الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لماذا رفض الجندية وقانون الأحزاب ؟

بواسطة azzaman

لماذا رفض الجندية وقانون الأحزاب ؟

جاسم مراد

 

شظايا التفكير الأحادي ، المندمج مع الانانية والسيطرة ، يفقد التفكير العقلاني في تطور الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية بات يترسخ في المواقف ، ليس من باب تحقيق استحقاقات الدولة ومتبنياتها ، والمجتمع وضروراته ، والجيش وشروط بناءه وتطوره ، وإنما لخدمة مجموع أو مجموعات لا تقاس حجومها بالنسبة للضرورات الوطنية القصوى ، أو نتيجة لفرض اشتراطات لإرادات خارج المحيط الوطني .

مسألة خدمة العلم أو التجنيد الاجباري ، لا يتعارض ابداً مع التطوع الاختياري في الجيش ، وإنما هو أحد أهم شروط تطور وبناء الانسان والمؤسسة العسكرية ، فخدمة العلم بنيت عليها العسكرية العراقية منذ بدايات القرن الماضي وظلت مستمرة حتى الغزو الأمريكي الغربي للعراق عام (2003) وحتى الان ، وجرى مناقشة هذا الوضع في مجلس النواب اكثر من مرة ، لكن توقف الحديث عن ذلك ، فإذا كان البعض يحسب التجنيد الاجباري ، مرتبط بالنظام السابق فهو واهم ، وواهم جداً ، حيث حدث في العراق عدة انقلابات عسكرية وكلها أدت الى تغيير الأنظمة ، بل الغاء أنظمة بكل هيكليتها السياسية ، ولم يلغى قانون خدمة العلم لأنه واحداً من أهم أعمدة المؤسسة العسكرية ، وهو ايضاً من أهم شروط ترسيخ الوحدة الوطنية بين افراد المجتمع ، فعندما يلتقي ابن الرمادي مع ابن النجف وابن صلاح الدين مع ابن بابل وابن دهوك مع ابن ديالى وابن أربيل مع أخيه ابن الناصرية في وحدة عسكرية او فصيل عسكري واحد فأنهما يقيناً يعززان ارقى العلاقات الأخوية والوطنية في المجتمع العراقي ، وحتماً يكونان الجبل العازل لكل محاولات الأطراف والقوى الإرهابية وغيرها في الدفاع العراق .

بناء الذات

خدمة العلم واحدة من أهم بناء الذات الإنسانية ، وواحدة من أهم بناء شخصية الانسان وفعاليته داخل العائلة والمجتمع ، ثم بما إن بعض الشباب العاطلين عن العمل ، وأولئك الذين يقضون اكثر اوقاتهم في المقاهي ، وهم في اعمار توقيتات الخدمة العسكرية ، فلماذا لم يتم تجنيدهم لفترة زمنية كأن تكون ستة اشهر أو سنة ونصف السنة وبذلك نكون حصنّا الشباب من عوارض الزمن وطريق الزلل وساهمنا في بناء قوة شبابية رائعة سيكون لها دوراً في المعامل والمصانع ، سيما كما يقولون الجيش مصنع الرجال .

إذا كان البعض يزعمون بأن الخدمة العسكرية ليست مستساغة في هذا النظام ، فنسألهم هل الانفلات والتسكع والجماعات الخارجة عن القانون وأصحاب الدكات العشائرية والصراعات المسلحة بين الأطراف هو افضل من خدمة العلم ، وهو لصالح النظام لايمكن ذلك . في ارقى الدول الاسكندنافية سألوا هل شاركتم بالخدمة العسكرية لما يكون الجواب بالإيجاب يستحسن هذا الشخص عن غيره ، وفي تلك الدولة الكل خاضع لخدمة العلم لمدة ستة اشهر ويعتبر من اهم واجبات الشباب وعندما ينهي خدمة العلم له ولها الأفضلية في التعيين بدوائر ومصانع الدولة والقطاع الخاص . نحن لانتهم احداً بتعطيل سن قانون خدمة العلم ، لكن اهمال هذا القانون وعدم اقراره سيما طرح اكثر من مره في مجلس النواب ، يشكل ذلك خرقاً فاضحاً لحقوق واليات عمل الوطنية العراقية وبناء وتعزيز الدولة . وبذلك يصح القول ، لمن يعطل تشريع أو بالأحرى تجميد العمل بخدمة العلم ، فهو يساهم بشرذمة هيكلية الدولة وضعف اهم مؤسساتها وهو الجيش لصالح اطراف أو كيانات سياسية وكتلوية وجماعات خارج القانون ونظام الدولة وشروط تطورها ووحدتها الوطنية ، وليعلم الكل ، فالجندية لتاريخ الجيش وبناءه وليست لنظام أحد.

اختفاء قانون الاحزاب

أما ما يتعلق بقانون الأحزاب ، هذا المشروع الحيوي الذي اختفى أم اخفي لأسباب لم يعد أحد يشرحها أو  يبين أسبابها ، وهو واحداً من اشتراطات الدولة الحديثة ، واليات عمل قانون الديمقراطية ، وحقوق المواطنة في تحديد اختياراته الانتخابية على وفق البرامج السياسية والاقتصادية والثقافية التي تطرحها الأحزاب والكتل المتنافسة في الانتخابات .حسب علمنا عدم تحديد الية عمل الأحزاب والقوى السياسية وفق قانون يشرع لهذا الغرض ، فهناك مثلبة لما يسمونه بالنظام الديمقراطي ، وفي العلاقات بين هذه الأحزاب والاحكام التي يتوجب الالتزام بها ونتيجة لغياب قانون الأحزاب ، في العراق هناك اكثر من (  300 ) حزب وكيان وكتلة ومنظمة حزبية ، وهذا الرقم فلكي بالنسبة لعدد نفوس العراق ، كما إن مجمل هذه الأطراف تشترك في التوجهات الفكرية والسياسية لكنها لا تمتلك برامج العمل بحيث يستطيع الناخب أو المواطن التمييز بين هذا وذاك اللهم سوى اللــــــــهاث وراء الناخبين وتقديم الاغراءات ، وهنا تكمن المصيبة ، فالأنانية واستغلال الزمن الضـــــــــائع بين الترشح والمرشح تبلغ الاستفادة الشخصية ذروتها ، وهنا لانقصد الجميع بهذا ، لكن ما جرى ويجري من اكتشافات للذين يستغلون مصالح الدولة وحقوق الناس تشيب الراس .

فنعتقد إن قانون الأحزاب حالة حضارية تعتمدها الدول في التداول السلمي للسلطة ، وفي تنشيط حالة التنافس الديمقراطي وفي ضبط العلاقات بين الدولة ومؤسساتها وبين الأحزاب والكيانات السياسية ، وغياب مثل هذا الــــــــــقانون يعني بالضرورة خلق حالة من التيه لصالح اطراف منغمسة حتى العظم في رفض القانون لكونه يــــــــــحدد المستلزمات الضرورية للحالة المالية والحجوم الشعبية ويـــــــــمنع أي طرف ومهما كان الاستفادة من المال الأجنبي ، وفــــــــــكرة مشروع من اين لك هذا يعني يشمل الجميع أحزابا وكيانات سياسية ومسؤولين وغيرهم .    


مشاهدات 117
الكاتب جاسم مراد
أضيف 2024/07/13 - 5:06 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 8:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 194 الشهر 6967 الكلي 9369039
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير