الشاعر سراجٌ وأنوارُه أشعارُه

حسين الصدر

 

-1-

شبّه الشاعر الكبير المرحوم السيد احمد الصافي نفسه بالسراج ، ومعلوم أنّ السراج ينشر اشعاعه في الأجواء المحيطة به .

والسؤال الآن :

أين هو أشعاع الشاعر ؟

والجواب :

اشعاعُه أشعاره .

واعتبر الصافي ان نهايتَه بانطفاء أنواره .

-2-

يلاحظ هنا :

ان الصافي لم يَسِر على طريقة المتنبي والمعري، في المبالغة بمدح نفسيهما

قال المتنبي :

انا الذي نَظَرَ الأعمى الى أَدبي

واسمعتْ كلماتِي مَنْ بِهِ صَمَمُ

وقوله :

وما الدهر الاّ مِنْ رُواة قصائدي

اذا قلتُ شِعْراً أصبحَ الدهرُ منشِدا

وقال المعري :

 

واني وان كنتُ الاخيرَ زمانُه

لآتٍ بما لم تستطعه الأوائِلُ

أمّا الصافي فقد رسم صورة الشاعر الموهوب الماهر الذي تتدفق أمواج السنا عبر قوافيه .

ومن هنا :

يمكن القول انه تحاشى أنْ يمدح نفسه ، وينسب لها ما نسبه الآخرون من سمات ومناقب أطنبوا في مبالغتهم بها .

-3 –

قال الصافي :

سَأَلَتْنِي الشعراءُ أين أميرُها

فأجبتُ ( ايليّا ) بقولٍ مُطلَقِ

قالوا : وأنتَ فقلتُ : ذاك أميرُكم

وأنا الاميرُ لأُمةٍ لمْ تُخلَقِ

لقد قدم الصافي الشاعر اللباني ( ايليا ابو ماضي ) على نفسه واعتبره اميراً للشعراء ،

أما هو فأميرُ أمةٍ لم تخلق بعد ..!!

-4-

ويصفع الصافي الملحدين صفعةً قوية، ويرد عليهم قائلاً :

هل في عقولِ المُلْحِدينَ غباءُ

أما في عيونِ المُلحدينَ عماءُ ؟

أَيجوز عقلا أنَّ عقلاً مُبِدعا

قد أبدعته طبيعةٌ بلهاءُ ؟

-5-

الصافي لا يمتدح نفسه ، ولكنه قد يمدح شعره

اسمعه يقول :

انّ شعري بالكبرياء مَلِيءٌ

مُلْهِبُ الحسِ والحِجى والشُعورِ

انه يربأ بشعره أنْ يكون بضاعة تجارية، وليس ثمة من غبار  على مدحه لشعره الملهب للحس والعقل والشعور فتلك هي مزية العطاء الأدبي والفكري والـــثقافي الذي لا يستغني الناس عنه .