الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تهيئة البديل ومراعاة الفقير

بواسطة azzaman

تهيئة البديل ومراعاة الفقير

إسماعيل محمود العيسى

 

مبادرة وطنية

منذ تولي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي السلطة في عام 2014، ركز على تطوير البنية التحتية في الهند، وتم إطلاق مشاريع كبيرة لتحديث السكك الحديدية، الطرق، والموانئ. كما تم تعزيز شبكات الاتصالات وتوسيع الوصول إلى الإنترنت.

وأطلقت حكومة مودي مبادرات مثل “مهمة تنظيف الهند” (Swachh Bharat Mission) لتحسين النظافة والصحة العامة، و”مهمة الهند الرقمية” (Digital India) لتوفير الوصول إلى التكنولوجيا الحديثة في المناطق الريفية. كما تم تنفيذ برامج لدعم الأسر الفقيرة من خلال توفير المساكن، الكهرباء، والغاز المنزلي بأسعار معقولة.

اعادة بناء

أما التجربة الثانية فهي تجربة رواندا،  فبعد الإبادة الجماعية في عام 1994، شهدت رواندا تحولات كبيرة تحت قيادة الرئيس بول كاجامي. وركزت الحكومة على إعادة بناء البلاد وتحسين البنية التحتية ؛ فتم تطوير الطرق والجسور، وتحسين شبكة الكهرباء ؛ والمياه الصالحة للشرب، مما أدى إلى تحسين جودة الحياة للسكان. كانت الحكومة الرواندية واعية بحاجات الفقراء، فقامت بتنفيذ برامج تدريبية لتعزيز المهارات وفرص العمل، كما أنشأت برامج صحية وتعليمية لتحسين الوصول إلى الخدمات الأساسية. تم تقديم الدعم للأسر الفقيرة من خلال مشاريع زراعية ومبادرات اجتماعية تهدف إلى تمكين المجتمعات المحلية. في كلا المثالين، كانت الحكومات تدرك أن التنمية الشاملة يجب أن تكون بتهيئة البديل ومراعاة الفقير لخلق بيئة مستدامة ومراعية لاحتياجات جميع فئات المجتمع خاصة الفقراء، هذه الجهود أسهمت في تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية للمواطنين.

فتهيئة البديل ومراعاة الفقراء قبل اتخاذ قرار إزالة التجاوزات في العراق تتطلب نهجاً إنسانياً ومنهجياً يوازن بين تطبيق القانون وحماية حقوق المواطنين، ومن خلال التخطيط الجيد، والتواصل المستمر، وتوفير البدائل المناسبة، ويمكن تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار الاجتماعي؛

قبل اتخاذ قرار بإزالة التجاوزات في العراق؛ حيث يعتبر تنفيذ هذا القرار من القضايا الإنسانية والاقتصادية الحرجة التي تتطلب التخطيط الدقيق والتنفيذ الحساس لضمان حماية حقوق الفقراء وتحقيق العدالة الاجتماعية.

نتوسم أن يكون قرار ازالة التجاوزات ليس كغيره من القرارات المتعجلة التي تتخذها الحكومات المتعاقبة؛ ومن ثم تتراجع عنه أو ينتهي بمرور الوقت.

إن عملية ازالة التجاوزات  لابد لها أن تتضمن مجموعة من الخطوات والإجراءات التي تهدف إلى ضمان عدم تضرر المواطنين من عمليات إزالة تلك التجاوزات، وتوفير حلول بديلة تضمن لهم حياة كريمة. فإجراء مسح شامل؛ لتحديد مواقع التجاوزات وتقييم عدد السكان المتأثرين وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، ومراعاة الأسباب التي أدت بهم إلى التجاوز على المال العام؛  هو جزء من حل المشكلة، حيث نجد أن أغلب تلك الأسباب جاءت نتيجة للفقر، ونقص الخدمات، أو الهجرة القسرية؛ وغيرها من الأسباب الأخرى.

إن توفير البدائل المناسبة من بناء مساكن بديلة تتوافر فيها جميع الخدمات الأساسية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي، وتعبيد الطرق ؛ وبناء الأسواق والمدارس والمستشفيات ؛ هي الطريقة المُثلى للتنمية المجتمعية، وإذا ما تعذر ذلك فعلى الحكومة أن تقدم تعويضات مالية عادلة للمواطنين تساعدهم على إعادة تأسيس حياتهم في مكان آخر.

 إننا نؤكد أنه لاوجود لتنمية حقيقية من غير دراسة علمية للواقع المجتمعي والتأكيد على برامج التدريب المهني وتهيئة فرص عمل جديدة للسكان المتضررين .

تلبية احتياجات

من ينظر إلى تجربتي الهند ورواندا يجد أن هناك تنظيم لحملات توعية اعلامية لإبلاغ السكان بالتجاوزات وضرورة إزالتها، مع شرح الخطط البديلة والإجراءات التي ستتخذها الحكومة، بل وجدت أنهم أشركوا المجتمع المحلي في عملية التخطيط والتنفيذ لضمان تلبية احتياجاتهم وتلقي ملاحظاتهم.

إن إصدار التشريعات الداعمة ووضع قوانين وسياسات تضمن حقوق السكان المتضررين وتحدد مسؤوليات الجهات الحكومية في توفير البدائل؛ له الأثر في تعزيز التعاون بين الوزارات والمؤسسات الحكومية لضمان تنفيذ سلس وفعّال للخطط. إن مراعاة التدرج في مراحل  التنفيذ في ازالة تلك التجاوزات؛ وبشكل تدريجي ومُخطط، يضمن عدم حدوث أزمات أو اضطرابات داخلية قد تؤدي إلى تهديد سلامة الأمن المجتمعي؛ لذا على الحكومة الاستمرار في المراقبة والتقييم وإنشاء لجان مختصة لمراقبة تنفيذ البدائل وتقييم مدى فاعليتها واستدامتها، وإجراء التعديلات اللازمة بناءً على التغذية الراجعة من المجتمع. لذا ادعوا الحكومة أن تركز عند تطوير البنية التحتية مراعاة الفقراء والتي تنبع غالبًا من شعور عميق بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه بناء الدولة وتحسين حياة مواطنيها.الشعور الوطني والأخلاقي هو مصدر كتاباتنا لأنه الدافع للأفراد والحكومات إلى التفكير في كيفية استخدام الموارد بطريقة تضمن العدالة والاستدامة. هذا الشعور يمكن أن يكون القوة الدافعة وراء تنفيذ السياسات والمشاريع التي تهدف إلى تحسين البنية التحتية، وتوفير الخدمات الأساسية، وضمان أن التنمية تصل إلى جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك الأكثر ضعفًا.

رئيس الجمعية العراقية للاعتماد والرصانة وتــــــــــطوير البرامج التعليمية.


مشاهدات 98
الكاتب إسماعيل محمود العيسى
أضيف 2024/07/31 - 4:27 PM
آخر تحديث 2024/08/14 - 6:15 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 394 الشهر 5966 الكلي 9981510
الوقت الآن
الأربعاء 2024/8/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير