فاتح عبد السلام
في عالم اليوم، حيث الحروب أقرب للإنسان من حبل الوريد، لم تعد هناك دولة على خارطة الصراعات العالمية التقليدية لا تتحسب ليوم تتحول فيه جميع الإمكانات المدنية الى عسكرية او داعمة للمجهود الحربي او الدفاع المدني لأسباب تخص الحروب او الكوارث العامة الاخرى. والدول المتقدمة بسبب انعدام الفساد ودقة التخطيط المدني والعمراني والخدماتي تمتلك ذاتياً سياقات مرنة وسلسة وقابلة للتحوير من اجل التوظيف في شؤون الدفاع والعسكر عند الضرورة.
بلدان العرب لاسيما تلك التي تقع على خطوط ملتهبة منذ عقود، تكاد تكون مجردة من أي امكانات حيوية للدفاع المدني في استيعاب موجات نزوح مليونية او إيواء المدنيين في مناطق السكنية في ملاجئ، بالرغم من ان شبح الحرب يخيم كل يوم فوق الرووس، فالأساس التكويني والتخطيطي ضعيف وهش في بناء مؤسسات الدفاع المدني والاغاثة لدى الدول العربية، وكثير من بلداننا تعد جهود الإغاثة موسمية ومرحلية لذلك لم يترسخ فيها العمل المؤسساتي المستديم. وهناك مفاهيم خاطئة في اقتصار الخدمات على النقل للمستشفيات والاسعاف الموضعي السريع وتوفير الخيام في مناطق محدودة. ولا أحد يتحسب ليوم يكون أي بلد من دون مطارات او موانئ، وهذا الوضع يقترب منه لبنان بسرعة شديدة.
لماذا ينجح الدفاع المدني في المدن الإسرائيلية ليستوعب الملايين في الملاجئ في ساعة واحدة كما حدث يوم التبليغ بقرب حدوث ضربات صاروخية إيرانية، في حين يخفق العرب الذين يخوضون الحروب في تأمين أبسط ملجأ لحي سكني واحد،
ويبقى تركيزهم على ملاجئ عسكرية للقيادات العليا وفي ارض القتال فقط، بالرغم من انّ تكنولوجيا الصواريخ باتت تساوي بين المستهدف في خيمة او دار سكني وبين القابعين في ملاجئ محصنة عشرات الأمتار تحت الأرض.
المغامرات تتناسل من دون خطط، تحت وقع الشعارات المقدسة التي استباحت الانسان .
رئيس التحرير-الطبعة الدولية