فاتح عبد السلام
ما يسطره الوزراء على مواقع الوزارات من خطط عمل، يرينا انّ هناك استنساخاً كبيراً فيما بينهم، من حيث استخدام التعابير ذات الفخامة العظيمة من دون ان يكون لها استجابة على الواقع. نراهم يصفون خطط الوزارات بالاستراتيجية في حين انّ البلد كله يفتقر الى الخطة “الاستراتيجية” الخمسية او العشرية لتغيير حاله، وان الحكومات المتعاقبة يناقض بعضها البعض الآخر، ويغني كل على ليلاه من دون ان يكون هناك أي رابط تنفيذي أو تخطيطي دقيق بين حكومة حالية وحكومة سالفة.
اكثر وزارة يفترض انها تذهب الى الهدف مباشرة من دون لف ودوران لتكون البوصلة لمسار البلد هي وزارة التخطيط، وهكذا كان شأنها منذ تأسيس الدولة العراقية وتطورها، قبل ان تتحول عبر خطابها المغرق بالتعابير “الاستراتيجية” في ما تعلنه على موقعها اليوم الى الأكثر ايغالاً في تهويمات المصطلحات المُفخمة التي لو كان لها صدى في الواقع لرأينا العراق في حالة نهضوية تشبه ما يجري في الامارات العربية او قطر او السعودية.
تكرار مثير للاستغراب لمفردة ”الخطة الاستراتيجية” و”الاهداف الاستراتيجية” و”التوجهات الاستراتيجية” ، وما يتصل بها من مثل قولهم تتفاعل و تستجيب الخطة الاستراتيجية للتحديات والتغيرات الداخلية والخارجية ، وكأن هذا الكلام الانشائي لا ينطبق على جمعية الرفق بالحيوان او جمعية دار المسنين لو أراد أي منها ان يصدر بيانا .
واكتشفنا بعد اجتياز كم لفظي فارغ من تعابير الوزارة المسطرة على موقعها ان هناك “الرؤية المستقبلية” من دون ان تعلمنا الوزارة العتيدة ما الفرق بين “الخطة الاستراتيجية والرؤية المستقبلية”، مروراً بقولهم إجراء “التحليل الاستراتيجي”.
وبعد صفحات من هذا الكلام المعلق بالهواء الذي يبدو انه يشبه حال البلد، نجد انَّ هناك كشوفات عن نسب إنجازات المشاريع الخاصة ببناء مقار لجهاز الإحصاء في بلدة او قضاء او محافظة ، وهو جزء روتيني لا يتصل بالرؤية الواجب توافرها وإعلام الشعب بها في الإجابة على الأسئلة “الاستراتيجية” حقاً هنا ، وهي اين يتجه العراق حين تنفد ثروته النفطية ولم تحول وزارة التخطيط تلك المصيبة في خطط استباقية تتولاها الدولة برمتها من اجل توفير البدائل من مشاريع يستطيع العراقيون ان يضمنوا رواتب للجيل المقبل والقريب ، على اعتبار انّ هناك جيلا يكاد ينتهي من دون ان يرى شيئا لكنه سمع جعجعة كبرى لمطحنة من دون طحين.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية