الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هل‭ ‬تسطع‭ ‬شمس‭ ‬للعرب؟

بواسطة azzaman

هل‭ ‬تسطع‭ ‬شمس‭ ‬للعرب؟

فارس السرّدار

 

تقول‭ ‬المستشرقة‭ ‬الألمانية : (‬زيغريد‭ ‬هونكة‭) ‬في‭ ‬كتابها‭ (‬شمس‭ ‬العرب‭ ‬تسطع‭ ‬على‭ ‬الغرب‭) ‬انه‭ ‬في‭ ‬القرون‭ ‬الوسطى‭ ‬كان‭ ‬أي‭ ‬بائع‭ ‬للفحم‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬يمتلك‭ ‬مكتبة‭ ‬قد‭ ‬يتجاوز‭ ‬عدد‭ ‬كتبها‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬أوربا‭ ‬قاطبة‭ ‬ويحدثنا‭ ‬التاريخ‭ ‬عن‭ ‬خليفة‭ ‬المسلمين‭ ‬العباسي‭ (‬المأمون‭) ‬انه‭ ‬كان‭ ‬يعطي‭ ‬المُترجِم‭ ‬لكتبِ‭ ‬الإغريق‭ ‬واليونان‭ ‬وزنها‭ ‬ذهبا‭ ‬وقيل‭ ‬أنه‭( ‬خير‭ ‬نديم‭ ‬أو‭ ‬جليس‭ ‬في‭ ‬الأنامِ‭ ‬كتابُ‭) ‬وقال،‭ ‬وقيل‭ ‬الشيء‭ ‬الكثير‭ ‬حتى‭ ‬بات‭ ‬الأمر‭ ‬غير‭ ‬مستغرب‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬قد‭ ‬كلفت‭ ‬بالقراءة‭ ‬تكليفا‭ ‬سماويا‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬أسباب‭ ‬نهوضها‭ ‬وهي‭ ‬ابنةُ‭ ‬الصحراء‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬عُرفت‭ ‬باضطلاعها‭ ‬بالقراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬كميزة‭ ‬في‭ ‬تاريخها‭ ‬السابق‭. ‬التفاتها‭ ‬المفاجئ‭ ‬والقوي‭ ‬نحو‭ ‬القراءة‭ ‬والاستنباط‭ ‬والتأويل‭ ‬والحث‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬بهذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬بقوة‭ ‬وقد‭ ‬يسرت‭ ‬الأمور‭ ‬لها‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬تيسر‭ ‬لباقي‭ ‬الأمم‭ ‬حتى‭ ‬قيل‭ (‬أن‭ ‬للمجتهد‭ ‬المصيب‭ ‬أجران‭ ‬وللمخطئ‭ ‬أجر‭) ‬فكان‭ ‬الحث‭ ‬واضحا‭ ‬للمضي‭ ‬باتجاه‭ ‬العمل‭ ‬والتجريب‭. ‬وليس‭ ‬باتجاه‭ ‬العلوم‭ ‬الدينية‭ ‬والفقهية‭ ‬ذات‭ ‬الخطورة‭ ‬الكبيرة‭ ‬فحسب‭. ‬بل‭ ‬باتجاه‭ ‬أغلب‭ ‬العلوم‭ ‬المعروفة‭ ‬وغير‭ ‬المعروفة‭ ‬فكان‭ ‬إبن‭ ‬الهيثم‭ ‬مثلا‭ ‬فقيها‭ ‬ورياضيا‭ ‬وكحالا‭ ( ‬أي‭ ‬طبيب‭ ‬عيون‭ ) ‬وعالم‭ ‬بصريات‭ ‬ومهندس‭ ‬ري‭ ‬واحدث‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬فتوحات‭ ‬صححت‭ ‬مسارات‭ ‬أغلب‭ ‬العلوم‭ ‬التي‭ ‬عمل‭ ‬عليها‭. ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة،‭ ‬ما‭ ‬نود‭ ‬الذهاب‭ ‬إليه‭ ‬تلك‭ ‬الصحبة‭ ‬والألفة‭ ‬التي‭ ‬استطاعت‭ ‬الأمة‭ ‬أن‭ ‬تؤسسها‭ ‬برجالاتها‭ ‬مع‭ ‬الكتاب‭ ‬ومؤسسات‭ ‬إصداره‭ ‬فتطورت‭ ‬صناعة‭ ‬الورق‭ ‬والأحبار‭ ‬والخط‭ ‬وفن‭ ‬الزخارف‭  ‬والرسوم‭ ‬التوضيحية‭ ‬لأجهزة‭ ‬وأدوات‭ ‬مختبريه‭ ‬وبصرية‭ ‬حتى‭ ‬امتلأت‭ ‬المتاحف‭ ‬بتلك‭ ‬الكنوز‭ ‬العلمية‭ ‬والفنية‭ ‬التي‭ ‬أهدتها‭ ‬أُمتنا‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬دون‭ ‬منّة‭ ‬وبتواضع‭ ‬الكبار‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فالإحصائيات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تعتني‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬تدني‭ ‬مستوى‭ ‬القراءة‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬نظير‭ ‬له‭. ‬ولا‭ ‬عجب‭ ‬لذلك‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬الآن‭ ‬نحتل‭ ‬المراتب‭ ‬المتقدمة‭ ‬في‭ ‬الفساد‭ ‬والرِشى‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬سلمة‭ ‬من‭ ‬سلالم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬العلميين‭ ‬والسبب‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬الأمية‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تهريء‭ ‬منظومات‭ ‬التعليم‭ ‬والتربية‭ ‬والإعلام‭ ‬تمثل‭ ‬أسباب‭ ‬وجيهة‭ ‬أخرى‭. ‬ويعتبر‭ ‬النشر‭ ‬العلمي‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬خاص‭ ‬الأكثر‭ ‬إخفاقا‭ ‬وتدنيا‭ ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬اتجاهات‭ ‬النشر‭ ‬الأخرى‭ ‬عامة‭. ‬وقد‭ ‬اقتصر‭ ‬النشر‭ ‬بالاتجاهات‭ ‬العلمية‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يترجم‭ ‬عن‭ ‬اللغات‭ ‬الأخرى‭ ‬وهذا‭ ‬المجال‭ ‬غالبا‭ ‬ما‭ ‬يجد‭ ‬عزوفا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬الأهلية‭ ‬فهو‭ ‬تجاريا‭ ‬مشروع‭ ‬خاسر‭ ‬قياساً‭ ‬لما‭ ‬تروج‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬كتب‭ ‬تجتر‭ ‬الماضي‭ ‬وتفسيراته‭ ‬بلغة‭ ‬انشائية‭ ‬وقطعية‭ ‬الدلالة‭ ‬تتجنب‭ ‬التحكيك‭ ‬والتمحيص‭ ‬ولا‭ ‬تحثُ‭ ‬عليه،‭ ‬لذلك‭ ‬بقيت‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬على‭ ‬ملل‭ ‬أو‭ ‬خجل‭ ‬وحدها‭ ‬التي‭ ‬تهتم‭ ‬بنشره‭ ‬بلغة‭ ‬علمية‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬الرصانة‭ ‬الاكاديمية‭ ‬والتخصصية‭ ‬الشيء‭ ‬الكثير،‭ ‬واغلبه‭ ‬يذهب‭ ‬لدعم‭ ‬طلبة‭ ‬الجامعات‭ ‬والدراسات‭ ‬العليا‭ ‬أما‭ ‬غالبية‭ ‬الناس‭ ‬فنجد‭ ‬لديهم‭ ‬عزوف‭ ‬بشع‭ ‬تجاهه‭ ‬لما‭ ‬في‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬تفاوت،‭ ‬وحتى‭ ‬المجلات‭ ‬والصحف‭ ‬لاتجد‭ ‬فيها‭ ‬ولو‭ ‬عاموداً‭ ‬واحداً‭ ‬يهتم‭ ‬بهذه‭ ‬القضايا‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬بعض‭ ‬الأخبار‭ ‬الصحفية‭ ‬ومثل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬يؤشر‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬أزمة‭ ‬في‭ ‬انتشار‭ ‬العلم‭ ‬والعقلية‭ ‬العلمية‭ ‬وتدني‭ ‬مستوى‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬في‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬وهذا‭ ‬الحديث‭ ‬لا‭ ‬يوجه‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬فقط‭ ‬لدور‭ ‬النشر‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬يدين‭ ‬المنهج‭ ‬المدرسي‭ ‬والمعلم‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬ويؤشر‭ ‬إلى‭ ‬الضعف‭ ‬وعدم‭ ‬المبالاة‭ ‬المبالغ‭ ‬بهما‭ ‬فيما‭ ‬تتركه‭ ‬نوعية‭ ‬الثقافة‭ ‬من‭ ‬أثر‭ ‬معرفي‭ ‬في‭ ‬قناعات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬غالبة‭ ‬الجمهور،‭ ‬والذي‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬إعداده‭ ‬الأكاديمي‭ ‬والثقافي‭ ‬فالنتائج‭ ‬التي‭ ‬نحصدها‭ ‬الآن‭ ‬هي‭ ‬ابنة‭ ‬تراكم‭ ‬مرعب‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬الاهتمام‭ ‬وعدم‭ ‬الإخلاص‭ ‬والاستعداد‭ ‬لتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬إنتاج‭ ‬جيل‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يصمد‭ ‬أمام‭ ‬تحديات‭ ‬العصر‭ ‬التي‭ ‬بات‭ ‬العلم‭ ‬أهم‭ ‬مظهر‭ ‬من‭ ‬مظاهره‭. ‬

وكذلك‭ ‬كل‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المرئية‭ ‬والمسموعة‭ ‬والسياسة‭ ‬العامة‭ ‬بتوجهاتها‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تقود‭. ‬والتي‭ ‬أغفلت‭ ‬عن‭ ‬قصد‭ ‬أو‭ ‬جهالة‭ ‬ما‭ ‬لأهمية‭ ‬إشاعة‭ ‬الثقافة‭ ‬العلمية‭ ‬وتحبيبها‭ ‬للناس‭ ‬وخلق‭ ‬مستوى‭ ‬من‭ ‬الألفة‭ ‬بين‭ ‬منطلقاتها‭ ‬النظرية‭ ‬وما‭ ‬تنتجه‭ ‬من‭ ‬معطيات‭ ‬تقنية‭ ‬نراها‭ ‬بحكم‭ ‬الواقع‭ ‬مطروحة‭ ‬في‭ ‬الاسواق‭ ‬بعد‭ ‬عرضها‭ ‬بشكل‭ ‬مبسط‭ ‬والذي‭ ‬يرتبط‭ ‬بتفاصيل‭ ‬حياتنا‭ ‬اليومية‭ ‬والتي‭ ‬تشعرنا‭ ‬بان‭ ‬الاهتمام‭ ‬بتبني‭ ‬هكذا‭ ‬مواضيع‭ ‬والتعامل‭ ‬معها‭ ‬له‭ ‬ارتباط‭ ‬وثيق‭ ‬بتحسن‭ ‬مستوانا‭ ‬ألمعاشي‭ ‬ورفاهيتنا‭ ‬وقدرتنا‭ ‬على‭ ‬التطاول‭ ‬بأعناقها‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يتطاول‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬الامم‭ ‬بما‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬منجز‭ ‬علمي‭ ‬وحضاري‭ ‬باهر‭ ‬يرفد‭ ‬العالم‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬البشرية‭. ‬


مشاهدات 483
الكاتب فارس السرّدار
أضيف 2024/05/11 - 1:31 PM
آخر تحديث 2024/11/20 - 7:00 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 110 الشهر 9234 الكلي 10052378
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير