الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مطر‭ ‬شرير‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬وصواريخ

بواسطة azzaman

مطر‭ ‬شرير‭ ‬من‭ ‬ماء‭ ‬وصواريخ

علي السوداني

 

مطر‭ ‬جميل‭ ‬ومبهج‭ ‬ورحيم‭ ‬ينزل‭ ‬فوق‭ ‬عمّان‭ ‬وما‭ ‬حولها‭ ‬،‭ ‬فيغسل‭ ‬الشجر‭ ‬والحجر‭ ‬والشوارع‭ ‬والقلوب‭ ‬التي‭ ‬تسور‭ ‬أباريق‭ ‬الشاي‭ ‬المنعنع‭ ‬والمهيل‭ ‬ودلال‭ ‬القهوة‭ ‬الطيبة‭ .‬

في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬ثمة‭ ‬مطر‭ ‬شرير‭ ‬قاسٍ‭ ‬يبلل‭ ‬خيام‭ ‬النازحين‭ ‬ويهلهلها‭ ‬ويجرف‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬دفء‭ ‬وحلم‭ ‬ممكن‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬المقدسة‭ ‬وشوارع‭ ‬الطين‭ ‬ومغاور‭ ‬الأنقاض‭ ‬والأجساد‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬مدفناً‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬،‭ ‬فيراها‭ ‬الرائون‭ ‬بنصف‭ ‬إغماضة‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬تعاتب‭ ‬الله‭ ‬وتقول‭ ‬له‭ ‬هل‭ ‬ثمة‭ ‬من‭ ‬يشبهنا‭ ‬فوق‭ ‬أرضك‭ ‬شرقاً‭ ‬وغرباً‭ ‬وماءً‭ ‬وسماء‭ ‬؟‭!‬

تلك‭ ‬هي‭ ‬أمطارنا‭ ‬التي‭ ‬شلعت‭ ‬قلب‭ ‬بدر‭ ‬شاكر‭ ‬السياب‭ ‬وأسقطته‭ ‬بحزن‭ ‬مميت‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬نعمة‭ ‬ونقمة‭ ‬كأنها‭ ‬النفط‭ ‬والحاكم‭ ‬والخيانة‭ ‬التي‭ ‬ما‭ ‬عادت‭ ‬مخجلة‭ ‬‭!!‬

الحاكم‭ ‬العربي‭ ‬الذليل‭ ‬يكره‭ ‬غزة‭ ‬صانعة‭ ‬المعجزة‭ ‬الأعظم‭ ‬الآن‭ ‬،‭ ‬لأنه‭ ‬يقف‭ ‬عاجزاً‭ ‬خائراً‭ ‬بائلاً‭ ‬من‭ ‬فرط‭ ‬الخوف‭ ‬،‭ ‬ملتصقة‭ ‬عجيزته‭ ‬المباركة‭ ‬بكرسيه‭ ‬الأعرج‭ ‬،‭ ‬وحيداً‭ ‬منبوذاً‭ ‬بمواجهة‭ ‬الحقيقة‭ ‬الشريفة‭ ‬التي‭ ‬ترن‭ ‬وتطن‭ ‬بإذنه‭ ‬الصماء‭ ‬وعينه‭ ‬الرمداء‭ ‬والتي‭ ‬ترسم‭ ‬أمامه‭ ‬صورة‭ ‬مستطيل‭ ‬أرضي‭ ‬صغير‭ ‬فقير‭ ‬محاصر‭ ‬،‭ ‬لكنه‭ ‬أذل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يعرف‭ ‬بالإشاعة‭ ‬،‭ ‬أنه‭ ‬جيش‭ ‬أسطوري‭ ‬رهيب‭ ‬قوي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‭ ‬ولا‭ ‬يهزم‭ ‬،‭ ‬ثم‭ ‬تبين‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬بأنه‭ ‬لملوم‭ ‬لقطاء‭ ‬جبناء‭ ‬مرتزقة‭ ‬أبدع‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬قتل‭ ‬وجرح‭ ‬نحو‭ ‬تسعين‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬غزة‭ ‬الجبارين‭ ‬الإستثنائيين‭ ‬،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تبول‭ ‬جنده‭ ‬وتغوطوا‭ ‬داخل‭ ‬دباباتهم‭ ‬وناقلاتهم‭ ‬المجنزرة‭ ‬المتطورة‭ ‬المصفحة‭ ‬،‭ ‬وسقطوا‭ ‬بعار‭ ‬القتال‭ ‬من‭ ‬المسافة‭ ‬صفر‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الحق‭ ‬الجبار‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬شبيه‭ ‬له‭ .‬

التضحيات‭ ‬ضخمة‭ ‬والدماء‭ ‬والدموع‭ ‬صارت‭ ‬نهرأ‭ ‬جارياً‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬المعجزة‭ ‬تحققت‭ ‬والجرح‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬الذي‭ ‬غار‭ ‬بجسد‭ ‬كيان‭ ‬اللقطاء‭ ‬وراعيتهم‭ ‬العاهرة‭ ‬الكونية‭ ‬أمريكا‭ ‬يتعمق‭ ‬وينمو‭ ‬،‭ ‬والأرض‭ ‬كلها‭ ‬ثائرة‭ ‬الآن‭ ‬وعنوانها‭ ‬الأقدس‭ ‬هو‭ ‬فلسطين‭ ‬العربية‭ ‬المبجلة‭ .‬


مشاهدات 427
الكاتب علي السوداني
أضيف 2024/01/16 - 3:14 PM
آخر تحديث 2025/01/30 - 10:24 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 407 الشهر 14864 الكلي 10294829
الوقت الآن
الخميس 2025/1/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير