الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الشكوى بمرور الزمن

بواسطة azzaman

الشكوى بمرور الزمن

اسماء خضير التميمي

 

تشيع في النص نبرة حزن وهو رد الفعل الأول تجاه أي مكروه يصيب المره. وعندما يفقد الأنسان الأمل في انصراف هذا الحزن يتحول إلى يأس وتتحطم معنوياته ويصبح في حالة الانكسار ولا مبالاة بما يدور حوله يعلن الشاعر ضعفه وقلة حيلته . فهو بعد أن كان يجد في الركون إلى الصبر واللوذ به يخفف من وطأة عذابه، صار هذا الصبر نفسه لا يقدم له السلوى والعزاء المنتظر منه، إذ صار الصبر هو الآخر هم وحزن يضاف إلى همومه وأحزانه، وأضحى الشاعر عاجزاً حائراً، وضع يرثى لهومن الشكوى الذاتية، شكوى الإحساس بمرور الزمن أو شكوى التقدم بالعمر. وهي من لقضايا التي تبرم منها الشعراء وغير الشعراء كثيراً، إذ صرخوا بالشكوى من الكبر الذي ارتبط في أذهائهم بالضعف والعجز وعدم القدرة على تحقيق الذات، فالشيخوخة في نظرالانسان مقترنة بالانتهاء، وهي نذير له بالموت الذي لا مفر منه ...

ومن خلال دلالة مفهوم الشكوى المعجمي وما تدور حوله من المعاني المتقاربة ، ثم في الشعر ، يمكن لنا تحديد تعريف فني للشكوى، بأنها: تعني التوجع من شيء تنوء به النفس كالمرض، والشيخوخة، والموت، والدهر، والحرب، والخيانة، والغدر .. وغير ذلك من المظاهر والحالات التي قد تعرض الشخص، فتكدر عليه صفو حياته، ويشعر إزاءها بالهم والياس.

والشكوى ميل فطري عند الانسان يلجأ اليه عند الشعور بالألم أو الحزن أو اليأس وما يوافق ذلك من إحساس بالاضطهاد أو الطغيان أو الظلم أو الاضطراب في الحياة الاجتماعية والسياسية والفكرية ويخرج الإنسان هذا الشعور لدفع الظلم الواقع عليه من الأفراد .

والشعراء لم ولن يغادروا الشكوى، لكونها عاطفة أساسها الشعور بالحرمان، الذي تتجدد أشكاله على مر الزمان، إن الشكوى: فن من فنون الشعر الوجداني العميق، وهي بعد ذلك لون من ألوان الشعر المتجدد، لاتصاع نطاقها ، وبخاصة شكوى الزمان أو (الدهريات) وهناك شكوى الأهل والأصدقاء، وندرة الوفاء، واختفاء المعروف بين الناس

والشكوى في كل عصر ومصر تنبثق من بواعث ذاتية واجتماعية وسياسية. وقد تطرق بعض  الشعراء في دواوينه الشعرية إلى أنماط مختلفة من الشكوى، يعود بعضها إلى أسباب شخصية لها علاقة بما عاشه وما مر به من تجارب حياتية، ويعود بعضها للظروف الاجتماعية المحيطة بالشاعر أو للأحداث السياسية التي عاصرها وألقت بظلالها على نفسه. ولم يجد لشاعر إلا الشكوى طريقاً وحيداً للإبانة عن وجعه الداخلي ولإزالة همومه وآلامه.الذاتية

مما لاشك فيه أن الشاعر إنسان مرهف، يتأثر ويحس... والشكوى هي الوتر الحزين الشعبي في قيثارة الشاعر الفنان، يمنح فيها الكلمات ما تحشرج في فؤاده من غُمة وحسرة، يصور الشاعر نفسه كمركب في بحر متلاطم، ضائع في لجته، وهذا الحال هي حاله كعاشق يبحث عن الوصال. إنه يعترف إن عشقه لها يجتذبه إلى قاع النهاية، ومع هذا فانه-رغم شكواه يلتجئ إليها. وهذا حال العشاق: يفرون من الألم إلى من كانت سببه. ومع هذا فإنه لا حظى باللقاء، ويظل يشكو ضياعه وينوح مناديا عليها في عزلته وفراغه وحياته الخاوية.

 


مشاهدات 31
الكاتب اسماء خضير التميمي
أضيف 2025/09/13 - 2:20 PM
آخر تحديث 2025/09/14 - 1:18 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 51 الشهر 9370 الكلي 11927243
الوقت الآن
الأحد 2025/9/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير