سلام كمال الدين يتأثّر بالإنطباعية ويستفيد من التكعيبية: لكل فنان مدرسته الخاصة وأنا رسوت على نفسي

بابـل ـ كاظـم بهَـيًــة

يمتلك التشكيلي سلام كمال الدين، (1954- بابل) خاصية فنية وقدرة ابداعية متميزة،جعلته يؤكد حضوره  في تجربته هذه ‘،لكونه حاصل على  بكالوريوس اكاديمية الفنون الجميلة -- رسم عام 1977، سبق وان ساهم في المعارض السنوية للأكاديمية كافة للفترة من عام 1973 - 1977، عضو نقابة الفنانين، عضو جمعية الفنانين التشكيليين العراقيين، اشترك في معارض نقابة وجمعية الفنانين، أقام معرضاً شخصياً في احدى قاعات مدريد عام 1980، ومن ثم أقام خمسة معارض شخصية في محافظة النجف برعاية دوائر الصحة والبيئة بتواريخ مختلفة،واخرها أقام معرضه الشخصي السادس في بابل خلال حزيران 2022 تحت عنوان (تراتيل في محراب اللون)، له الكثير من الأعمال كمقتنيات خاصة توزعت  في الاردن ولبنان واسبانيا والمغرب.

التقيته وحين سألته في بداية حوارنا هذا،ما ذا عن أول اعمالك الفنية، واي المدارس التي مررت بها واين رسيت ؟ اجاب قائلا : لاتوجد باكورة اعمال بقدر ماهو انتاج مستمر ومتزامن مع المراحل الدراسية، فقد كنت اشترك في المعارض المدرسية السنوية منذ الابتدائية وهكذا صعوداً،خلال المرحلة المتوسطة بدأت أطلع على المدارس الفنية، وتأثرت كثيراً بالمدرسة الانطباعية وعملت الكثير من اللوحات متأثراً بها، وعندما تعينت كمدرس فنون استفدت من المدرسة التكعيبية كطريقة لتعليم الرسم، الحقيقة ان المدارس الفنية قد اختفت في العصر الحاضر ولم يعد لها وجود سوى في صفحات تاريخ الفن فكل فنان يتبع نفسه بدون تأثر بالأخرين، كل فنان له مدرسته الخاصة، وانا رسيت على نفسي.  

□ (تراتيل في محراب اللون) عنوان معرضك الشخصي السادس، ماذا يعني لك اللون؟

-ليس اللون مظهر المادة ولا رمزاً لها او مضافاً دخيلا عليها، بل هو جوهرها ومعنى وجودها،لايوجد شيء حي او غير حي بلا لون، لذلك يمنح الحياة معناها واسمها الذي نستدل به عليها ،ولا ينطبق ذلك على المادة فقط، فكثيراً ما نمنح عواطفنا وافكارنا معنىً حياً من خلال وصفنا لها بانها ملونه اي حية، وعندما استمع لموسيقى جميلة مثل مقطوعة لموزارت احس بأقواس قزح تتراقص امامي مع فراشات طافحة بالألوان، اللون حياة، اللون جوهر، اللون وجود انساني، وعندما تعيد تلوين الاشياء من جديد كأنك خلقتها من جديد، لذلك يرتبط اللون في الفن بخلق عالم جديد وهذا هو جوهر عنوان معرضي (تراتيل في محراب اللون).

□ ماهي الروحية في الفن التشكيلي؟

- الروحية في الفن هي شخصية الفنان، بناءه النفسي والعاطفي والفكري وانعكاس ذلك على فرشاته،هي الميزات والصفات والشخصية الفنية وهي مشابهه لاصطلاح (كاريزما) ولكنها كاريزما خاصة بالفن ولايقتصر الموضوع على فن الرسم بل يشمل كل الفنون بما في ذلك الموسيقى والشعر وهذه الصفات الشخصية مرتبطة بتاريخ الفنان وثقافته وموهبته وقدرته على الابداع وتربيته وحتى فيزيائية يده التي تتلاعب بالفرشاة وطريقتها او تعزف بالة الكمان مثلاً،، لذك تجد مميزات شخصية في كل عمل فني منذ قديم الزمان فاعمال رافائيل غير اعمال دافنشي كما هي الاختلافات الشخصية او الروحية بين بيكاسو وبراك رغم انهما من نفس الجيل ونفس المدرسة.

العصر الحاضر

□ ماهي اهم المرتكزات التي تبنى نظرية الفن للفن؟

- لقد اختفى هذا المصطلح في العصر الحاضر فلم يعد له ما يبرره، فالفن منذ القديم له مسارين رئيسيين : الأول من اجل النخبة ويهدف الى عزل الفن عن العامة باعتبارهم شغيلة ويعملون ليل نهار من اجل قوت يومهم ولاوقت لديهم للثقافة او لمشاهدة اعمال فنية او الاستماع لموسيقى شوبان، والمسار الثاني من اجل المجتمع، ويهدف الى تبسيط الفن الى مستوى فهم العامة من الناس، وهذا جعل الفن ينحصر تقريباً بأعمال الفن الجماهيري (فن البوستر) الذي يتميز بالبساطة والوضوح وهو قريب من فن الاعلان وأول من عمل به بوضوح هو الفنان الفرنسي تولوز لوترك الذي عاش في نهاية القرن التاسع عشر واخذ ينحى مناحي مختلفة مثل البوستر السياسي والصحي واعلانان الحفلات واعلانات السينما، والاتجاه السائد في الفن الان هو ان يرتفع جمهور العامة الى مستوى الفن لا أن يهبط الفن الى مستوى العامة.

□ متى تخضع اللوحة الفنية لعمليات التجريد؟

- التجريد ليس عمليات يجريها الفنان على اللوحة،انما هو رؤية فلسفية تتعلق بجوهر الاشياء، هي ان نجرد الشيء من مظاهره الخارجية وندخل الى جوهره، حركته الروحية، اصل وجوده، اللوحة التجريدية الحقيقية هي لغة وجدانية لايمكن ترجمتها الى اي لغة من لغات البشر، لانها شبيهه بقطعة موسيقية لبتهوفن، لامعنى ظاهر لها، انما عليك ان تتحاور معها روحياً كما تستعذب الموسيقى، فالموسيقى ايضاً لا معنى لها، التجريد هو اقتراب كل الفنون من بعضها الى مستوى جوهر الوجود الانساني،وهو لغة عالية تقترب من همس الملائكة.

□ لماذا اتجه الفنان التشكيلي الى المدارس الحديثة ويصر على تقديم عمل لا يفهمه أغلب الناس؟

- ليس مطلوباً من الناس ان يفهموا العمل الفني انما ان يتذوقوا ويجعلون وجدانهم تتحدث بدلا ألسنتهم.

□ بماذا تفسر عزوف الناس وخصوصا المثقفين منهم عن الحضور الى صالة العرض؟

- لقد عزف الناس عن الحضور الى صالات العرض لدينا وليس في باقي ارجاء العالم بسبب الاوضاع السياسية والحروب بما جعل الناس ينظرون الى الفن كترف لا داعي له، انظر الى المعارض العالمية ستجدها مكتظة بالحضور، بل ارجع قليلاً الى فترة سبعينات القرن الماضي، كان الفن مزدهراً واصبحت بغداد قبلة الفن العربي والعالمي، أضف الى اسباب عزوف الناس عن الفن سياسة التجهيل التي مارستها الانظمة السياسية قبل التغيير السياسي عام 2003  وحتى اليوم.

□ بعد تجربتك الطويلة مع الفرشاة واللون، هل تحقق ما تصبو اليها؟

-  لم احقق ما أصبو اليه بل كل فنان يحلم بالكثير ولا تكفيه الاحلام الصغيرة.