الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
ثلاثة أسباب وراء أزمة المياه

بواسطة azzaman

ثلاثة أسباب وراء أزمة المياه

 

سارة إياد طارق

 

تفاقمت أزمة المياه في العراق خلال السنوات الماضية لعدة أسباب من بينها سوء إدارة استخدام المياه وتغير المناخ وتراجع الإمدادات من دول المنبع (تركيا وإيران وسوريا) وهي عوامل تتشابك معا وتبرز أهمية مشكلة أساسية لم تتم معالجتها حتى الآن، لاسيما أن العراق يعتمد بشكل كبير على المياة السطحية وان معظم موارده تأتي من نهري دجلة والفرات وروافدهما، وتستفيد من هذين النهرين البلدان الثلاثة تركيا وسوريا والعراق، ولكل بلد من هذه البلدان خططه الخاصة باستثمار واستغلال تلك المياه؛ وهذا يتطلب التنسيق بين الدول الثلاثة وتحديد حصة كل بلد من مياه النهرين كي لا تحصل ازمات ومشكلات وانعكاسات سلبية في المياه بين هذه الدول الجارة.

موارد مائية

في هذا السياق توجد ثلاثة عوامل رئيسة ساعدت في نشوء أزمة المياه الحالية وكان لها تأثيرها الكبير على الموارد المائية في العراق، فالعامل الأول يتعلق بالتغيير المناخي والاحتباس الحراري؛ الذي أدى إلى ظاهرة الجفاف وشمل منطقة الشرق الأوسط برمتها وليس العراق فقط مما نتج عنه تناقص كبير في كمية سقوط الأمطار والثلوج وتدني واضح في الإيرادات المائية لنهري دجلة والفرات. اما العامل الثاني والمهم فهو تصرفات دول الجوار المتشاطئة (معنا) على نهري دجلة والفرات ونقصد بها الخطة التشغيلية لتركيا وسوريا وإيران بالنسبة للموارد المائية حيث توجد عدد من السدود المقامة على نهر الفرات داخل تركيا وسوريا وإيران بالنسبة للموارد المائية ومن خلال خططهم يمكن السيطرة على كميات المياه الواردة إليها وخزنها. بينما يتمثل العامل الثالث بإدارة المياه داخل العراق فالحكومات السابقة أهملت الموارد المائية ولم تضع خطط واضحة لاستخدامها وان معظم المشاريع تحتاج إلى صيانة والى تطوير؛ فالمشكلة المائية قديمة، واليوم نمتلك أكثر من (120) الف كيلومتر من القنوات والمبازل الرئيسة والثانوية والمجمعة والحقلية ومعظمها يحتاج إلى صيانة، مع وجود عدد كبير من محطات الضخ في وضع سيء وتحتاج إلى صيانة وإعادة تأهيل، فضلا عن أن الاعشاب المائية وعوامل التلوث البيئي تنتشر في الأنهار الرئيسة والفرعية.

في الوقت نفسه بدأ العراقيون في السنوات الأخيرة العمل بمواصفات علمية وفنية واقتصادية لإصلاح الوضع، لكن لابد أيضا السعي الى التركيز على استخدام طرق الري الحديثة كالري بالرش والتنقيط وتبطين القنوات؛ لكي نستغل المياه الموجودة بشكل أفضل، وفي هذا المضمار اتخذت الوزارة خطوات جيدة رغم صعوبة الظروف في هذا المجال.

من زاوية اخرى لابد ان نقول بأن الموارد المائية في العراق تتمثل بالمياه السطحية والمياه الجوفية وتشمل المياه السطحية حوض نهر دجلة وروافده ومعظمها من خارج العراق في تركيا، وأن روافده الرئيسة (باطمان)و (كارزان) وتصب فيه على الضفة اليسرى عدة روافد، وتشكل الجزء الرئيسي من إرادته المائية. كما أن بعض الأنهار الحدودية مع ايران تصب أما في نهر دجلة أو في الاهوار.

لقد اشارات العديد من الدراسات والبحوث المختصة بمستقبل الشرق الأوسط منذ بداية القرن الواحد والعشرين ولغاية الآن إلى أن الأزمة الحقيقية التي سوف تواجه شعوبا المنطقة قريبا هي أزمة المياه، ومن الطبيعي جدا أن يكون العراق أحد أبرز الأطراف المتأثرة بالأزمة؛ نظرا لأن منابع نهري دجلة والفرات تقع خارج أرضيه، ويمتدان لمسافات غير قليلة في الاراضي التركيا. ويثير ملف شحة المياه في العراق التساؤل مجددا حول انجازات الحكومة العراقية المتعاقبة منذ عام 2003.

جهود حكومية

فعلى الرغم من الموارد المائية الاستثنائية التي تدفقت على البلد طيلة السنوات الماضية إلى أن الجهود الحكومية في تحقيق الأمن والسلام والوفاء، وتأمين الأمن الاقتصادي والغذائي والمائي، بددت في إطار السياسية والصراع على المال والسلطة على حساب السيادة والأمن والاقتصاد، وما يثير الاستغراب أيضا التعذر بقلة التخصصات اللازمة لتعزيز البنى التحتية وتطوير شبكة المياه في عموم المحافظات.

يذكر أن هذه المشاريع لم تحظ بنصيبها حين كانت الوفرة المالية تفيض عن حاجة الموازنة سنويا حتى وصل الفائض المالي المتراكم عام 2012 إلى قرابة 18 مليار دولار. من جانب آخر يتصدر فشل الدبلوماسية العراقية الموقف بامتياز؛ نظرا لضعف اداء وزارة الخارجية في ممارسة الدور الفعال في تعزيز مصالح العراق على الأقل مع دول الجوار العراقي، لاسيما أن العراق سوقاً لسلع تلك الدول، ومصدرا لتدفق العملة الأجنبية إليها، إضافة إلى كونه مصدرا رئيسا للطاقة (خصوصا بالنسبة لتركيا) وهذا يستدعي وضع الاستراتيجيات الوقائية (متوسطة وطويلة الأجل) المعتمدة في الدول التي لها حكومات وطنية وطواقم فنية موزعة على المؤسسات الحكومية طبقا للتخصص والخبرة والممارسة، وهذا ما يجب ان تنتبه له الحكومة العراقية وتعمل من اجله وبكل الامكانات؛ من اجل الحد من مصير العطش المحتوم.


مشاهدات 28
الكاتب سارة إياد طارق
أضيف 2024/07/05 - 10:47 PM
آخر تحديث 2024/07/06 - 1:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 34 الشهر 2073 الكلي 9364145
الوقت الآن
السبت 2024/7/6 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير