الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
لماذا يعارض البعثيون التجربة الديمقراطية في العراق؟

بواسطة azzaman

لماذا يعارض البعثيون التجربة الديمقراطية في العراق؟

سليم الفضلي

 

منذ سقوط نظام حزب البعث عام 2003، برزت مواقف متباينة تجاه التحوّل السياسي الذي شهده العراق، وكان على رأسها موقف البعثيين الذين أبدوا — بصورة مباشرة أو ضمنية — معارضة واضحة للتجربة الديمقراطية الناشئة.
 وتعود هذه المعارضة إلى مجموعة عوامل تاريخية وفكرية وسياسية ونفسية مركّبة، يمكن تناول أبرزها في المحاور الآتية:

1. إرث الدولة الشمولية ورفض التحوّل

نشأ حزب البعث على عقيدة سياسية تقوم على مركزية السلطة، واحتكار القرار، والسيطرة على مؤسسات الدولة. وقد تجسّد هذا الإرث عمليًا في دولة الحزب الواحد التي حكمت العراق لعقود، إذ لم يكن هناك مجال لتعددية حزبية أو مشاركة سياسية حقيقية.

لذلك يُعدّ التحوّل نحو نظام ديمقراطي — يقوم على التداول السلمي للسلطة والانتخابات الحرة والفصل بين السلطات — في نظر البعثيين انقلابًا على النموذج الذي اعتادوه وتربّعوا على قمته.

2. خسارة الامتيازات والنفوذ

شغل البعثيون مواقع مركزية في مؤسسات الجيش والأمن والبيروقراطية، ومع سقوط النظام فقد الكثير منهم نفوذهم وامتيازاتهم.

ومن الطبيعي أن يولّد هذا التحوّل موقفًا رافضًا للنظام الجديد، خاصة أن ترتيبات ما بعد 2003 لم تمنحهم المكانة ذاتها التي تمتعوا بها سابقًا.
 وبالنسبة للبعض، أصبحت معارضة الديمقراطية وسيلة للدفاع عن الذات ومحاولة لاستعادة الدور السياسي المفقود.

3. الخلاف الأيديولوجي مع التعددية

ترتكز الأيديولوجيا البعثية على فكرة “الوحدة” و”الدور التاريخي” و”الطليعة المناضلة” التي تمثّل الأمة.
 وهذا التصوّر يتعارض بطبيعته مع مبادئ التعددية السياسية التي تمنح أي تيار — مهما كان حجمه — حق الوجود والمنافسة.

لذلك ينظر البعثيون إلى الديمقراطية لا باعتبارها آلية لحكم الشعب، بل كتهديد مباشر لهوية الحزب ومرتكزاته الفكرية.

 

4. المخاوف من المحاسبة والمسؤولية القانونية

شكّل سقوط النظام مرحلة محاسبة لتجاوزات عديدة ارتُكبت خلال العقود السابقة، ما وضع العديد من رموز النظام أمام ملفات قضائية أو متابعة قانونية.

ومن هذا المنظور، ترتبط معارضة الديمقراطية — لدى بعض البعثيين — بالخوف من أن تفتح الأنظمة المنتخبة الباب أمام مزيد من المحاسبة، في حين يرون أن العودة إلى حكم مركزي قد يوفر لهم حماية أو يعطل تلك الملاحقات.

 

5. اعتبار الديمقراطية مشروعًا خارجيًا

جزء من الخطاب البعثي يصوّر الديمقراطية بوصفها نظامًا فُرض على العراق من الخارج بعد الاحتلال الأميركي، وبالتالي يعتبرونها أداة لإضعاف الدولة وإعادة تشكيل هويتها السياسية.

وبناءً على ذلك، يتعامل كثير منهم مع أي تغيير بعد 2003 بوصفه امتدادًا للتدخل الأجنبي، مهما كان حجم المشاركة العراقية فيه.

 

6. القراءة السلبية للفوضى بعد 2003

مرّ العراق بمرحلة فوضى أمنية وصراعات داخلية عقب سقوط النظام، ويستخدم البعثيون هذه المرحلة كدليل على “فشل الديمقراطية”، مقارنةً بما يعتبرونه “استقرارًا” قبل 2003.

ويتجاهل هذا الخطاب طبيعة القمع والعزلة التي رافقت ذلك الاستقرار المزعوم، بهدف ترسيخ فكرة أن الديمقراطية جلبت الانقسام والفساد، وأن الحل يكمن في العودة إلى نموذج سلطوي مركزي.

 

سليم الفضلي


مشاهدات 54
الكاتب سليم الفضلي
أضيف 2025/11/30 - 3:41 PM
آخر تحديث 2025/12/01 - 2:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 122 الشهر 122 الكلي 12784027
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير