اجرت الحوار -هدير الجبوري
جزء كبير من الغناء العراقي الأصيل يرتسم امام ناظري وانا اتجه لاجراء حوار مع الفنان الكبير الدكتور فاضل عواد أحد ابرز نجوم الاغنية السبعينية العراقية وهو احد الكنوز الفنية والذي ارتبطت اغانيه مع اجمل ذكريات العائلة العراقية ،وظلت اغنيته -لاخبر لاجفية لاحامض حلو لاشربت – تتقافز كلماتها وموسيقاها امامي وانا انوي الحديث معه ، وبعد ابتعاد طويل عن وسائل الاعلام وتحاشي اللقاءات التلفزيونية والصحفية وتفرغه للعمل الاكاديمي في التدريس باحدى الجامعات العراقية وافق وبكل حب على اجراء هذا الحوار الصحفي الخاص لجريدة الزمان مرحبا بي وبكل كادر الجريدة التي يقدرها كثيرا وكان هذا اللقاء الذي سلط من خلاله الضوء على صفحات من تاريخ طويل وغني :
فاضل عواد ولِد في بغداد باحد أحيائها المعروفة بودنا ان تستعرض لنا وللقارئ نبذة عن نشأتك وطفولتك قبل ان ننطلق للحديث عن الدخول الاول لمضمار الفن والغناء؟
انا من منطقة الكرخ/ محلة الفحامة ولدت في اربعينات القرن الماضي والمدارس الابتدائية التي درست فيها هي: مدرسة المشاهدة والنجابة والجنيد ومدرسة التربية الاسلامية.
في حياة كل فنان مرحلة عمرية يكتشف فيها موهبته الاولية، فمتى اكتشف الدكتور فاضل عواد انه يمتلك موهبة الغناء وان صوته يحمل هذه الجمالية التي ستمكنه لاحقا من أن يصبح مغنيا؟
اول ظهوري في برنامج ركن إلهواة والذي كان يقدمه ألمخرج ألتلفزيوني الراحل كمال عاكف سنة ١٩٦٣م ثم أصبحت عضو كورس البرنامج لمدة خمس سنوات ثم تقدمت للاختبار لأكون مطربا فنجحت في الاختبار ولكن جعلوني عضو كورس الاذاعة لمدة ستة أشهر ثم تم الاعتراف بي مطرباً سنة ١٩٦٨م بأغنية( لا خبر) من كلمات الراحل زميلي في معهد إعداد المعلمين بمنطقة الاعظمية طارق ياسين وألحان الفنان الراحل حسين السعدي رحمهم الله سبحانه جميعا
كما هو معروف في السيرة الذاتية أنك كنت من الطلاب المميزين في الثانوية ونلت درجات عالية بعد اكمالها فما الذي جعلك تصر على اختيار معهد المعلمين لتكمل دراستك فيه ومعدلك كان يؤهلك لان يتم قبولك في كلية مناسبة وهل تعتقد ان في اختيارك هذا شئ من الظلم قد طال مرحلة مهمة من حياتك واغتال حلما لك فيها؟
منذ طفولتي وأنا اعتمد على نفسي واخترت معهد أعداد المعلمين لاختصار الفترة الزمنية والحصول على الراتب وقد أساء أحد الإعلاميين الي كثيرا بأنني دخلت القسم الداخلي للحصول على الخمسة دنانير كي اعطيها لعائلتي الفقيرة ،فانا لم أكن فقيراً ونحن أربعة اخوة عزاب نشتغل جميعا وكنت طالبا خارجيا وكنت إلاول على الدورة بمعدل٥/ ٩٦ لهذا تم تعييني في بغداد سنة١٩٦٧م.
هل دخولك الفن جاء مصادفة ام كان بقرار مسبق ومتى كان ذلك حدثنا عن ذلك …وهل اتجهت للغناء وانت مازلت طالبا في معهد اعداد المعلمين وهل تسبب ذلك في التأثير على سير الدراسة ؟
: لم أفكر يوما ما أن اكون مطربا بل الصدفة هي التي جعلتني أشارك هاويا باغنية واحدة في برنامج ركن إلهواة ألتلفزيوني للفنان معن دندشي/ اهلا وسهلا ابعودة الغياب ثم توالت النجاحات تباعا واخذت اغني في النوادي الاجتماعية الراقية مع كبار ألفنانين الرواد كنادي المنصور والعلوية وجمعية المهندسين وجميع النقابات آنذاك وانا هاو ولست مطربا حتى أصبحت مكافأة النقدية مساوية لهم…
هل تعتبر ان برنامج ركن الهواة الذي قام بتعريف الجمهور بك كان هو من المراحل الاساسية لارساء الخطوات الاولى لمسيرة فاضل عواد …وهل تعتبر ان اغنية لاخبر التي قدمتها بهذا البرنامج هي الانطلاقة الحقيقية لك وكيف خدمتك الصدفة لان يقع عليك الاختيار لتغني هذه الاغنية…
لولا برنامج ركن إلهواة لما أصبحت مطربا ابدا إذ كان من أهم البرامج التلفزيونية التي ينتظرها الجمهور العراقي في ستينيات القرن الماضي ومن ركن إلهواة ظهر الفنانون منهم: الراحل حسين السعدي والراحل جاسم الخياط وفخري عمر والفنان الاثوري الراحل ادور يوسف المعروف ب( بيبا) وكذلك الفنان جاسم شرف وغيرهم
بعد اغنية “لاخبر” تغيرت مسيرة فاضل عواد واصبحت اغنياته من أجمل الاغاني البغدادية السبعينية يرددها الكثيرون من جمهوره الواسع.. هل تعتقد ان الاغنية السبعينية هي أفضل مراحل الاغنية العراقيةحقا؟
نعم تعد الفترة السبعينية هي الفترة الذهبية للحركة الموسيقية الغنائية باعتراف كبار النقاد الأكاديميين واصحاب الذوق الراقي والمتابعين من الاعلاميين أرباب الاختصاص والخبرة الميدانية وذلك لظهور موجة من المبدعين من شعراء وملحنين ومطربين جدد قدموا نتاجا جديدا غير مطروق إذ كانت الأغنية البغدادية .
تعتمد على مقام واحد و الإيقاع واحد لا يتغير منذ البداية حتى النهاية ولكن الأغنية. حققت على المستوى العلمي الاكاديمي الكثير من طموحك فماذا درست وتخصصت بعدها؟
انا افضل دائما ذكر المراحل الدراسية التي مررت بها وهي كالاتي: حصلت علي شهادة الدبلوم من معهد أعداد المعلمين في الاعظمية سنة ١٩٦٧م وكنت الاول على الدورة/ في سنة ١٩٧٤م حصلت على شهادة البكالوريوس في ألأدب العربي من الجامعة المستنصرية/ في سنة ١٩٨٢م حصلت على شهادة الماجستير في آداب اللغة العربية من جامعة بغداد بدرجة جيد جدا/ في سنة ١٩٩٠م حصلت على شهادة الدكتوراه من الجامعة المستنصرية بدرجة جيد جدا/ وفي سنة ٢٠١٥ حصلت على درجة أستاذ مساعد بعد كتابة ثلاثة بحوث علمية ونشرها بمجلات علمية وهنا يجوز لي أن اكون عميد كلية ولكن بعدها يجب التوقف عن النشر لمدة خمس سنوات قانونيا/ لهذا بدأت بكتابة خمسة بحوث علمية سنة٢٠٢٠م وتقيم من قبل أساتذة خبراء فقبلت جميعها ونشرت في المجلات العلمية ولكن بعد نشرها قدمت للجامعة العراقية التوأم مع كلية السلام لتقدم لأساتذة الاختصاص لاجازتها من داخل العراق وخارجه فأجيزت جميعها داخلا وخارجا وسلمني الأخ العزيز البروفسور علي الجبوري رئيس الجامعة مشكورا بيده البيضأء شهادة الاستاذية/ بروفسور في آداب اللغة العربية سنة ٢٠٢٢م والحمد لله تعالى
في مرحلة من مراحل مسيرتك الفنية اتجهت الى الانشاد الديني والقصائد الصوفية فهل كنت تجد في نفسك ميل كبير لذلك وهل قيامك بالغناء بالفصحى نالت فيه اغانيك نفس المقدار من الشهرة الذي حققته(يانجوم صيرن كلايد و أتنه اتنه وحاسبينك وهلوا واحنا نهل ولاخبر وغيرها الكثير؟
أحببت التغيير والانتقال إلى بيئات أخرى ولم اعرف انني سأكون أحد شعراء جامعة بني وليد العريقة وانشر قصائدي في صحف بني وليد ومن ثم مشاركتي شاعرا في المناسبات الوطنية وأهمها ذكرى استشهاد الثائر ألوطني المجاهد الشيخ عمر المختار رحمه الله تعالى ضد الاحتلال الايطالي وألقيت أجمل قصيدة القيت أمام الجمهور الليبي الشقيق حتى بكى الكثيرون عند سماعها وهي طويلة منها.
وفي سلوق أرى المختار سارية/ وتحت أخمصه الأوباش تحتضر/بشرى الشهادة جنات واوسمة/ على الصدور بها الأحرار تبتشر/ ما كان قيدا ولكن هذا موضعه/ عقد الرجولة بالأطفال يفتخر/ ايه شهيد العلى حدث فلا حرج/ من جنة الخلد هذا اللون يا عمر!!!!وختمتها بقولي: بدرأ ترى عمرا فانظر لطلعته/ فهل رأيت سماء مالها قمر؟!!! وفي المنام جاءني الشيخ عمر رحمه الله تعالى شاكرا أياي وأهدى لي اربع زهرات بيضاء ثم قال لي: زر المعونة في سرت!! ولم افهم ما أراد إلا بعد إرسال العقيد معمر القذافي الي يريد مقابلتي في مدينة سرت المشهورة بقوة ترسانتها العسكرية وفعلا تمت المقابلة وشكر جميع الأساتذة العراقيين الذين يدرسون في الجامعات الليبية وكذلك شكرته أيضا نيابة عنهم إذ استقبلنا الاخوة الليبيين استقبالا رائعا منذ دخولنا الحدود دون أن يفتشوا حقائبنا ذهابا وايابا وتحياتي لهم جميعا على حسن صنيعهم معنا وتعاملهم الأخوي معنا والحمد لله .
هل كان للغربة التي عشت سنينا فيها تأثير على حياتك الفنية والشخصية وهل ترى ان الفنان العراقي تعرض لشئ كبير من الظلم خلال مسيرته الفنية أجبرته على الابتعاد عن الفن مؤقتا واختيار طرق ومسارات مخالفة لموهبته وحبه لفنه؟
::لكل فنان فلسفته الخاصة في الحياة وأكثر الفنانين الذين أجبروا على التغرب هم أصحاب الفكر السياسي الناضج إذ ان الفنان مرهف الحس عاشق للحرية لا يبدع مالم يكن حراَ فكرا وابداعا وما أن يشعر أنه ملاحق او عليه ضغوط ما فليس له الا الرحيل حفاظا على عقيدته السياسية واحتراما لانسانيته…
هل كنت تظن وانت تغني جنبا لجنب مع زميلك الفنان سعدون جابر في الكورس الغنائي لفرقة الانشاد وقبلها في حدائق السكك ان كليكما سيصبح له شأن كبير يوما ما وسيكون له بصمة لايمكن ازالتها من تاريخ الفن العراقي الذي كان وسيظل يفخر انكما من رواده؟
مستحيل أن نفكر بهذا الأمر الصعب تحقيقه آنذاك وكنا هواة لاغير.
هل فاضل عواد اليوم متفرغ للعمل الاكاديمي وفي اي جامعة تقوم بالتدريس فيها الان…وهل تجد راحة في هذا التوجه والاستقرار فيه ؟
نعم انا الان مستشار علمي بعد حصولي درجة الاستاذية ومدير تحرير مجلة كلية السلام العلمية وشاعر المؤتمرات والواجهة الاعلامية للكلية..
ماهي مؤلفات الدكتور فاضل عواد؟
ألفت كتب منهجية تدرس في الكلية وحسب المفردات المقررة من قبل وزارة التعليم الموقرة وهما للسنة الأولي والثانية: الأدب الاسلامي/ التصوف الاسلامي/ و ألفت كتابي الموسوم( المنقذ في علم العروض والقافية) من٤٨٧ صفحة وطبع بمطبعة قنديل سنة٢٠٠٥م بعمان/ الاردن/ وهناك كتاب اخر مهيأ للطبع.
•
على يد من تعلمت العزف على آلة العود؟
على يد استاذي في معهد المعلمين الأستاذ أكرم رؤوف رحمه الله تعالى. والى هنا قال في النهاية الدكتور فاضل عواد انه انتهت رحلة السندباد الطيبة مع الصحفية الزميلة هدير الجبوري راجيا لها الموفقية والصحة والسعادة الدائمة أن شاء الله تعالى ولكل كادر الزمان دوام الموفقية …