الإنتخابات قادمة والوعود وفيرة
حاكم محسن الربيعي
منذ الاحتلال الامريكي – البريطاني للعراق عام 2003 يكون قد مر على هذا التغيير البائس، اثنان وعشرون عاما وخلال هذه الفترة جرت 5 دورات انتخابية وفي كل دوره تكثر فيها الوعود والزيارات والاحاديث للمرشحين عما سيفعلونه عند الفوز ،املا في كسب الاصوات الانتخابية وباتباع اساليب منها مادية ونقدية وأخرى لخواطر عقائدية أو مذهبية او قوميه ودينية ، وايضا حزبية وسياسية ، وعند الفوز والوصول الى تحقيق الهدف ، لا شيء من تلك الوعود يتحقق وبالتالي الحصيلة بائسة ايضا، كم يحتاج من الوقت من يريد البناء والتنمية ، الجواب لا يحتاج كثيرا من لديه وطنية وقرار حاسم ومستقل ورغبة مؤكدة في البناء والتنمية ، وعلى سبيل المثال لا الحصر ، الدولة الماليزية التي تولى فيها رئاسة الحكومة د مهاتير محمد لدورتين ، الاولى من عام 1981- 2003 والثانية من 2018 - 2020 ، واصبح مثال للوطنيين وبناة الاوطان، لانه تبنى سياسة الوحدة الوطنية ، ومن خلال دورتين تحولت ماليزيا من دولة زراعية الى دولة صناعية و عمل كماليزي ولم يعمل كمسلم وينادي احنا المسلمين ، او من أي ديانة اخرى او قومية معينه بذاتها ، والشعب الماليزي متعدد الديانات ففيه المسلمين ، وماليزيا دولة اسلامية لكن فيها ايضا المسيحيين بأطيافهم المختلفة وفيها البوذيين والهندوس وطوائف غير معروفه، والجميع يعيش بتناغم مع الاخر ، ليس فيها من يقول احنا المسلمين او احنا المسيحيين او احنا البوذيين او الهندوس وليس فيها من يقول احنا الملاويين ، او احنا الصينيين او الهنود بل الجميع يعيشون مع بعض في وئام كماليزيين ، و تعتبر ماليزيا الان دولة صناعية متقدمة، حيث يمثل القطاع الصناعي ثاني أكبر مساهم في ناتجها المحلي الإجمالي بعد قطاع الخدمات.
صناعية قوية
وتُعرف ماليزيا باقتصادها السوقي الصناعي الجديد ولديها قاعدة صناعية قوية ومتنوعة تشمل صناعات الإلكترونيات وأشباه الموصلات والمطاط والنفط والغاز والمواد البتروكيميائية والبوليمرات ، حيث تتميز ماليزيا باقتصادها القوي والمتنوع، اذ تصل قيمة صادرات المنتجات التكنولوجية المتقدمة إلى مستويات عالية وتشمل الصناعات الرئيسية الإلكترونيات والكهربائيات، والهندسية، والآلات والمعدات، والمنتجات الغذائية، بالإضافة إلى صناعة البلاستيك والمواد الكيميائية، وصناعة المطاط ، أما في العراق و ما جرى بعد عام الاحتلال ، أقيم نظام سياسي على اساس المحاصصة الطائفية والقومية والجغرافية ، ولذلك بدء التراجع في كل القطاعات بسبب التركيز على المتطلبات الفئوية لا الوطنية ، ولذلك كان التراجع نصيب كل القطاعات الاقتصادية، حيث كان القطاع الصناعي والقطاع الزراعي يساهمان بأعلى مساهمات في الناتج المحلي الاجمالي واعلى من مساهمة القطاع النفطي ، وهذا التراجع كان باعتراف مسؤولين في اعلى المستويات منذ عام الاحتلال ولغاية اليوم ، و فيما يلي بعض الأرقام التقريبية لمساهمة، هذين القطاعين في الناتج المحلي الإجمالي والمعبرة عن التراجع الكبير لهذين القطاعين ، حيث كانت مساهمة القطاع الزراعي 3.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 تقريبا والقطاع الصناعي بحوالي 2 بالمئة ، أما بقية القطاعات ، فهي شهدت تراجع كما في التعليم والصحة ، والنقل والمواصلات ، كما يشهد العراق جفاف قاتل سيحول أراضيه الى صحراء ، بسبب مواقف دول المنبع والمرور ، دون نشاط حكومي جاد وضاغط على هذه الدول من خلال المنظمات الدولية ، والامم المتحدة ، أو اللجوء الى أدوات الضغط المتمثلة بالتجارة حيث يستورد العراق من تركيا ما قيمته بين (17-20 ) مليار دولار ومع ايران ليس أقل من ذلك ، أو التفكير في تحويل مسار تصدير النفط من خلال التداول مع الدول العربية التي كان النفط العراقي يمر عبر اراضيها كميناء بانياس او الخط العراقي عبر السعودية ومطالبتها بهذا الخط العراقي ، اما الصناعة، فهي متراجعة بشكل كبير وكأن هناك أجندة خارجية لا صناعة في العراق ليبقى سوقا للأخرين ، ان هذه الصورة لما عليه البلد وهي مأساويه ، هل يستطيع مرشحي الدورة السادسة اخراج العراق منها والنهوض به نحو الافضل؟ لا سيما ان في العراق شعب طيب وفيه كفاءات كثيرة وفيه موارد اذا مأ حسنت ادارتها من خلال ضبط تحصيل الايرادات بعد ابعاد تام للمتنفذين من حملة السلاح على مصادر الايرادات واستعادة الاموال المنهوبة، اذ تشير التقارير الى أن حجم الاموال التي دخلت الى العراق بعد عام 2003 بلغت (1159) مليار ، ما الذي يقابلها على الارض ,لا شيء يستحق الذكر ، الخدمات عموما بائسة لا كهرباء لا ماء صالح للشرب لا مستشفيات مؤهلة ، لا تأهيل للقطاعات الاقتصادية و مازال التعليم يعاني من نقص في المدارس فماذا يعني ذلك ، واين ذهبت هذه المليارات ، اذا كان ومازال للفساد المالي دور في ضياع هذه الثروة ، ما الذي يجب عمله.
احالة فاسدين
اذا لابد من تحرك جاد ضد مافيات الفساد واحالة الفاسدين والمرتشين الى المحاكم المختصة وتفعيل دور القانون والقضاء، وعلى هذا السبيل استطاعت الجزائر من استعادة 30 مليار دولار من فاسدين ,وذلك بالتنسيق والمفاوضات مع الدول التي يقيم فيها الفاسدين ، ولابد من اعادة النظر في التشريعات القانونية ذات الصلة بالرواتب التقاعدية لجماعات لا تستحق قانونا سواء من هم في الداخل او من هم في الخارج ، اذ كيف للبعض كل خدمته اربع سنوات والبعض أقل من ذلك بكثير يستلم راتب تقاعدي عن خدمة لا ترقى الى ما حدده قانون التقاعد السائد وهي 15 خمسة عشر عاما كخدمة فعليه؟، في حين يحرم من التقاعد من لديه خدمة لمدة 14 سنة والمحال بسبب العمر القانوني ، وأخرين عبثوا في البلاد وهربوا وعادوا اليها مجاهدين ، وقد يقول البعض كان ذلك بموجب قانون ، وهذا ينسجم مع المثل الشعبي الذي يقول ، خياط ويفصل القماش على مقاسه ، اذا اين العدالة التي يتحدث عنها البعض؟ سيق الرئيس الفرنسي السابق ساركوزي الى المحكمة بسبب الفساد المالي وحكم عليه بالسجن خمس سنوات وذهب بنفسه الى السجن.
ويعيش الرئيس الكولمبي اليساري غوستا فو في بيته المتواضع في الريف ويستخدم سيارته الخاصة ويرفض المواكب الرسمية وركز في سياساته على العدالة الاجتماعية والبيئة ومكافحة الفساد ، فلماذا لا نستفيد من تجارب الاخرين وان نتعض حيث ليس هناك شيء دائم دون ذلك تبقى الوعود الوفيرة للمرشحين عند وصولهم الى المقاعد حبر على ورق.