الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
دار الأوبرا الجديدة تُحفة معمارية وزخارف فنية رائعة الجمال

بواسطة azzaman

مشاهدات من أرض الكنانة مصر العربية

دار الأوبرا الجديدة تُحفة معمارية وزخارف فنية رائعة الجمال

رعد أبو كلل الطائي

 

يقع المركز الثقافي القومي المصري (دار الأوبرا الجديدة)، في الجزء الجنوبي من جزيرة الزمالك الواقعة بين فرعي النيل وسط القاهرة وعلى مسافة قريبة من صروح ثقافية وأجتماعية أبرزُها معمل النحات محمود مختار وتمثال الزعيم سعد زغلول وحديقة الحرية، ونادي الأهلي وشارع أم كلثوم وكُلُها مساحاتٌ للعيش اليومي عند المصريين، وقد أتاح الموقع الفريد للمبنى في الجزء الجنوبي من الجزيرة ووفرة مياه نهر النيل في هذه المنطقة وكُثرة الأشجار في الحديقة المحيط لهذا المكان أن يكون محتوىً طبيعياً وممتازاً لدار الأوبرا الجديدة.

وتطلُ واجهة المدخل الرئيسي لدار الأوبرا الجديدة على تمثال سعد زغلول في مدخل كوبرى قصر النيل، وتطلُ الجهة الداخلية على شارع التحرير فيما تطلُ الواجهة البحرية على النادي الأهلي، أما الواجهة الغربية الخلفية  فهي تطلُ على شارع الجبلاية، (أم كلثوم سابقاً).

أما بخصوص دار الأوبرا القديمة والتي بناها الخديوي إسماعيل في عام 1869ميلادية والتي أُحترقتّ في اكتوبر عام 1971 ميلادية ظلتّ منارةً  ثقافيةً لمدة 102عاماً ويُرجحُ تأريخ بناء الأوبرا القديمة إلى فترة الأزهار التي شهدها عصر الخديوي إسماعيل في كافة المجالات وقد أمرَ الخديوي إسماعيل بناء دار الأوبرا الخديوية في حي الأزبكية وسط القاهرة لمناسبة أفتتاح قناة السويس إذ أعتزم أن يدعو إليه عدداً كبيراً من ملوك وملكات أوربا وتم بناء الأوبرا خلال ستة أشهر فقط بعدَ أن وضع تصميمُها المهندسان الأيطاليان (فوسكاني وروس)، وكانت رغبة الخديوي إسماعيل متجهةً نحوَ أوبرا مصرية يفتتحُ بها الأوبرا الخديوية، وهي أوبرا عايدة التي وضع موسيقاها الموسيقار الأيطالي (فيردي) لكن الظروف حال دون تقديمها في وقت أفتتاح الحفل، فقُدِمتّ أوبرا (ريجوليتو) في الأفتتاح الرسمي الذي حضرهُ الخديوي إسماعيل والأمبراطورة زوجة نابليون الثالث، وملك النمسا وولي عهد بروسيا وكانت الأوبرا الخديوية تتسع حينها إلى  850 شخصاً، وكان هناك مكانٌ مخصص للشخصيات المهمة، وأتسمتّ الدار بالعظمة والفخامة .

المنحة اليابانية

وتقول الكاتبة المصرية فاطمة موسى في كتاب قاموس المسرح من الهيئة المصرية العامة الكتاب :

في بداية الثمانينيات من القرن الماضي تشاور سفير اليابان في مصر مع المسؤولين في قطاع الموسيقى بوزارة الثقافة المصرية، حول امكانية تخصيص إحدى المنح التي تقدمُها اليابان لمصر لبناء مركز ثقافي تعليمي، وفعلاً في مارس عام1983ميلادية قررت الحكومة اليابانية ودعماً للعلاقات الثقافية بين البلدين تقديم منحة مالية لا تُرد قيمتها 33 مليون دولار أمريكي لبناء دار أوبرا جديدة في القاهرة كمشروع بناء مركز تعليمي وثقافي وكلفت الحكومة اليابانية (شركة نيكن يبكي) الأستشارية بتصميم المبنى والأشراف على تنفيذه وقامت الشركة ببعض الدراسات التفصيلية عن المسارح المصرية والمسارح العالمية الحديثة، وعن دار الأوبرا القديمة، وعلى ضوء هذه الدراسات قامت الشركة بتقديم اقتراحها عن التصميم، وكذلك المساحات والأحتياجات اللازمة لدار الأوبرا الجديدة، وقدمت عدة أقتراحات للتصميم حتى أستقر المبنى على هذا الشكل النهائي، وهو من تصميم المهندس المعماري الياباني (كوشير وشيكيدا)، وقد قام بتصميمه على الطراز الإسلامي الحديث وفقاً لطلبات الجانب المصري الذي كان يضُم عدداً من المهندسين المتخصصين في الجوانب المعمارية والتشكيلية والفنية، إذ قام الجانب المصري مُممثلاً في هذه اللجنة الفنية المُشكلة لهذا الغرض من وزارة الثقافة بأبداء بعض التوجيهات للوصول إلى الشكل الملائم للتصميم العام، وبالأخص شكل القبة والعقود حتى تبدو متجانسة مع الشكل العام للمشروع علاوةً على ملائمتها للبيئة المصرية المشيدة فوق أراضيها وأوضحت الكاتبة فاطمة :

لقد وضعتّ القِباب لتُعطي المشروع الطابع الأسلامي وكذلك العرائس على حافة المبنى من الأعلى حتى لا يظهر فراغ القبة الكبيرة من الداخل، فهي مُركبة فوق جملونات حديدية حتى لا يتسبب مبنى الأوبرا الجديدة من أي عوائق بصرية للمباني المحيطة، وتم بناؤهُ على أرتفاع منخفض قدر الأمكان إذ حاول المُصمم التدرج بالأرتفاعات من مبنى متحف الفن الحديث، (بأعتبارهِ أقل أرتفاع) وحتى القبة السماوية، (بأعتبارها أعلى أرتفاع في الموقع)، إذ تُمثل القُبةَ التي تُغطي المدخل أقل مستوى في الأرتفاع، ثم تتدرج في الأرتفاع في الصالة الرئيسية، حتى تصل إلى أقصى أرتفاع للمبنى في القُبة الكبيرة فوق المسرح (42 متر ونصف المتر) من مستوى الدور الأرضي.

أفتتاح الأوبرا الجديدة

أما فيما يتعلق بأفتتاح الأوبرا فقد حدثنا عنهُ الدكتور ظاهر محمد الصكر الحسناوي أستاذ التأريخ الحديث قائلاً :

تم وضع حجر الأساس لدار الأوبرا المصرية الجديدة في مارس عام 1985 ميلادية في أرض الجزيرة وفي مايو من نفس العام بدأت شركة (كاجيجا) اليابانية في البناء وتنفيذ التصميمات للدار، وقد تم الأنتهاء من أعمال التشييد والبناء في مارس من عام 1988ميلادية، أي بعد 34 شهراً من بدء العمل، وقد شارك في تنفيذ المشروع حوالي 30 مهندساً وإدارياً يابانياً، مع 500 مصري جُلهم من العمال بأستثناء ستة مهندسين، وأُفتُتحَ دار الأوبرا الجديدة الذي يُعدُ أكبر متحف في العالم متخصص لحضارة واحدة، ويروي تأريخ الحضارة الفرعونية وهو الصرح الثقافي الكبير والبديل عن دار الأوبرا القديمة أفتُتِحَ في العاشر من أكتوبر من عام 1988 ميلادية، وشهٍدتّ القاهرة في تلك الليلة أحتفالاً رسمياً وثقافياً وفنياً كبيراً وأنتشرت حينها مجموعات عازفي الأيقاع، وفرق الخيالة الذين حملوا الأعلام الملونة في تشكيلات بدءاً من أول كوبرى قصر النيل من ناحية ميدان التحرير حتى نهايته فيما ألتف كبار الموسيقيين والفنانين والمبدعين المصريين والعالميين إلى جانب ضيوف الأحتفال وتخلل حفل الأفتتاح فعاليات ومهرجانات واسعة أحتفاءً بهذه المناسبة العظيمة .

رحلتي إلى الأوبرا

أنتقلتُ من ساحة التحرير نحو أرض الجزيرة ومن خلال محطة مترو الأوبرا في محافظة القاهرة، إذ تقع الأوبرا قريبة من برج القاهرة وحديقة الأندلس، وكوبري قصر النيل، وبعدها ترجلتُ ومشيتُ قليلاً حتى وصلتُ ظالتي، بناية الأوبرا، دخلتُ الدار العظمة والفخمة والرائعة بجمال أبنيتِها، فهذه الدار الأوبرا الجديدة تتكون :

 من عدة أقسام رئيسية وأربعة طوابق وتضُم العديد من قاعات العروض التشكيلية من بينها، متحف دار الأوبرا والذي يقع في الدور الأول من المبنى الرئيسي لدار الأوبرا المصرية أو الهيئة العامة للمركز الثقافي المصري، كما يشتمل مبنى الأوبرا على ثلاثة مسارح والتي لعِبت دوراً مُهماً في أثراء الحركة الفنية في مصر وهي المسرحُ الكبير، الذي يحتوي على ألف وثلاثمائة مقعد، والمسرحُ الصغير، ويضُم خمسمائة مقعد، والمسرحُ المكشوف ويشتمل على ستمائة مقعد علاوةً على إن الأوبرا تضمُ فرقة باليه أوبرا القاهرة وأوركسترا القاهرة السيمفوني، والفرقة القومية للموسيقى العربية، وفرقة الرقص المسرحي الحديث فيما تُقيم الأوبرا صالونات ثقافية ومعارض فنية تشكيلية ومهرجانات موسيقية صيفية لفرق الهواة كما تعرُض أعمال كبار الفنانين والفرق العالمية بأتجاهاتها المُختلفة .

مراكز ثقافية

وتضمُ الأوبرا مراكز ثقافية أبرزُها :

1- قصر الفنون، ويقع في ساحة دار الأوبرا، ويقوم على نفس الأرض التي كانت تشغلُها قاعة النيل الكبرى .

2- مكتبة الأوبرا الموسيقية وملحقٌ بها قاعات العرض الفني .

3- مركز الأبداع الفني التابع لوزارة الثقافة المصرية .

4- المسرح الكبير الخاص لعروض الأوبراليين الضخمة ويضُم ألف ومائتي مقعد .

5- المسرح الصغير، ويقع خلف المسرح المكشوف ويحتوي على خمسمائة مقعد .

6- المسرح المكشوف، وهو مخصص للعروض الصيفية والشبابية، ويتسع لحوالي ستمائة مقعد، ويتميزّ بالطابع الشرقي في طرازه.ِ

7- مسرح النافورة

وهناك بنايةٌ مُلحقةٌ بمنى الدار وهي، قاعة الفنون التشكيلية والتي تتكون من طابقين، وصُممتّ بشكل متطور وتبلغ مساحة كل طابق 150 متر مربع، علاوةً على أحتواء الدار على مركزٍ لتنمية المواهب والذي يهدُف إلى الأرتقاء بالتذوق الفني علاوة إلى تبنيّ الموهوبين في مُختلف مجالات الفنون .

متحف دار الأوبرا

وأختُم حديثي فأقول :

وخلال تجوالي في الدار عرفتُ بوجود بناية مُلحقة بالدار في الدور الأول من المبنى الرئيسي للدار وتحتوي من الداخل على جناحين الأول، خاص بدار الأوبرا القديمة ولغاية تأريخ أحتراقُها، ويُحاكي قصة إنشاء الأوبرا القديمة.

كما يُحاكي قصة أوبرا عايدة من خلال أهم تصميمات الملابس والحُليّ والنوت الموسيقية الخاصة بهذه الأوبرا، أما الجناح الثاني فهو خاص بدار الأوبرا الجديدة، ويضُم عدداً من الملصقات لأهم العروض التي قُدمت على مسارحها الثلاثة وبعض الكُتيبات التي صدرت بمناسبة زيارة الفرق الفنية الشهيرة للدار، وفيهِ كذلك إنموذج مُجسمٌ للمبنى الجديد للأوبرا وبعض الصور الفوتوغرافية لمبنى الأوبرا أثناء إنشائهِ .

 


مشاهدات 93
الكاتب رعد أبو كلل الطائي
أضيف 2025/12/30 - 12:34 AM
آخر تحديث 2025/12/30 - 4:11 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 141 الشهر 22256 الكلي 13006161
الوقت الآن
الثلاثاء 2025/12/30 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير