فاتح عبد السلام
حين انطلقت الانتخابات الماضية، وفاز هذا وذاك، تحت حشد من الشعارات في المناطق “الغربية”، يتصدرها الكشف عن المغيبين قسرياً، امتلأت الدنيا بالآمال ، وقبل ذلك دبّ الامل ولو انه خيط ضعيف، في قلوب الأمهات والزوجات اللواتي فقدن الشباب الاعز في الأيام الأولى بعد تحرير المدن من سيطرة تنظيم داعش في العام 2017. واستمر أولئك السياسيون يتحدثون بتفاصيل ربّما كانت غائبة عن بعض العراقيين، وعرضوا انفسهم بوصفهم طلاب حق وانّ دخولهم في هذه المرحلة الجديدة من العملية السياسية بأصوات أبناء تلك المناطق انما هو دخول قوة من اجل كشف الحقائق وإعادة المظلومين الى اهاليهم او إعادة الحق الى المظلومين .
وتشكلت الحكومة ومجلس النواب واعتلى هؤلاء وأولئك المناصب، وداسوا مع الأيام بأحذيتهم كل ما قالوه وما وعدوا به أولئك الثكالى.
المراقبون والعارفون بالشأن العراقي يدركون انّ أحاديث السياسيين من العرب السُنة مجرد أكاذيب، إذ انهم ليسوا أكثر من مجموعة مصطنعة الأحزاب والشعارات لا هوية لهم في مشهد اكبر للبلد، يحتاج الى ترميم بالمكونات لكي تستقيم العملية السياسية التي ينتفع منها الجميع. لكن أهالي الضحايا دائما لهم آمال تحت وسياط الظلم واللوعة والانتظار المر ّ، ويتعلقون بقشة لاسيما حين يسمعون تلك الوعود الغزيرة ، غير انّ الحقيقة بعد هذه السنوات من غياب اية معلومة، توحي بأنّ ألاف من الضحايا المختطفين على حواجز المدن وهم يغادرونها ظنّاً منهم انهم ينجون من الموت فإذا هم يلاقونه امامهم، انما لن يعودوا الى الحياة ولن يعرف احد عن مقابرهم الجماعية او الفردية أي شيء، ربما قبل انتهاء جيل كامل، ومجيء جيل آخر، غير ملوث بالعار. وهنا الحكومة لا تبدو على صلة بهذا الملف، وربما هناك مَن كان ينظر اليه على كونه ملفا انتخابيا لمجموعة سياسية ينتهي مع الموسم.
اللافت انَّ أحداً من هؤلاء السياسيين العرب السُّنة حصراً، لم يتذكر كلمة واحدة من وعوده الكاذبة، وانّ وجوهم الكالحة والمُدنسة بالكذب والدجل تبحث عن فرص مقبلة أخرى للاستمرار في سرقة الاحلام، والايغال في جسد أبرز مكونات الشعب.
لعلّها المرة الأولى منذ اكثر من خمسة وعشرين عاماً في كتابتي هذا العمود اليوم ، أصف بعض السياسيين بانتمائهم المذهبي المجرّد، ذلك أنني وجدت انّ صفة “العراقي” لا تليق بهم ، انها فعلاً واسعة كثيراً على مقاساتهم الهزيلة.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية