ ‬العشرين‭ ‬القادمة‭ ‬سنوات‭ ‬رخاء‭ ‬وتقدم‭ ‬وعمران‭.  ‬ابدأوا‭ ‬مرحلة‭ ‬البناء‭ ‬منذ‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬وأسدلوا‭ ‬الستار‭ ‬على‭ ‬مرحلة‭ ‬الفوضى‭ ‬والعبث‭ ‬والتعصب‭ ‬والانغلاق‭.  ‬


مشاهدات 108
الكاتب محمد زكي ابراهيم
أضيف 2024/08/03 - 1:34 PM
آخر تحديث 2024/08/07 - 12:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 291 الشهر 2721 الكلي 9978265
الوقت الآن
الأربعاء 2024/8/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير