جواد الحطاب
ما لم أقله للكبير « حسن العاني
- 1 –
.في عدد من مجلة «الشبكة» التي تصدر عن «شبكة الإعلام العراقي»، وهو العدد 334 في 10 نيسان 2019..
كتب القاص، والصحفي الرائد، الأستاذ حسن العاني مقاله الاسبوعي المعتاد «نواعم « وكان عنوان هذا المقال «جواد الحطّاب “!!
فقط، وهكذا حاف، وهذا امتياز لا يقدم عليه سوى العاني الكبير ..
.في المقال تطرّق «ابو عمار» الى حادثة يمكن ان تصلح موضوعا لرواية غرائبية، او هي أصلا من «الواقعية السحرية» التي أسّس لها الحاج ماركيز..
فذات حماقة، أصدر «ديوان الرئاسة» إعماما شديد التوجيه مفاده : ( يمنع الصحفي حسن العاني من النشر في أيّ مطبوع عراقي، منعا باتا )!!
بالتأكيد كان الإعمام مرعبا لنا نحن زملاء العاني، وكذلك لجميع محبّيه ومتابعي أعمدته اللاذعة في الصحف والمجلات.. لأن الكتابة بالنسبة لممتهنيها هي الرئة التي يتنفس منها الكاتب .
.كنّا – العاني وأنا – نعمل في مؤسسة إعلامية واحدة، هو ( رئيس قسم التحقيقات)، وأنا (رئيس القسم الثقافي)، في مجلة «الف باء» قلادة الصحف والمجلات العراقية التي لن تتكرر.
ولا أحد ينكر اننا في تلك الأيام كنا نقتات على المكافآت التي تأتينا على شكل «مكرمة « على ما ننشره بمختلف المواضيع والتحقيقات، وليس في المدح فقط، للتاريخ.
ومنع أيّ واحد منّا من النشر، يعني انقطاع «الإمداد المادي»، وكانت سنوات حصار، وتقشّف، وبإنقطاع الإمداد لا يبقى أمام «المقطوع عنه» سوى الاستسلام للراتب، وهو لا يكفي لمصروف يوم واحد، او يومين بالكثير.
.فماذا نفعل للعاني، المعلم، والصديق، والكاتب الماهر ؟
… وفعلنا ما نقدر عليه، وهو : ان نضع اسماءنا تحت تصرف كتاباته، وحين تأتي « المكافأة « نسلّمها له وفوكاها « بوسه “.
.في هذه الفترة أوكلت ألي «رئاسة تحرير» احدى الصحف الأسبوعية وهي جريدة « الإتحاد « الجريدة الاقتصادية الواسعة الإنتشار ..
وكان أول قرار لي – باعتباري رئيس تحرير – هو ان أقف بجانب صاحبي وصديقي العاني حسن ..
فطلبت منه ان يكتب لي عمودا يصلح للصفحة الأخيرة وبإسم مستعار، ليتسنى لي صرف مكافأة مجزية له، فضلا عمّا سيأتيه من «تكريمات» متوقعة.
لكنّ قراري جوبه باعتراضات شديدة من العاني نفسه، وممانعته مصدرها « الخوف « عليّ، لأنه ممنوع من الكتابة والنشر بأمر رئاسي، فضلا عن ان ابن الرئيس «الأستاذ» نقيب الصحفيين العراقيين، أصدر أمرا يقضي بعدم النشر لأي «إسم مستعار» وبخلاف ذلك، ستكون عقوبة الناشر شديدة!!
و»العقوبة الشديدة» يعرفها كل الإعلاميين العراقيين، وربما خبرها بعضهم في «الرضوانية» و»بسماية» وبناية «اللجنة الأولمبية !!
غير ان اعتراض العاني لم يفت في عضد اصراري على استكتابه وبإسم مستعار !!
فاستجاب لإلحاحي مرغما، وهكذا إستلمت منه عددا من الأعمدة الموقعة بإسم « عبد الله المنسي «، وهو أسم شائع لا يثير ريبة أيّ أحد، لا سيما وان جلّ الأعمدة «المنسية» كانت تتحدث عن « الحبّ « ولا شيء غيره.
- 2 –
.حين استلمت رئاسة التحرير، إجتمعت بكادر الجريدة لأسمع منهم المعوّقات بقصد تجاوزها والعمل بروح تعاون جديدة..
كانت هناك مشاكل من صلاحيتي حلّها، مثل ما طرحه أحد متابعي النشر، قائلا انه مغبون وانه كان موعودا بـ»سكرتارية التحرير» لكن غياب المسؤول المباشر عن الجريدة هو الذي ألحق به الحيف ..
فطلبت الأوليات من الإدارة وبعد إطلاعي عليها، ارتأيت ان لا بأس من ان أسلمه سكرتارية التحرير، فأصدرت أمرا إداريا بذلك.
وأيضا بحكم اختصاصي الأدبي، وإشتغالي «مصحّح» في أكثر من مطبوع، كان من الطبيعي ان أتساءل عمن يمسك قسم التصحيح، فنهض أحد الشباب، وقال انه هو، وهو أيضا من يقوم بمهام «القسم الثقافي» لكن من دون راتب، أو مكافأة..
فأشرت اليه باني سأعفيه من رئاسة هذا القسم وأتولاها تخفيفا عنه، لأن المواد اولا وأخيرا سوف تصلني وأنا من يبتّ بالنشرمن عدمه، وأجعله متفرغا للتصحيح فقط.
الطروحات الأخرى لم تكن ذات أهمية تذكر، فأنهيت الاجتماع، طالبا ممن لديه شيء خاص، أن يمرّ علي فـ»الباب مفتوح”.
.
انصرف الجميع الا مسؤول قسم التصحيح، الذي قال انه يحتاجني بشغلة خاصة، فناديت على السكرتيرة ان تغلق الباب ولا تسمح بدخول اي احد الا باذن مني .
فهمت من حديثه بأنّ ظروفه المادية صعبة، وهو يحتاج الى «علاوة» فضلا عن انه يكتب القصة، والقصيدة، ولديه محاولات نقدية وهو بمرحلة الدراسات- الماجستير، فتضامنت معه نفسيا، وقلت له سأصرف لك راتبا كونك «مصحح» و»مكافأة أخرى» لأني سأوليك رئاسة «القسم الثقافي» شكليّا، لأنّي من سيدير هذا القسم عمليا، لكن تقديرا لطموحك العلمي ستصرف لك الجريدة دعمها المادي.
وتشاغلت بما أمامي من أوراق لأني رأيت الدموع تترقق في عينيه إمتنانا، فأشرت له بالانصراف.
.
- 3 -
.في تلك الفترة..
(وكان هذا معروفا لكل الصحفيين)، ان «الصحف الأسبوعية»، كانت تعتمد في اصدارها وفي دفع رواتب العاملين فيها على «الإعلانات» ومردوداتها، وهناك متعهدون محترفون بهذا النشاط، ومن هذه الجرائد جريدتنا « الاتحاد “.
.
ذات إصدار طلب متعهد الإعلانات مقابلتي، فأذنت له، فجاء وبصحبته اصدارنا الجديد، وفرشه أمامي على “صفحة الإعلانات” ..
أخبرني بأن العقد بينه وبيننا ، يشير الى ان له «صفحة وربع الصفحة» مخصصة لإعلاناته هو، وليس لأية اعلانات أخرى..
وهو ما أيّدته لأني شغلت رئاسة اكثر من جريدة قبل جريدة « الإتحاد “ ..
فلفت انتباهي الى ان هناك العديد من الاعلانات المنشورة في هذا العدد وفي أعداد سابقة ، ليست تابعة له، ولا هو من ورّدها الينا، وهذا خلاف العقد ؟!!
فطمّنته بأني سأحلّ الموضوع، وأرسلت بطلب «رئيس القسم الفني» وكان أيّامها الصديق، الفنان، والمصمّم « الدكتور جمال العتابي» الشخصية الثقافية المعروفة، واستفسرت منه عمّن يأتيه بالاعلانات ليصمّمها ؟
فأجابني بانه « سكرتير التحرير “!!
فسكتّ، ولم أشأ ان أفتح تحقيقا بالموضوع، وأصدرت أمرا إداريا للقسم الفني، وقسم الحاسبات، بان لا تنضّد، ولا تصمّم، أية مادة ليس عليها توقيعي، وخصوصا الإعلانات .
لأني عرفت بان من سلمته سكرتارية التحرير كان متفقا مع إعلام بعض الدوائر، وبعض مورّدي الإعلانات فينشر اعلاناتهم ويتقاسم معهم أجور النشر، ولكي لا ينتبه لفعلته أحد فانه ينشرها في المكان المخصص للمتعهد المسكين !!
وكان الصديق رئيس قسم التصميم قيد الإلتزام بالأمر الاداري، فأخذ يرفض كل الاعلانات التي تأتيه وليس عليها توقيع رئيس التحرير، وكان هذا من الممكن ان يعرضه لتآمر من كان يجلبها له، لكنها « المبدئيّة» التي تخاذل عنها –فيما بعد- جماعة « الحزبية الضيقة « و»الإنبطاحيون» الجدد أمام إغراءات المال الحرام !
.في هذه الأثناء، نشرتُ العمود الأول للكاتب «عبد الله المنسي , وكان موضوعه رومانسيا، شبابيا”..
.وفي فترة انتظار ان تأتيني بقية الصفحات، استغل فترات الراحة لأراجع مسوّدات كتابي « يوميات فندق ابن الهيثم « عبر «حاسبة التنضيد» في مقر عملي وباشراف المنضّد الفني.
.
- 4 -
.ذات يوم، لاحظت ان هناك شيئا في الجريدة يدور في الخفاء، وأقرأه في الوجوه، ولكن لا أحد يفصح عنه، الى أن جاءني ذات يوم مسؤول «الصفحة الأخيرة» الدكتور عيسى العيساوي، رحمه الله، وكشف لي بأن سكرتير التحرير، ورئيس قسم التصحيح، قد احتفظا بالنص الأصلي لعمود الكاتب «عبد الله المنسي» وعرفا من الخط انه يعود لحسن العاني، ولذلك كتبا فيّ، تقريرا لـ»الأستاذ» وعبر منظمة «فدائيّ صدام» وليس عبر نقابة الصحفيين كما هو المعتاد، خوفا من تعاطف النقابة مع اسم العاني، ولتأكيد الضرر المتوقع من لجنة تحقيقية في « فدائيّ صدام « انتقاما لما منعته عنهما من سرقة !!
.وما قاله ايضا انهما كتبا في التقرير: بان رئيس التحرير قد كسر «أوامر ديوان الرئاسة» بنشره لكاتب ممنوع من النشر بأمر صدام حسين ، مثلما خالف كتاب «الأستاذ» القاضي بعدم نشر أيّة مادّة لمن يكتب بـ»اسم مستعار» و»المنسي عبد الله» اسم مستعار، وكاتبه معروف، ليس هذا فقط، وإنما على الكاتب علامات استفهام كثيرة من «الرئاسة» ؟!!
ولم يكتفيا بذلك، ( كما قال لي العيساوي)، بل طلبا منه، (المحرّر الذي انصفت غبنه وعيّنته سكرتيرا للتحرير، والمصحّح، الذي صرفت له «راتبين» لكونه من عائلة «الفقراء» جماعتي، وطالب دراسات عليا، قلت عنه في نفسي – انه يحتاج الى مصاريف، كتب، واستنساخات) ..
هذان طلبا منه ،ان يوقّع معهما على تجاوزات رئيس التحرير، وقد رفض التوقيع، اعترافا بما كنت أقدّمه من دعم لجميع المحررين !!
مثلما كتبا ايضا في تقريرهما أن ( رئيس التحرير يستخدم أدوات الجريدة لأعماله الشخصية)، و(ينشر للأدباء المعارضين، والدليل ان في كتابه الذي يصححه في الجريدة أسماء أدباء مشخّصين – أمنيّا- ضد النظام)، وغير هذا : ان( «جواد كاظم» يسيء التصرف مع المحرّرة « فلانه.. التكريتي)” !!
وهو ما معناه بأن هذا «الشروكي» يسيء الى إمرأة «تكريتية” !!
وكانت هذه النقطة واحدة من اقذر ما يمكن كتابته في أي تقرير وقتذاك.
.بعد يوم او يومين، قالت لي السكرتيرة، بأني مطلوب في مقر «فدائيّ صدام” !!
وفي واحدة من المفارقات العجيبة، ان الزميلة «التكريتي» والتي نُسِبت الى «منطقة التكارتة» في الكرخ، وليس لها اية علاقة بمدينة تكريت، أستدعيت هي أيضا لفدائيّ صدام، وصادفتها باستعلامات الجريدة، فاخبرتني بانها مطلوبة الى دائرة الفدائيين، فقلت لها انا ذاهب الى هناك، فتعالي معي، وكنت أعرف ما لاتعرفه هي من غرض الإستدعاء .
.قبل ان أدخل الى قاعة الانتظار، رأيت “سكرتير التحرير”، ورئيس القسم الثقافي – المصحّح أمامي، وباعتبارهما يشتغلان في دائرة انا مسؤولها المباشر، سألتهما – وانا أعرف انهما مطلوبان للتحقيق عما كتباه عني )ليش تاركين الجريدة .. ومنو اللي انطاكم الإذن) ؟
فلم يكترثا لسؤالي ، بإعتبار ان أمري محسوم، بحكم ما كتباه في التقرير!!..
.دقائق .. وخرج أحد الاشخاص من القاعة وطلب مني الدخول ..
وجدت أمامي، ضابط عسكريّ برتبة عالية عرفته فيما بعد «اللواء الركن مكي. حمودات « ومعه ايضا :
مدير مكتب الاستاذ”،
ضابط من «الأولمبية”،
و»ضابط أمن نقابة الصحفيين”،
و كان هناك ايضا الدكتور مدير تلفزيون الشباب التابع للأستاذ.
.
- 5 -
.أعود الى حسن العاني في مقالته بـ»الشبكة»، وهو يستذكر العمود الذي نشرته له، فيقول:
)ظهرت المقالة الأولى، ومع ظهورها تبرع قلمان من جريدة الاتحاد، ورفعا تقريراً رفيع المستوى الى « الاستاذ الفاضل عدي» يكشفان فيه بالأدلة القاطعة هوية كاتب العمود « الأصلي» بعد حصولهما على نص المادة بخط يدي، وتعرفهما قبل ذلك على أسلوب حسن العاني المعروف في الكتابة.. وعندما حلّ الأسبوع الثاني، لم تظهر مقالتي، وحين استفسرت من صديقي الحطّاب تلمّس عذراً واهياً، ولم يخبرني بأن هناك لجنة تحقيقية تشكلتْ بأمر من عدي لاستجوابه حول ما إذا كان «عبد الله المنسي» هو حسن العاني.
وظل الأمر خافياً عني الى أن أبلغتني الزميلة “أطوار” بالمشكلة العويصة التي يتعرض لها الحطّاب، ولذلك قصدته في الحال، وعرضتُ عليه صيغة نتفق عليها لمواجهة المشكلة، لكنه أصرّ على إبعادي..)
.ما لم أقله للعاني .. اننا وفي بحثنا عن مخرج لهذه الورطة، اقترحت عليّ “أطوار” ان تفاتح أحد المحررين العرب، والذي كان يعمل معنا في مجلة « الف باء « ويكتب مقالاته أيضا بأسم «المنسي»، لعله يقبل ان يقول بانه هو الكاتب « عبد الله المنسي « ولأنه المنسي الحقيقي المعروف، فسيكون ذلك مخرجا لا غبار عليه لهذه القضية – الورطة.
.وافقتُ على اقتراح – طور- ، وإن على مضض.
وكانت هناك مفاجأة غير متوقعة، وعلمت منها انها حين فاتحت هذا المنسيّ، غادر غرفته في المجلة هاربا، وهو يقول لها بحدّة : لا تورطوني مع عدي !!
وبرجاء أخوي – تقول أطوار- طلبت منه.. ان يتستر على الموضوع إذن،
ويحسبها لم تكلّمه بأي شي، فوعدها .. بقية المقال على الموقع
لنكتشف بعد ذلك وفي نفس اليوم، بانها ما ان غادرته حتى هرول لرئيس تحرير مجلة «الفباء»، وأخبره بان الحطّاب قيد لجنة تحقيقية مشدّدة بأمر «الأستاذ عدي” !!
وأنّه ينصح أن يتجنّبه، هو وبقية المحررين، خوفا من انسحاب الإتهام عليهم أيضا باعتبارهم من أصدقائه !!
.
في غرفة التحقيق.. كان علي ان اجيب على أول الأسئلة: من هو كاتب المقال ؟
لأن «المصحّح» الذي كتب التقرير، سبق وان اشتغل في أكثر من صحيفة، والعاني ايضا كتب في العديد من تلك الصحف التي كانت تتسابق على نشر مقالاته لإسلوبه المتفرّد، وسخريته اللاذعة، لذلك فان مصحّحنا يعرف خطّه معرفة الخبير.. ودليله «المقال» الذي احتفظ به، وكتب تقريره استنادا اليه !!
.
قلت للمحققين : أنا « رئيس تحرير».. ويوميا تأتيني عبر البريد عشرات الرسائل والمقالات، هواة نشر، واصحاب مظالم، وشعراء على الطريق، وبريد قرّاء، ومن بين ما وصلني مقال اعجبني، ولم أجد فيه ما يمنع من نشره، فلا سياسة، ولا اقتصاد، ولا تهجم على جهة ما، وانما هو عمود في « الحب»، ولذلك دفعته للنشر دون ان يستوقفني إسم كاتبه طويلا..!!
.
كنت أعرف انّها حجة مكشوفة، لأن خط حسن العاني، وطريقته في التناول، وتركيب جملته، لا يمكن اغفالها والعبور فوق وثائقها «الجرمية» بالإدعاء بأن مقاله : وصلني عبر البريد !!
.
السؤال الثاني : كان استخدام ادوات الجريدة لأغراض شخصية،
وكانت إجابتي حقيقية، وهي ( انني لم استغل حتى ولو ورقة من الجريدة، ولم استفد من حبر طابعتها، وإنما هو كتاب اراجع «مسوّداته» فقط على الحاسبة، وفي فترة راحة المصمّم الفنّيّ الذي يشتغل عليها) ..
وقد اتفق الجميع على ان هذا من حقي، باعتباري «رئيس تحرير» ولست محرّرا هامشيّا.
.
ايضا كان هناك ورود الأسماء المعارضة للحزب والثورة، حيث ذكر « صاحبا القلم الباشط «.. باني أروّج لها، وهي موجودة في كتابي «يوميات فندق ابن الهيثم”!!
قلت للواء الركن، رئيس المجلس التحقيقي : ( انت يا محترم، الا يوجد في سجلك العسكري كتب عقوبات، وترفيعات، ودورات تدريب، وما الى ذلك) ؟ .
قال نعم .
قلت له هذا الكتاب هو ما يشبه سجلي العسكري، وفيه الذين كتبوا معي، والذين كتبوا ضدي، ولكم حق محاسبتي على ما فيه بعد أن يطبع، أما وهو الآن مجرّد أوراق فلا أظن التطرّق الى ذلك يكون صحيحا ..
.
السؤال الأخير عن إساءتي لمعاملة الزميلة «التكريتية» !!
حين وجّه المحقق لي هذا السؤال، أجبته بأن تلك الموقرة جاءت تلك الموقرة معي، في سيارتي، وهي موجودة في قاعة الإنتظار، وعليكم معرفة الحقيقة منها ..
.
استغرق التحقيق وقتا طويلا، ومداخلات، ختمها «ضابط أمن النقابة» قائلا، نحن نعرفك يا جواد، ولكن لِمَ استهدفك فلان وفلان بالتقرير الذي سألناك عن حيثياته ؟
قلت له: عليكم سؤال «متعهد الإعلانات» والاستفسار من «رئيس القسم الفني» عمن كان يأتيه بالاعلانات، ومن دون ان تمرّ على رئيس التحرير ؟ وتنشر ومبالغها في جيوب الفاسدين !!
.
- 6 -
اعود الى العاني ابو عمّار ..
يذكر – في عموده – بأنني ( قد حصلت على عقوبة بسبب تستري على كاتب ينشر مقالاته، وهو ممنوع بأمر الرئيس) ؟!!
لكني أطمئنه بأنّ عقوبتي كانت لا شيء قياسا بعقوبة الجماعة الذين اثبت التحقيق «سرقاتهم» أجور ما ينشرانه من إعلانات، وفسادهما بنشر مواد متفق مع كتابها مقابل أموال..
وكان قرار اللجنة التحقيقة بعد استدعاء المتعهد، والتأكد منه عن صحة ما قلته، إقتياد صاحبي التقرير الى « الرضوانية « ولمدة شهر كامل، جرّاء كذبهما!!
.
المفارقة يا صديقي حسن العاني ..أيها الراحل المقيم في القلب والذاكرة، ان المصحح اللغوي، كاتب التقرير، أراه الآن من على الفضائيات مناضلا، ورجلا يقدّم نفسه أنّه من أشدّ معارضي النظام السابق، وأنّه اكثر العراقيين نزاهة، ونظافة يد، ويطالب بمنعي من الكتابة أو العمل في الإعلام، بإعتباري من المعادين لحملة الأقلام الشريفة، والمتضامنين مع السلطة ضدهم !
..
هذه التفاصيل، لم أذكر الكثير من تفاصلها واذكرها – الآن – وفاء للراحل ، الضمير الحي، العاني الحسن في السيرة والسلوك والوطنية، والقلم المتفرد الذي ستفتقده الصحافة العراقية طويلا، لأني أشك بان قادما ما، يمكن ان يسدّ فراغه في العمود الصحفي الساخر، وفي كتابة «التحقيق» الذي لا يضاهيه كاتب بطرائق تناوله: لغة، وتسلسل حيثيات، وانتقالات مشوّقة.
رحم الله أبا عمار، واستقبله قبولا يليق بعراقيته الباسلة.