الكاتبة الجزائرية حورية خدير تفتح بوابة مدينة الجن سيفار
محمد ياسين الجزائري
"بوابة سيفار: ما وراء الجدار الجليدي"، روايةٌ استثنائية في بيئة ثقافية عربية تضجّ بآلاف الإصدارات الروائية كل عام، فهي خياليةٌ في أبعادها، ولكنها انطلقت من أساس علمي، وامتزجت فيها المغامرة التاريخية بالغموض والرومانسية، في أجواء من التشويق والإثارة.
قارئ الرواية سيجد نفسه في رحلة سياحية، يستكشف فيها الجزائر، ويتنقل بين مناخاتها وطقوسها، من أعالي جبال الأوراس حيث الثلوج والأودية وأشجار البلّوط والصنوبر والسنديان والعرعار والأرز الأطلسي.. إلى أعماق الصحراء حيث يقيم النخيل أعراسه، وتُنشد "زهرة الرمال" مواويلها في مدى السحر والجمال.
"بوابة سيفار"، هي الرواية الأولى للأديبة الجزائرية "حورية خدير" التي قدّمت أعمالا عديدة في مجال أدب الأطفال، وأيضًا، قدّمت أعمال تلفزيونية متنوعة، فالأديبة "حورية" هي كاتبة سيناريو متميّزة من أبرز أعمالها: "سحر المرجان"، "شمس الحقيقة"، ومسلسل "عندما تجرحنا الأيام"..
الرواية صدرت عن دار "كنوز" للنشر عام 2024، وشاركت في معرض القاهرة للكتاب عام 2025، وهي حاضرة في صالون الجزائر الدولي للكتاب الجارية فعالياته في العاصمة الجزائرية (29 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025). بالإضافة إلى رواية "سيفار"، تشارك الأديبة "حورية خدير" بثلاثين قصة للأطفال ذات موضوعات متنوّعة، وتهدف جميعها إلى خدمة الطفولة العربية وإنارة دروبها في عالم الأفكار..
قد يتساءل القارئ: ما معنى "سيفار"؟ هي مدينة صخرية، يُطلَق عليها أيضًا مدينة الأحجار أو مدينة الجن، وتُعرف أيضا باسم "مدينة اللغز" و"أعجوبة الدنيا الثامنة". تقع "مدينة سيفار" في أعماق الجنوب الشرقي لصحراء الجزائر، ضمن منطقة "طاسيلي ناجر". وهذه المنطقة سُجّلت عام 1982 ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، بوصفها أقدم وأكبر مدينة صخرية - أو غابة صخرية - في العالم بمساحة تُقدَّر بـ 89342 كيلومترا مربعا، وهي تحتوي على أكثر من 15 ألف رسم ونقش ولوحة جدارية يصل عمرها إلى 12 ألف عام..
تتمحور رواية "سيفار" حول عاشقة اللون الأزرق، "أريناس"، وهي أستاذة وباحثة في علم الآثار، وابنة أشهر عالم آثار في الجزائر. امرأة هادئة وحكيمة، ملتزمة بمواصلة رسالة والدها في الحفاظ على تراث الأجداد. وبالإضافة إلى اشتغالها في مجال البحوث والدراسات، فهي تشتغل في محلّها الخاص لنحت التحف التقليدية في مدينة "باتنة" الجزائرية.
تنطلق الرواية، من أجواء شتوية ساحرة في مدينة باتنة، حيث كانت "أريناس" تقود سيارتها المرسيدس الزرقاء. ويتسبّب حادث صغير في فقدانها لسلسلتها الثمينة، التي لم تفارق رقبتها منذ طفولتها، عندما تتشابك هذه السلسلة مع شال رجل ستعرف لاحقًا أن اسمه "أمير"..
وسرعان ما تُدرك "أريناس" أن السلسلة التي فقدتها هي جزء من لغز كبير يتعلّق بمدينة "سيفار"، وذلك من خلال ملف أرسله إليها أحد طلاّبها اسمه "لقمان"، وأيضًا من خلال عثورها على صندوق لوالدها يشتمل على رسالة يحذّرها بأن ما في الصندوق هو "أمانة الأجيال". تكتشف "أريناس" أن مفتاح "البوابة النجمية لسيفار"، التي تربط أبعاد الكون، يكمن في ثلاثة أجزاء من خريطة وثلاث سلاسل تحمل رمز وردة الأريناس.
تقرّر "أريناس" الانطلاق في رحلة علمية مع طلابها إلى منطقة الطاسيلي. وفي الطريق، تلتقي مجدّدًا بالرجل الذي تشابكت سلسلتُها مع شاله، وتعرف بأنه يُدعى "أمير" وكان يتتبّع خطواتها. وسرعان ما تكشف لها الأحداث أن والدها ووالد "أمير" كانا يشتغلان معًا لاكتشاف وحماية سرّ "بوابة سيفار"، غير أن القدر لم يُمهل والدها ليكمل عمله، بينما أصيب والد أمير بالرصاص وفقد ذاكرته..
وتتوالى أحداث الرواية، وتتنوّع تفاصيلها، في إطار من التشويق والإثارة: السرقة، لقاء أشخاص آخرين لهم علاقة بلغز البوابة، الصراع، الخيانة، العمل المخابراتي في مواجهات العصابات.. وتنتهي الرواية بالعبور من بوابة "سيفار".
لن نغوص في تفاصيل الرواية، ولن نستوقف محطّاتها حتى نُبقي حماسة الفضول لدى القارئ ليستمتع بالرواية، وينتظر ما بعد عبور "البوابة النجمية"، فالكاتبة تَعد بأجزاء أخرى قد تكون مدخلا إلى لون جديد في الأدب العربي.