فاتح عبد السلام
لا توجد قضية واحدة ذات جدل مزمن وكبير، محسومة في العراق. أولى القضايا، انه لا يوجد تعريف رسمي للفساد، ولا توجد تحقيقات استنادا لتصريحات من سياسيين او شهود عيان بشأن الفساد، كما انّ الفساد لا يبدو أمراً مقلقاً لأي تشكيل حكومي أو رسمي،إذ هناك حالة من التعايش تصل الى حد الاندماج المثير في بعض الأحيان او ربما حد التخادم والتضامن وترحيل الملفات عبر عدم المبالاة اذا احسنّا النية فيهم.
نريد من السلطات التي تتولى امر بلاد الرافدين – اعتذر التعبير اكبر من واقع الحال- أن يتم تعريف معنى الرشوة والفرق بينها وبين العمولات او تسهيل الصفقات أوعرقلتها أو الانحياز في المناقصات والمزايدات او التغاضي عن ملفات تخص الغش في التصنيع الغذائي والصحي والتجاري. كما نريد أن نعرف الصلة بين الفساد والهدر في الموازنة عبر الإهمال والخطط الفاشلة ونقص الخبرات والصرف في الأبواب غير الضرورية.
جهل الوزير في تصريف أمور وزارته وتركه الحبل على الغارب في يد مديرين عامين مزمنين او وكيل مخضرم عبر أربع أو خمس حكومات هو فساد ايضاً.
عدم الإعلان عن نتائج التحقيقات الكاملة في سرقات كبيرة ذات صلات سياسية هو نوع كبير من أنواع الفساد.
ترك البطاقة التموينية على حالها الرديء، وعدم التفكير ببدائل تتناسب مع ثروات البلد الغني، وغير المحاصر والمدعوم دوليا، هو فساد لا خلاف عليه.
كل ما ينتج عن تأخير في المواعيد الدستورية المستحقة من اضرار تصيب مواطنين ومصالح عامة انما هو فساد لا ريب فيه.
من هنا نحتاج ان يصدر عن الرئاسات الأربع ، ماشاءالله، عددها كبير، ما يعطي تعريفا دقيقا للفساد لكي يتبين المواطن العراقي وضعه ومستقبله كما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من هذا الليل البهيم الطويل.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية