الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
مشاريع تنفع العراق… مثلما نفع الشاب أباه

بواسطة azzaman

مشاريع تنفع العراق… مثلما نفع الشاب أباه

أحمد جاسم الزبيدي

 

في مدينتي الطيبة المسالمة — تلك الرقعة الصغيرة من العراق التي ما زالت تؤمن بالبساطة والنية الصافية — عاش الناس على رزق الكدح، لا على عقود المناقصات ولا على “استثمارات” تنهش البلد نهشًا. هناك كان الفلاح فلاحًا حقًا، والكسبة كسبة بمعنى الكلمة، لا مدراء شركات وهمية ولا “مستشارين” لا يعرفون أين تقع المحاويل على الخارطة.

لأحد أقاربي دكان صغير، من تلك الدكاكين التي تعيش منها عائلة كاملة بين الرز والعدس والدهن الحر وعلب الكبريت. عائلة مجاهدة، الأب فيها يدير الدكان، والأولاد والبنات يذهبون للمدارس ويتناوبون على الجلوس فيه… والرزق على الله.

كبر الأولاد وتخرجوا: واحد صار معلّمًا، وآخر أستاذًا… إلا واحد منهم قرر أن يتطوع في الجيش. وكان كل أسبوع يروح للتاجي ويعود يوم الخميس. وفي أحد الأيام، عندما وصل بغداد، رجع فجأة إلى المحاويل. سألته أمه بفزع الأم العراقية:

يمّه ليش رجعت؟ صار شي؟

فقال بكل براءة:

نسيت أشتري من دكاننا أمواس الحلاقة… ورجعت حتى أنفع أبوي!

هكذا… خسر أجرة الطريق والوقت والجهد، فقط كي يشتري موسًا من دكان أبوه. نية طيبة، عقل بسيط، وحسابات اقتصادية"من عصر الطفولة".

وهنا أصل الفكرة، يا جماعة الخير

أقارن حال هذا الولد بحال “الوفود” العراقية التي تسافر كل شهر — بل كل أسبوع — للمشاركة في مؤتمرات لا علاقة للعراق بها لا من قريب ولا من بعيد.

وفود تسافر باسم “منفعة العراق”… لكن الواقع يقول:

السفرات للـ

تنفع الجيوب،

وتُنعش الفنادق،

وتُسعد مكاتب السفر،

وتُفرح الشركات الوهمية التي تُوقّع عقودًا بروح أبو موسى الأشعري.

يقولون: "نذهب لنخدم العراق".

وأنا أقول: نعم… تمامًا مثل الشاب الذي رجع من بغداد حتى يشتري موسًا من دكان أبوه!

بلد كامل تُصرف عليه ملايين الدولارات على مشاريع لا ترى منها حجرًا واحدًا.

وإعلانات عن "استثمارات" لا تتعدى الورق والقصاصات.

وديمقراطية تتدكرط — بضم التاء — حسب المزاج، وتُصدر الأحكام كما يُباع الدهن الحر في الصيف: بسرعة وبدون وجع قلب.

أراضٍ تُباع.

ممتلكات تُصفّى.

وموازنات تُطحن بلا مساءلة

والحجّة دائمًا: "هذا لصالح العراق".

يا حكومتنا الرشيدة

نحن نعذر ابن مدينتنا المسكين، لأنه رجع 70 كيلومترًا بنية صافية حتى ينفع أباه.

لكن أنتم

ما هي حجّتكم؟

وهل عاد وقتكم أيضًا… كي تشتروا “موس حلاقة” من دكان الشعب؟


مشاهدات 53
الكاتب أحمد جاسم الزبيدي
أضيف 2025/12/14 - 2:33 PM
آخر تحديث 2025/12/15 - 11:05 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 335 الشهر 10912 الكلي 12994817
الوقت الآن
الإثنين 2025/12/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير