زمان جديد
مصفوفة القيم
نوال الجراح
هل سألتَ نفسكَ، عند إتخاذك لقرار مُعين في حياتك ما الدافع لهُ ؟ وما المُحرّك الرئيسي في أسلوب حياتكَ وتعاملكَ مع عائلتكَ ومحيطكَ ؟
كل تلك الأسئلة تكمُن أجوبتها في تحديد ماهي قِيمكَ في الحياة.. لكل منّا مصفوفة قِيم تختلف عن الآخر، منّا من يعي ذلك ويلحَظ أهميتها وأثرها في أسلوب حياته ومُعتقداته وخياراته وقراراته، ومنّا من لا يعي بها وبأثرها وهنا يكمُن الفارق الكبير بين الحالتين وهناكَ من لا يُدرك حتى ما هي القيم ودورها في الحياة.
القِيم هي كل المعتقدات والمبادئ ذات القيمة والتي تُشكل أهمية كبيرة بالنسبة لك وهنا يكون الخيار شخصياً، فالنّاس متفاوتون في قِيَمهم، فلا يوجد صح أو خطأ وجيد أو غير جيد في تحديد القِيم.. وإنتشار القِيم مثل السّلام الدّاخلي، الأمان، الوعي الحُب، يخدم المجتمع ويكون على أفضل مايكون.
وقد تقلُّ أو تزيد تلك القِيم حسب الزّمان والمكان والظروف.
للقِيم دور في إشباع الحاجات للإنسان، من يفهم قِيَمه يَفهم سلوكهُ لماذا يفعل هذا ولا يفعل ذاك، فمعرفة القِيَم تُريح النَّفس وتُساعدك على فهم نفسكَ أكثر .
ممكن أن تضع قائمة تُحدد فيها قِيمك وقد تكون غير مُرتبة حسب أهميتها في حياتك أو غير حقيقية لاتعبر عن ذاتك، ولك أن تتأكد من وذلك بعد ملاحظة خط سير أُسلوب حياتك.
قد تُلاحظ القيمة التي وضعتَها في تسلسل رقم إثنان، هي تمثل الأولى وهي أهم من كل القِيم وهي من تُسيّر كلّ تصرفاتك، إذاً قد تُحدد وتختار قيمة معينة بينما الواقع والدوافع التي تُحرّك مشاعركَ تُظهر لك قيمة قد وَضعْتها بتسلسل متأخر لأنَّ السُّلوك يأتي من الشُّعور، فالإنتباه للسّلوك والمشاعر مهم لتحقيق التّوازن وتحديد القيمة الأهم في الحياة بشكل حقيقي صادق .
مثلاً قد تختار ألأبناء في المرتبة الأُولى والصّحة في المرتبة الثانية في مصفوفة قِيمك عند كتابتها، ولكن لو خيّروكَ ين الصّحة والأبناء ستختار الصّحة.
إذاً لتُحدد قٌيمك بدقّة تسأل نفسكَ سؤالين، كل سُؤال فيه خيار بين القيمة الأولى والتي تليها وكل سؤال ونقيضه .
مثلاً إسأل نفسك لو أبناؤكَ في حياتكَ لكن لاتوجد صحة مُفتقد لها ماذا تختار الأبناء أم ألصّحة ؟
وسؤال ثاني لو صحتكَ جيدة لكن لا وجود للأبناء ماذا تختار؟
ولو إخترتَ الصّحة في كلا السؤالين كما ذكرنا أعلاه، أذاً الصحة هي القيمة الأولى وأصبح الأولاد في القيمة الثانية في مصفوفة القِيم، ولو إخترتَ المال في المرتبه الثالثة، تأتي على القيمة الثانية وتسأل أيضاً هل الأبناء أم المال بنفس الصيغة السابقة .
وهكذا تستمر لتُحدد أهم عشر قِيم في حياتك
معرفة تسلسل قِيمك تُحدد طريقة إتخاذكَ للقرارات وأُسلوب حياتك، مثلاً لو كان الأولاد رقم واحد في قِيمك، مثلاً ستتخذ كل القرارات بناءاً على ما يُلاءم مصلحتهم، وربَّما عند شراءك لبيت جديد ستُفكّر ملياً في المساحة والبناء وكيفية إستغلال هذا البناء لمصلحتهم وبناء أكثر من بيت لتحقيق الإستقلالية لهم عند زواجهم مستقبلاً، بينما لو كان المال رقم واحد لديك، سيكون نظرتُكَ وقراركَ مُختلف وبدون وعي منك ستختار الإستثمار وكيف تحصل على الربح المادّي قبل التفكير بمستقبلهم بل رُبّما ترى أنَّ هذا واجبُهم وعليهم أن يبداؤ بالسعي لتكوين مستقبلهم.
مهم أن نُحدد قِيمَنا وننتبه لها بين فترة وأُخرى ونرى قد تحتاج للتّغيير حسب الظرف والمكان.
وهكذا إلى أن تصل الى إختيار دقيق لقائمة القِيم في حياتك والتي تُشكّل أُسلوب ومنهج حياتك.
وأرى أنَّ القيمة الأولى والتي لا أحتار بينها وبين القِيم الأخرى مهما كانت أهميتُها في حياتي، هي قيمة الخُلق ورضا الله والضمير لان كل إنسان مُفترض أن يكون الله مركزيتهُ في كل تعاملاته وقراراته ومن ثمَّ باقي القِيم تختارها حسب شخصيتكَ وفكركَ ونظرتكَ للحياة.
إختياركَ لمصفوفة قِيمك تُحدد شخصيتكَ ونمط حياتكَ، فانتبه لمصفوفة قيمكَ وهل حياتك فعلاً مُتوافقة مع قيمك أم تحتاج الى مراجعة وتغيير لتصل الى أفضل نمط حياة يُحقق لك الرضا والسعادة.