الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بيت الحكمة يحتضننا.. البديل الرابع للعملية السياسية في العراق

بواسطة azzaman

بيت الحكمة يحتضننا.. البديل الرابع للعملية السياسية في العراق

محمد خضير الانباري

 

حضرتُ يوم الخميس الموافق 30 تشرين الأول الماضي المؤتمر العلمي الذي أقامه ( بيت الحكمة العراقي) تحت عنوان( «النظام الانتخابي في العراق ودوره في ترسيخ التجربة الديمقراطية) . تميّز هذا المؤتمر بمشاركة نخبة من الأساتذة الأكاديميين والباحثين المتخصصين في مجالي العلوم السياسية والقانون الدستوري، الذين قدّموا أوراقهم البحثية الغنية بالمضامين الفكرية والتحليلية العميقة، متناولين موضوع المؤتمر من مختلف جوانبه النظرية والعملية، بما أسهم في إثراء النقاش وإضاءة الكثير من الجوانب المتعلقة بتطوير النظام الانتخابي وتعزيز المسار الديمقراطي في العراق. ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أتوجّه بخالص الشكر والتقدير إلى الأساتذة الباحثين على جهودهم العلمية الرصينة، وإلى بيت الحكمة ممثلاً بمجلس أمنائه وكادره الإداري والفني والخدمي، على تنظيم هذا النشاط الثقافي والفكري المتميّز، الذي يجسد حرص المؤسسة على دعم الحراك الأكاديمي وإثراء الحوار الوطني حول القضايا الدستورية والسياسية المهمة. إن مثل هذه المؤتمرات تشكّل لبنات أساسية في بناء وعي ديمقراطي رصين، وتفتح آفاقًا رحبة أمام الإصلاح والتطوير بما يخدم مستقبل الدولة العراقية ومؤسساتها الدستورية.

     شهد المؤتمر تفاعلًا مميزًا من  السادة الحضور الذين شاركوا بفعالية ونشاط في النقاشات خلال الجلسات الثلاث التي تضمنها المؤتمر، وفي ختام المؤتمر، تمت تلاوة مجموعة من التوصيات والمقترحات التي عبّرت عن وجهات نظر الحضور بشأن العملية السياسية في العراق، وبالأخص ما يتعلق بموضوع المؤتمر، النظام الانتخابي في العراق، مساوئ نظام سان ليغو الانتخابي، امتيازات أعضاء مجلس النواب، القومية والعشيرة والدين، العمل الموحد لكل العراقيين وليس لمحافظة أو فئة محددة.

     لقد تناولت الأوراق البحثية المقدمة من السادة الباحثين، نقدًا معمقًا لمختلف الجوانب السياسية والقانونية للنظام الانتخابي الحالي للدورات السابقة للبرلمان، وتأثيره على مجمل العملية السياسية. وقد طرح أحد الأساتذة المتخصصين في الشأن السياسي، أثناء ترؤسه لإحدى الجلسات، تساؤلًا مهمًا جاء فيه: في حال مقاطعة الانتخابات، ما هو البديل؟  وقد حدد فرضية ذلك، بما يلي: فوضى عامة في البلد، أو انقلاب عسكري أو ما شابه ذلك، أو الاستمرار بالانتخابات رغم مساوئ النظام الانتخابي الحالي!  وختم إجابته، على أن استمرار العملية الانتخابية رغم عيوبها وأوجه النقد الموجهة لها، هو الخيار الأفضل ، مشيرًا إلى أن «البديل غير واضح في الوقت الحاضر .

مقال صحفي

   يُذكرنا، هذا المؤتمر، وهذا الطرح الحكيم، بأحداث مر فيها مجلس النواب العراقي خلال شهر آب المنصرم، والنزاع الذي حصلَ  بين عدداً من أعضاء مجلس النواب داخلَ أروقةِ المجلسِ، خلال تسمية وظيفتي رئاسةَ مجلسيْ الدولةِ والخدمةِ الاتحادي، بسبب (المحاصصةُ) أوْ الاسم المهذب لها ( التوازن). في حينها، كتبت مقالاً صحفياً، نشر في الثامن من آب لهذا العام في بعض المواقع الصحفية، بعنوان « المحاصصة والتوازن : وجهان لعملة واحدة»، تناولت فيه إشكالية المشهد السياسي العراقي، وقد نال استحسانا كبيرا من قبل قرائنا ومتابعينا.. إذ، اقترحت البديل الرابع في استثمار أحكام المادة (78) من الدستور العراقي، في حال أجاز القضاء الدستوري ذلك، بما يتيح للحكومة العمل خلال فترة محددة دون الحاجة إلى وجود مجلس النواب في الوقت الراهن. ويشمل المقترح إنشاء مكتب استشاري قانوني يضم نخبة من كبار القضاة ورجال القانون المتقاعدين، لتقديم المشورة القانونية للحكومة، وضمان إنجاز أعمالها وفق الأطر الدستورية السليمة لفترة محددة، مع تعزيز الرقابة الفاعلة من قبل الجهات القضائية والرقابية في الدولة. كما يدعو المقترح إلى دعم القوات العسكرية والأمنية للحكومة إلى حين التوصل إلى «البديل الرابع»، سواء عبر تعديل النظام الانتخابي أو تعديل قانون الأحزاب النافذ، مع الاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في المجال الديمقراطي، وبما يضمن تجنّب حالات التشتت والانقسام التي تشهدها الساحة السياسية بعد إعلان نتائج الانتخابات .

    ولقرب الانتخابات، وعدم تحقيق الحلم المذكور، أرى أن يشمّر المواطنون العراقيون عن سواعدهم، ويشاركوا في الانتخابات بمستوى عالٍ من الوعي والمسؤولية، فيُدلوا بأصواتهم بكثافة، ويختاروا الشخص الكفوء في المكان المناسب، بعيداً عن الانتماءات الحزبية أو القومية أو الدينية أو المذهبية، لنخرج بنخبة شريفة غيورة، غايتها الأولى والأخيرة كنزٌ ثمين اسمه العراق الموحد.

ظروف مشابهة

   ولدينا مثال قريب منّا، يتمثل في تجربة دولةٍ جارةٍ  لنا مرت بظروف مشابهة، وهي دولة الكويت، المعروفة ببرلمانها العريق المسمى (مجلس الأمة الكويتي) .

ففي السنوات الأخيرة، رفع المجلس سقف معارضته للحكومة الكويتية في السراء والضراء، مستنداً إلى مبدأ «خالف تُعرف»، وسعى بشتى الطرق إلى عرقلة أعمال الحكومة وإفشالها. وحين أدرك أمير الكويت، ( الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح)، أن بلاده باتت تسير نحو الهاوية بسبب تصرفات مجلس الأمة، اتخذ قراره الحاسم، مستعملاً صلاحياته الدستورية، فجمّد بعض مواد الدستور، وحلّ مجلس الأمة، وأوقف عمله مؤقتاً، مانحاً أعضاءه إجازة مفتوحة إلى إشعار آخر. كما منح السلطة التنفيذية الصلاحيات اللازمة لإدارة شؤون الدولة، تحت إشراف ورقابة الجهات القضائية والمالية الرسمية. وبعد هذه الخطوة، استعاد الشارع الكويتي استقراره وعافيته، وتنفس الشعب الكويتي الصعداء- بعد فترة طويلة - من الاضطراب السياسي.

 


مشاهدات 99
أضيف 2025/11/03 - 12:39 AM
آخر تحديث 2025/11/03 - 2:39 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 481 الشهر 2000 الكلي 12363503
الوقت الآن
الإثنين 2025/11/3 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير