الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تلميذ صباحاً.. عامل مساءً

بواسطة azzaman

تلميذ صباحاً.. عامل مساءً

لينا ياقو يوخنا

 

عند الحديث مع بعض الاشخاص الاكبر سناً يذكرغالبيتهم طفولتهم الشاقة والتعيسة وذلك لتحملهم المسؤولية منذ صغرهم, وكذلك الشباب اليوم يصف بعضهم ايام طفولتهم بالصفحة السوداء في حياتهم خاصة ممن عاشوا فترة الحرب والحصار في التسعينيات واحداث ما بعد 2003 وما خلفته هذه السنوات من فقر وشهداء وايتام وضعف الاهتمام بالطفولة في العراق, والحال مستمر كما هو عليه في حاضرنا ايضاً فحياة الاطفال صعبة جداً ومؤلمة, فقد صادفت مرات عدة عند تجوالي عصراً في مناطق ببغداد ان رأيت احدهم يعمل في البقالة واخرون في الاسواق او في مطعم شعبي, وعندما سألتهم فيما اذا كانوا يواضبون على دوام المدرسة صباحاً فاجابوا بالإيجاب وانهم يعملون بأجور يومية لمساعدة عوائلهم, وهنا لاحظت ان قصة هؤلاء الاولاد هي تكرار لواقع مرير لم يتغير منذ عقود. فهؤلاء الصغار لهم من الاسباب الكثيرة التي دفعتهم الى العمل ابرزها فقر الحال اوفقدان الأب.

ان عمالة الاطفال في العراق ليست وليدة اليوم. والاسباب ذاتها منذ سنوات منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي ادت الى عدم تطبيق القوانين التي تمنع عمالة الصغار, بحيث اصبحت جزء من موروثنا, وهذا ما جعل واقع الاطفال مؤلم والشواهد اليومية خير مثال على ذلك.فهم لم يعيشوا مرحلة الطفولة كما يجب ان تعاش وكأنهم ولدوا شباب ناضجين باجساد صغيرة, كما ان محاولة اشعارهم بأنهم كبار وعلى عاتقهم تقع مسؤولية العمل وضرورته- من قبل اسرهم ومجتمعهم ودولتهم- سيلغي او يحذف حلقة مهمة من حلقات الحياة الضرورية والتي يجب ان يمر بها اي انسان سوي وهي الطفولة. وانا لست في الضد من تعليمهم المسؤولية فهي من الاساليب المهمة في بناء شخصيتهم خاصة في هذه المرحلة العمرية لكن يجب ان تكون المهام الملقاة على عاتقهم سهلة وبسيطة وان لا يكون فيها ما يجهد النفس والبدن او يسبب الخطر على حياتهم او يُسلب حقهم في الراحة والترفيه او يشعرهم بمسؤولية اكبر مما يستطيعوا تحملها بحجة انهم لم يحرموا من حقهم في التعليم. وفعلاً ان الجمع بين الدراسة والعمل شيء ايجابي فيما لو كان الشخص قد تجاوز الثامنة عشر وكان في مرحلة الدراسة الجامعية فذلك سيساعده في الاعتماد على النفس وبدأ خطواته لتحقيق طموحه, لكن هذا يصعب على الاطفال تحقيقه فهم بحاجة الى اخذ قسط من الراحة بعد العودة من المدرسة, ومن ثم قضاء وقت مع عوائلهم والترفيه عن انفسهم. وعيش طفولة هادئة وعفوية بعيدة عن معضلات الحياة ومسؤولياتها الكبيرة التي تقع على عاتق الكبار سواء الاسرة او الدولة وليس على الصغار فهذه ابسط حقوقهم ان يعيشوا هذه المرحلة كما هي  والا سترافقهم الذكريات السلبية عنها كلما تقدموا في العمر وسيشعروا بمرارة الحياة وحرمانهم من طفولة جميلة وبسيطة حيث الاهل يدللون اطفالهم ويتحملون مسؤولية توفير حقوقهم كما الدولة تتحمل ذلك في حالة كانوا من ذوي الدخل المحدود او ممن فقدوا ابائهم في الحروب والعمليات الارهابية.

 

 

 


مشاهدات 164
الكاتب لينا ياقو يوخنا
أضيف 2024/06/29 - 12:15 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 270 الشهر 11394 الكلي 9361931
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير