الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
تجارة القيم العليا.. التخلّف دلالة ضعف تمكين المصلحين الراغبين في الدنيا

بواسطة azzaman

تجارة القيم العليا.. التخلّف دلالة ضعف تمكين المصلحين الراغبين في الدنيا

محمد صالح البدراني

 

ليس كل الراغبين في الدنيا فاسدين، فحب السيادة وحب التملك وغيرها غرائز في الإنسان لايمكن كبتها إلا بقناعات لا تتزعزع، والظرف ليس ظرف هذا النوع من اليقين، فأضحت دروب طموح الصالحين عبر دروب الفاسدين. لم يعد المفكر قدوة في زمن ينظر الناس إلى السيارة قبل راكبها ومعظم المفكرين يركضون وراء الباص والتكسي فهم ليسوا بهذا التمكين إلا أن يبيعوا بعضا من مهاراتهم أو يتبنى وضعهم الصالحون، وهم مطالبون بالكثير لعل أولها كبت معاناتهم وكما قال كريم عراقي (لا يُؤْلِمُ الجَرحُ إِلَّا مَنْ بِهِ ألَمُ)، والنخبة هذه لا تشكو وحتى إن أعلمت أن ما يطلب منها فوق طاقتها تعلمه بالإماءة والتنويه، لان من يسمعك ممن لا يذوق الجرح سيتكبر عليك فتضله بدل أن تصلحه وتزله إن كان من الصالحين والعلم خير الأرزاق لكنه كجوهرة في سوق الفحامين.

فساد الذات

الظهور بمظهر المصلح وهو صادق وليس متقمصا أو منافقا يوضح لك كيف تتصرف الصواب وكيف تسلك طريق الخير وكيف تسيطر على نفسك، لكنه حين يفقد السيطرة على نفسه يغفل نصحها.

ليس هذا جهلا وغفلة فقط فإبليس كان يكلم ربه وهو يشهر عصيانه، ليس جاهلا لله ولا كافرا بل يعرف الصواب وينكره لهذا سمي فاسقا والفسق درجات ترتقي إلى الظلم للناس بعد أن كان للنفس ثم تنحدر درجات الظلم إلى الكفر بالفسوق عندما تمتلكك الدنيا والجاه والمنصب فتكون معبودك من دون الله.

هذا النوع من الناس الذين كانوا صالحين كما قدموا أنفسهم ولكن ليس من دخان بلا نار، فهذه الناس تخدع من يريد أن يتفاهم مع أنفسهم التي خدعوها باختيارهم جلباب الصلاح لكنهم يقدمون قدوة سيئة بعد أن جعلوا من أنفسهم قدوة في الإعلام وإبليس كان مع الملائكة لكن أنانية إبليس كما أنانية هؤلاء المخادعين لأنفسهم ضمن تزيين أفعالهم لهم جعلته ينال غضب الله عندما أصر على سلوكه وتجاوبه مع الكراهية والحسد، وكل يبرر لخطأه ليصل إلى حيث لا مخرج يبدو أن التجارة بالقيم العليا أصبح رديف المصالح

صمود القوارير

ما يميز المرأة الناضجة عن الجميع أنها تعرف ما تريد .... وان عواطفها تبدأ بأن تعقل تلك العواطف ثم تحيلها إلى الفؤاد لتسكنه فلا مراجعة لقرارها لاحقا، ولا شك فيمن وثقت به وخيارها هو خيارها وليس أصلح منه خيار، ونظرة إلى المرأة في السياسة لا نجد لها تميز إلا ما ندر وهذا توجه مادي اغلبه يفقد الأنوثة روعتها وحصانتها، نجد من تقدم نفسها للخدمة بلا أيديولوجيا أو إشارة لانتماء ما، هذه امرأة تقع في أطياف متعددة  ومعاناتها ستكون اكبر من أحلامها إن كانت في طيف سليم، وهنا لست بصدد تقييم العاملين في السياسة فهم مقيمون أصلا، ويبقى في زحمة الضياع أن يخرج من له وجهة نظر، صحيح انه امل ضعيف لكن لا مناص من إحياء الأمل، الذي يقتله هو التغليف والتبرير بأسوأ من التغليف، والمواطن لا يخدع لأنه ببساطة ليس مهتما في أمور كثيرة، واقعنا اضحى يتفاعل مع الغريزة.

ولدنا في الدنيا وحب البقاء غريزة فينا، والا ما فكر إنسان ولا بنى ولا تعلق بالأمل فأبدع، لكن الوضوح مهم، وهنالك قيم نفيسة كما القوارير معرضة للشرخ والكسر والتشوه وعندما نسعى للمكاسب المادية إشباعا لغرائزنا وسدا لحاجاتنا، والأغلب هي غرائزنا من تتكلم: كحب التملك أو المال، وحب الجاه أو المنصب والنوع، ننتفض كالحمقى راكضين خوفا أو أملا بلا اهتمام للنفائس فنكسرها، أو نتبع شهواتنا وغرائزنا بعد أن نشتهر بتلك القيم كروادها وحماتها فنقنع السامع قولا وننقضها فعلا، أحمق السلوك أن تركض خوفا من فقر أو أملا بغنى، فتحطم ما بعده أغلى من ذلك الغنى أو تشتهر بقيم تقولها بلسانك ثم تنقضها بيديك، فتصبح كالتاجر يبيع البضاعة المزيفة، وهذا ليس سيئا فحسب، بل خيانة لنفسك عندما تبدل تكريمها بذلة التافهين أو تبدلها بأموال تغادرها أو تخسرها وأنت تراها بعين اليقين، من يرى أن عمله اضطرارا فليحسن اختيار الوسيط، لا ادخل ينبوعي في نهر ملوث عكر.

شغف الكرسي

ليس لعجز المصلحين وإنما لأنهم يفقدون التمكين:

هنالك من شغفه الكرسي حبا، وأضحى امله وتفكيره ناسيا هدفه أو معطلا إياه راغبا في التقاطه إن فارقه، وأمست الأمانة مغنم كما قال رسول الله (ص) وهو وصف دقيق فالناس لا تقاطع هؤلاء أو تحتقرهم بل هم في قلب التمكين، ومما يحز في النفس هو إبعاد الناس المؤهلين للقيادة والبناء وهذا قهر رهيب عندما لا يكون الشخص المناسب في مكانه المناسب، فتنحسر النخبة ذات الرؤية وان تسلت منها امرأة أو رجل فهو عرضة للانجراف بالتيار.

غالبا الناس النظيفة والقادرة على فعل التغيير والإصلاح لا تملك المال لدرجة أنها مع ضيق الحياة معظم جهدها يذهب إلى معالجة النواقص نتيجة ضعف الحال المادي، ومع هذا فما يشع منهم هو أكثر من تحمل الناس المحبطة التي لا ترى فائدة في التنظير ولا فائدة في الكلام ولا حتى بغير الكلام، هذه النخبة إن لم تتمكن وتصنع النموذج، فان مصير الأمة مجهول فعلا في عمق الانهيار الحاصل فعلا، ليس لعجز المصلحين وإنما لأنهم يفقدون التمكين.

 

 

 


مشاهدات 45
الكاتب محمد صالح البدراني
أضيف 2025/11/01 - 12:52 AM
آخر تحديث 2025/11/01 - 8:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 207 الشهر 207 الكلي 12361710
الوقت الآن
السبت 2025/11/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير