الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الكرة المسحورة وصلاة المغرب وركعاتها الثلاث

بواسطة azzaman

الكرة المسحورة وصلاة المغرب وركعاتها الثلاث

محمد خضير الانباري

 

في مشهدٍ مؤسفٍ لا ينسجمُ معَ الروحِ الرياضية، عبرَ بعضِ لاعبي المنتخبِ الأردنيِ الشقيق، عقبَ ختامِ بطولةِ كأسِ العرب، عنْ استيائهمْ منْ خلالِ رفضِ مصافحةِ مدربِ المنتخبِ المغربيِ ولاعبيه، احتجاجا على قرارٍ حكمَ المباراةَ بعدمِ احتسابِ أحدِ أهدافهمْ أمامَ المنتخبِ المغربيِ وجاءَ ذلكَ رغمَ الأداءِ البطوليِ الذي قدمهُ المنتخبُ الأردنيُ خلالَ اللقاء، وهوَ القرارُ الذي أسفرَ عنْ خسارتهمْ المباراةِ واللقبِ بنتيجةِ ثلاثةِ أهدافٍ مقابلَ هدفين.

وعلى مواقعِ التواصلِ الاجتماعي، تداولُ محبو كرةِ القدمِ تعليقاتٍ طريفةً ذاتَ طابعٍ كوميديٍ حولَ المباراة، منْ بينها تعليقٌ ساخرٌ جاءَ فيه: «سنقاطعُ صلاةَ المغربِ وركعاتها الثلاثَ » ، في إشارةٍ إلى المنتخبِ المغربيِ وفوزهِ بثلاثةِ أهدافٍ على نظيرهِ الأردني.

  ولوْ افترضنا أنَ المنتخبَ الأردنيَ واجهَ منتخبا أجنبيا وخسرَ المباراة، ثمَ بادرَ لاعبو الفريقِ المنافسِ بالمصافحة، فهلْ كانَ اللاعبُ الأردنيُ سيرفضها؟ الجوابُ قطع لا، فالشعبُ الأردنيُ الشقيق، المعروفَ بأصولهِ البدويةِ وقيمهِ الأصيلةِ وعاداتهِ الكريمة، يتسمَ بالتسامحِ والعفو، وهيَ قيمٌ لا تقتصرُ على الرياضةِ فحسب، بلْ تمتدُ إلى شتى مناحي الحياة.

فكيفَ يمكنُ تحميلَ مباراةِ كرةِ قدم، وهيَ لعبةٌ تعشقها الشعوب، ما يفوقُ طاقتها، فهيَ ليستْ ساحةَ صراعِ بينَ أعداء، بلْ مساحةً للتقاربِ وتعزيزِ المحبة، وغالبا ما تثمرُ عنْ صداقاتٍ جديدةٍ بينَ جماهيرِ الدولِ المشاركة. إنَ هذا التصرفِ الفرديِ منْ بعضِ اللاعبينَ يسجلُ نقطةً سلبيةً بحقهم، ولا يعكسُ أخلاقَ المنتخبِ الأردنيِ ولا مكانته، ولا العلاقةُ الأخويةُ التي تجمعهُ بأشقائهِ في المنتخبِ المغربي.

نحنُ في العراق نتميّزُ عن سائرِ شعوبِ العالمِ بحبٍّ استثنائيٍّ لكرةِ القدم؛ فهي الموعدُ الوحيدُ الذي يجمعُ أبناءَ الوطنِ من شمالهِ إلى جنوبهِ. فعندما يخوضُ منتخبُنا الوطنيُّ العراقيُّ مباراةً مع أيِّ فريقٍ عربيٍّ أو أجنبيٍّ، تتجلّى هذهِ الروحُ الجامعةُ بوصفِها أبرزَ ما يوحّدُنا.  على النقيضِ من ذلك، نجدُ أنفسَنا مختلفينَ في الشأنِ السياسيِّ والتاريخيِّ والدينيِّ، حتى على أبسطِ القضايا، بل وحتى في مناسبةٍ عظيمةٍ كعيدِ ميلادِ حبيبِنا ونبيِّنا الأعظمِ محمدٍ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم. فقد طغتْ مفرداتُ المحاصصةِ والانقساماتِ والتسمياتِ القوميةِ والدينيةِ والمذهبيةِ على نظامِنا السياسي، فتناسينا الاسمَ الأكبرَ الذي كان ينبغي أن يجمعَنا جميعًا، ألا وهوَ البيتُ الكبير: العراق.

 ومنْ هذا المنطلق، تبرزَ جملةً منْ الأفكارِ التي طرحها عددٌ منْ المختصينَ في الشأنِ الرياضيِ العربي، منْ أبرزها: لماذا لا يتمُ تأسيسَ اتحادٍ عربيٍ لكرةِ القدم، في ظلِ الشغفِ الجارفِ الذي تكنهُ الشعوبِ العربيةِ لهذهِ اللعبة، وهوَ شغفٌ تجلى بوضوحِ في بطولةِ كأسِ العربِ الأخيرة.

يتولى تنظيمُ بطولاتٍ متنوعةٍ للمنتخباتِ بمختلفِ مسمياتها، للأندية، ولمراحل الشبابِ والناشئين، للرجالِ والنساءِ على حدٍ سواء، بما يسهمُ في تشكيلِ قارةٍ كرويةٍ عربـــــيةٍ مســتقلةٍ على غرارِ القارةِ الأوروبية، بعيدا عنْ هيــــــمنةِ قراراتِ الاتحادِ الآسيوي. وفي الختام، تبقى كرةَ القدمِ رياضةَ تجمعِ الشعوبِ وتقربَ بينها، ولا تكونُ يومَ سببٍ في الفرقةِ بينها، سيما بينَ أحفادِ سبطي رسولَ اللهِ محمدْ (ص ) ، الحسنْ والحسين- عليهما السلام.

 

 


مشاهدات 38
أضيف 2025/12/27 - 12:25 AM
آخر تحديث 2025/12/27 - 2:17 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 115 الشهر 19773 الكلي 13003678
الوقت الآن
السبت 2025/12/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير