الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
البرامج تقلب مع فنجان قهوة.. النفس العميق قبل الغوص بالمحيط

بواسطة azzaman

البرامج تقلب مع فنجان قهوة.. النفس العميق قبل الغوص بالمحيط

حسن الحيدري

 

تعيش الساحة السياسية اليوم حالة اعادة تموضع داخل الاطار السياسي خاصة بعد عودة رئيس الوزراء الحالي الى اجتماعاته وما رافق ذلك من هدوء داخلي وتراجع الحملات الإعلامية التي كانت في الاسابيع التي سبقت  الانتخابات هذا الهدوء لم يكن معزولا عن المتغيرات الاقليمية والدولية ولا عن رسائل واشنطن في الاشهر الاخيرة ولا عن الحسابات المعقدة داخل الاطار نفسه.

عودة رئيس الوزراء الحالي الى اروقة الاطار ليست تفصيلا بروتوكوليا بل مؤشر على أن الاطار يريد اعادة تنظيم خياراته فالقدرة على الحفاظ على تماسك الكتلة الداعمة لرئيس الوزراء وعدم ظهور انشقاقات داخل تحالفه كلها عناصر تجعل الإطار يعيد النظر في تقييم المشهد بعيدا عن لغة التصعيد.

توتر داخلي

الاطار الذي ادرك ان التوتر الداخلي يضر بموقعه التفاوضي اختار في هذه المرحلة تهدئة الخطاب والتركيز على النقطة المفصلية مَن يمتلك القدرة على ضمان برنامج عمل مستقر للسنوات المقبلة.

من الواضح ان هناك توجها متناميا داخل الإطار لازاحة النقاش عن شخص رئيس الوزراء المقبل ووضع التركيز على البرنامج السياسي هذا التحول ليس فكريا بل عمليا قائم على عدة عوامل،  فالخوف من تضخم نفوذ اي شخصية في حال التمديد لها وهو ما يشكل حساسية داخل بنية الاطار

والتحولات الاقليمية التي تفرض ان يكون البرنامج اكثر اهمية من الاشخاص بسبب تشابك الملفات الامنية والاقتصادية والطاقة، اضافة الى التغير الامريكي الاخير تجاه العراق والذي يجعل الاطار يدرك ان واشنطن قد تتعامل إيجابيا مع اكثر من خيار طالما المسار السياسي يسير باتجاه الاستقرار. بهذا المعنى فإن طرح البرنامج قبل الشخص هو رسالة داخلية للاطار نفسه قبل ان تكون رسالة موجهة للخارج.

الإطار يجد نفسه امام معادلة صعبة تتعلق بموقع العراق بين واشنطن وطهران من جهة فهناك ادراك داخل الاطار ان العراق لا يستطيع ادارة مشاكله بعيدا عن التواصل مع الولايات المتحدة خصوصا في ملفات التكنولوجيا والطاقة والاقتصاد. ومن جهة اخرى هناك ارتباطات سياسية وامنية تجعل الحفاظ على علاقة متوازنة مع إيران جزءا من استقرار الوضع الداخلي.

في هذا التوازن اي رئيس وزراء يجب ان يمتلك القدرة على مخاطبة الطرفين من دون ان يظهر وكانه منحاز بالكامل لاي محور وهو ما يجعل الاطار يراجع خياراته بدقة خاصة بعد ارتفاع مستوى الاهتمام الامريكي في الاشهر الاخيرة سواء عبر تعيين مبعوثين جدداو عبر نشاط دبلوماسي مكثف كان لافتا للانتباه

رغم ان بعض اطراف الاطار تتحفظ على منح دورة ثانية لرئيس الوزراء الحالي خشية تحوله الى قوة سياسية مستقلة فإن المعادلة ليست محسومة.

فمن جهة هناك اشارات خارجية إيجابية تجاه الاداء الحكومي خلال السنوات الثلاث الماضية ومن جهة اخرى هناك مخاوف داخلية من ان يؤدي التجديد الى اعادة توزيع غير مريحة للنفوذ داخل الاطار.

لذلك فإن الاطار يتجه نحو ابقاء الخيارات مفتوحة وعدم حسم الملف مبكرا في محاولة لتجنب خلق اصطفافات جديدة داخله

ما يبدو اليوم هو ان الإطار يفضل اعتماد سياسة  النَّفَس الطويل اي انتظار تبلور البيئة الاقليمية والدولية لمشهد اكثر وضوحا قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن رئيس الوزراء المقبل.

هذه السياسة تقوم على عدم الانجرار الى صدام داخل الاطار حول الاسماء.

واعطاء الاولوية للبيئة السياسية التي ستنتجها مسارات واشنطن وطهران في الاشهر المقبلة.

ولتحصين موقع الاطار في عملية تشكيل الحكومة وعدم التفريط بعوامل قوته الحالية.

معايير العمل

وهذا يفسر الدعوات التي ظهرت مؤخرا للابتعاد عن الشخصنة والتركيز على معايير العمل الحكومي والبرنامج المتفق عليه

ان الاطار يتعامل اليوم مع مرحلة دقيقة عنوانها الاساسي

كيف نضمن حكومة مستقرة تخدم مصالح العراق في ظل تغير اقليمي ودولي متسارع

فالخطاب الداخلي الذي يدعو الى تجنب التركيز على الاسماء يعكس ادراكا بأن الصراع على الاسماء قد يضعف الاطار ويمنح الاخرين فرصة التاثير على مسار تشكيل الحكومة

لذلك يمكن القول ان الاطار يحاول ان يبقي الملف المعقد مفتوحا وان يعتمد على تقييم مزدوج للمعطيات الداخلية والخارجية قبل ان يحسم قراره بشأن شكل الحكومة المقبلة.


مشاهدات 16
الكاتب حسن الحيدري
أضيف 2025/12/03 - 5:20 PM
آخر تحديث 2025/12/04 - 2:39 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 107 الشهر 2424 الكلي 12786329
الوقت الآن
الخميس 2025/12/4 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير