الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سلطة القيمِ وقيم السّلطةِ

بواسطة azzaman

سلطة القيمِ وقيم السّلطةِ

صلاح الدين الجنابي

 

القيمُ موجهاتٌ للسلوكِ اللفظي والمحافظ على السلوكِ الفعلي من مخالفةِ القولِ، إذ إن تطابقَ القولِ والفعلِ دليلُ نضج المجتمعِ وصحته النَّفسية وقوةُ تمسكهِ بثقافتهِ وموروثهِ الحضاري، لتكونَ هناكَ سلطةً لقيمِ المجتمع لا يسمح لأيّ فردٍ أو جماعةٍ بمخالفتها أو إضعافها، لأنّ استدامةَ القيمِ وصيانتها والالتزام بها مسؤوليةً تقع على عاتقِ المجتمع نفسه من خلالِ المهنِ الحاكمةِ (رجال الدِّين، رجال القضاءِ، رجال العلمِ) فكلما كانت قيم هؤلاء تنعكسُ على سلوكهم الفعلي أكثر من الّلفظي كانت السدَّ المنيعَ والسِّور الحامي للمجتمعِ من الانزلاقِ في متاهات صراع القيمِ والتناقضاتِ وضياع الحقوقِ، هذه المهنُ بقدر ما هي حاكمةٌ ومحترمةٌ في المجتمعِ (النّاس تعتبرُ أصحاب هذه المهنِ ورثةُ الأنبياء) فهي مدمرةٌ وقاتلةٌ له في حال انحرافها عن القيم بالقولِ أو الفعلِ، هناك صراعٌ دائمٌ بين من يمثل سلطةَ القيم وبينَ من يمثلُ قيم السّلطة فإذا كان ايجابياً أي أنَّ سلطة القيمِ متماسكةٌ ومتَّحدة ضدَّ القيمِ الدَّخيلة للسلطة بما يحفظُ القيمَ والمجتمعَ (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ) ( فاطر: 28)، وأما إذا كان سلبياّ يعني المهن الحاكمةَ والسلطةَ يتصارعونَ ويتخادمونَ من أجل مصالحهم ولا يهمهم نواتج هذا الصِّراعِ على القيمِ والمجتمعِ. (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ) (الزخرف: 54).

وثّقَ التَّاريخ صراعاً طويلاً لما ينتهي بين سلطةِ القيمِ وقيمِ السّلطةِ التي قد تضعفُ أو تمرضُ ولكنّها لا تسمحُ أبداً لقيم السُّلطةِ المشوهةِ أن تستقرَّ وتصبحَ الحاكمةَ إلا في فتراتِ المرضِ أو غيابِ الوعيِّ أو الخديعةِ أو الزَّيف ولكنَّها سرعانَ ما تتماثلُ للشفاءِ لتصبحَ أكثر تماسكاً وقوةً لانقاذِ المجتمعِ وتهذيبِ قيمِ السُّلطةِ.

 

 

 

 

 


مشاهدات 29
الكاتب صلاح الدين الجنابي
أضيف 2025/10/12 - 3:53 PM
آخر تحديث 2025/10/13 - 1:14 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 351 الشهر 8531 الكلي 12148386
الوقت الآن
الإثنين 2025/10/13 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير