الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الخداع يُولد النجاح

بواسطة azzaman

الخداع يُولد النجاح

علي أحمد الزبيدي

 

- السياسة: فنٌ لا طعم لها ولا لون ولا رائحة :

في جميع بلدان العالم، تُشبه السياسة الماءَ في عدم امتلاكها طعمًا أو لونًا أو رائحة. فالماء سهل التشكيل والتغيير، وقابل للإضافة والتطوير والتعديل.

يقول الكاتب المصري أنيس منصور: «السياسة فنٌّ السفالة الأنيقة».

وهذا لا يعني بالضرورة أن جميع السياسيين سفلة أو حمقى، بل إن السياسة التي يتبعونها غالبًا ما تكون مزيجًا من الكذب والخداع والفساد والدهاء والتلون.

يُؤكّد عليّ بن أبي طالب (ع) على ذلك في حربه مع معاوية بن أبي سفيان بقوله: «والله ما معاوية بأدهى مني، ولكنه يغدر ويفجر، ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس».

وقد أكدّ على هذه الفكرة العديد من الأدباء، ومنهم الشاعر اللبناني جورج جرداق بقوله: «إن الذين قالوا: علي لا يعرف السياسة يريدون من علي أن يكون معاوية بن أبي سفيان، ويأبى علي إلا أن يكون ابن أبي طالب فهو لا يعرف سياسة المكر والخداع».

- النجاح في السياسة: بين المبدأ والمصلحة :

نُدرك جميعًا أن النجاح هو هدفٌ يسعى إليه الجميع، وعندما تُدخِلُ السياسةُ في معادلة النجاح، يصبح الأمر أكثر تعقيدًا.

يبدأ التحول هنا، حيث يتغيّر سلوكُ المرء ليصبح هدفه النجاح من أجل البقاء.

يجب على السياسي الناجح أن يكون حذقًا ومتلونًا، وأن لا يسمح لنفسه أن يكون طريدةً للمجموعات، بل طريدةً للناس العُزلِ الفرديين.

- السياسة العربية: صنيعة الغرب :

ما يحدث في منطقتنا العربية من قوانين وسياسات هو صنيعة الغرب، سواءً بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

مكر ديني

حيث يُظهر قادة الدول وسياسيها سعادةً بما هم فيه من جاه ومنصب وأموال ، بغض النظر عن المنشقين عن هذا النهج، خاصةً ممن يتبعون المكر الديني أو العقائدي.

يُطبقون قول العالم الكبير الدكتور علي الوردي: «لو خيروا العرب بين دولتين علمانية ودينية لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدول العلمانية».

تنطبق هذه الجملة تمامًا على ما نعيشه اليوم. ففي حين يتحدث الجميع عن القيم والمبادئ والمساواة والدين والتقوى، إلا أن الواقع عكس ذلك تمامًا.

فقد أصبح الفساد متجذرًا ومتجددًا، والمكر والخداع هما لغة كبار القوم.

يُصبح المصلح الذي يُبغض الغرب، بينما هو يستخدم منتجات أعدائه (من هاتفهم وسياراتهم وساعاتهم وملابسهم) أمام الناس وأمام نفسه، متباهيًا بما لديهم.

وإن فكّر في الترفيه والسفر، فإن أولى وجهاته هي دول أعدائه.

- ضحكٌ على العقل البشري :

تُمثّل هذه السياسة الحديثة فنًّا للضحك على العقل البشري الساذج، الذي يُفكّر بفائدة خاصة من سرق ماله من جيبه الأيمن وإعطائه القليل منه في جيبه الأيسر، فيقول: «نعم، هذا جيد!».

ومن يفكر بعد حقبةٍ أكثر من عشرين عاماً مضت من حكم الدكتاتورية والرجل الواحد.. بأن بناء (جسور) أو تبليط (شارع) أو فتح (نافورة) من المنجزات، فهذا يعني أن المرء وصل به الحال إلى التمتع بما هو محرومٌ منه من الحقوق والواجبات طيلة الفترات الماضية المنصرمة.

فالغريب في الأمر أن الناس التي تحكم بغير علم قد تكون ناجحة، والجمهور تيقّن ذلك وبدأ يقول (لا أريد من لديه علم وشهادة) بل أريد من (له حزب قوي) ويدّعي أن لديه شهادة وعلمًا، وإن كانت (غير رصينة)، فالرصانة اليوم هي من تمنح كلمة (موافق) في الطرق والساحات والقاعات، بغض النظر عن أن هذه الكلمة ممكن أن تصبح في المستقبل وباءً لشريحة متمردة لا تريد (عليًا) بدينه وعلمه، وإنما (معاوية) بمكره ودهائه وشهادته المزورة!!


مشاهدات 323
الكاتب علي أحمد الزبيدي
أضيف 2024/06/12 - 11:20 PM
آخر تحديث 2024/06/30 - 6:58 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 295 الشهر 11419 الكلي 9361956
الوقت الآن
الأحد 2024/6/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير