هيئة الإعلام وغسيل الوعي

عمار طاهر

يعيش الاعلام الحديث وسط دوامة من المصطلحات والمفاهيم العديدة، لدرجة تصل الى حد الإغراق، بعضها يطلقها أصحابها من دون وعي، او جذر علمي، او تراث نظري للمعنى، سواء أن كان ذلك واقعا، او حتى على الصعيد الأكاديمي، لتتحول بعد تداولها في وسائل الاعلام الى كلمات ذات وهج فسفوري جاذب للأنظار، وهي في حقيقتها لا تعني شيئا.

 وقد اطلعت على كلمة رئيس مجلس أمناء هيئة الاعلام والاتصالات في اجتماع مجلس وزراء الاعلام العرب، فوجدته يطرح إحدى هذه المصطلحات المنزوعة المضامين، ويضعها بين هلالين « غسيل الوعي»، في سياق دعوته الى تفعيل الاعلام الالكتروني وتحصين الأجيال، ولا نعلم ماذا يعني بغسيل الوعي؟ وهل الاعلام الالكتروني غير مفعل لكي يدعو الى ذلك؟

فاذا كان الوعي يشمل الإحساس، والتفكير، والشعور، والانتباه، واتخاذ القرارات، وحل المشكلات، فكيف يمكن غسيل ذلك؟ ويطرح رئيس الأمناء، وهو يترأس وفد العراق، ان وسائل الاعلام أصبحت الميدان الحقيقي للصراع على الوعي، وصياغة الرواية؟ فهل الوعي بحاجة الى غسيل ام الى صراع ميدانه وسائل الاعلام؟ ثم اي رواية يقصدها السيد الرئيس.

ويصف الذكاء الاصطناعي بالسلطة الخامسة، وهو مصطلح تقني يدخل في العلوم جميعها، في حين ان مصطلح السلطة الرابعة الذي أطلق على الاعلام في حقيقته مفهوم مجازي، إذ ان هذه السلطة توازي من حيث القوة السلطات التشريعية والتنفيذي والقضائية، وتختلف معها بعدم امتلاكها القدرة القسرية في الالزام.

المفارقة ان رئيس مجلس الأمناء يدعو الى دمج التربية الإعلامية في المناهج الدراسية، في حين ان الهيئة وضعت الدراسة الشاملة التي قدمتها لها كلية الاعلام بجامعة بغداد في ادراج النسيان والإهمال، على الرغم من ان هذا الملف جاء بعد اجتماعات دعت لها الهيئة نفسها، بحضور ممثل عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

قد نلتمس العذر لرئيس مجلس الأمناء كونه غير متخصص في مجال الاعلام، او ربما من كتب الكلمة، او حرر الخبر، يطلق المصطلحات من دون معرفة او دراية، لكن في الأحوال كلها يفترض بمسؤول يمثل البلد في محفل اعلامي عربي مهم، ان يختار كلماته بدقة وعناية، فثمة فرق كبير بين غسيل الدماغ، وغسيل الوعي، وغسيل الملابس.