ناشط بيئي: تجفيف الأهوار مخطّط لإستغلال المنطقة
الإهمال الحكومي يحوّل بساتين شهربان إلى أراض جافة
ديالى ــ سلام الشمري
ميسان - علي قاسم الكعبي
شكا اصحاب بساتين الرمان في قضاء شهربان٬ المعروف باسم المقدادية٬ بمحافظة ديالى٬ من تراجع إنتاجية البساتين٬ وتحول مساحات واسعة من أراضيهم إلى مناطق مهجورة، نتيجة الإهمال الحكومي٬ وضعف الخدمات الزراعية.
وأكد الأهالي ان (نقص الدعم في توفير المياه والأسمدة ومكافحة الآفات جعل أشجار الرمان، التي اشتهرت بها المنطقة لعقود، مهددة بالجفاف والاندثار)٬ مطالبين (بتدخل فوري لإنقاذ هذا الإرث الزراعي٬ الذي يمثل مصدر رزق رئيسي لهم)٬ واضاف الاهالي ان (قضاء شهربان يعد من أكثر مدن العراق إنتاجاً لمحاصيل الفاكهة، لا سيما محصول الرمان، اذ يحتوي القضاء على آلاف الدوانم الزراعية التي كانت تجهز الأسواق المحلية بآلاف الأطنان سنوياً، ويُصدَّر الفائض منها إلى دول الجوار، إلا أن هذه المساحة تقلصت الى نحو 90 بالمئة٬ وباتت بالكاد تغطي استهلاك المحافظة، وأصبح رمان ديالى مادة غذائية نادرة الوجود في السوق العراقية)٬
من جهته قال رئيس اللجنة الزراعية في مجلس المحافظة٬ رعد التميــــمي٬ لـ (الزمان) امس ان (رمان شهربان كان يتسيّد الأسواق العراقية لأكثر من 100 عام بفضل جودته ومذاقه الفريد، لكن أحداث 2014 وما تبعها من جفاف وهجرة المزارعين تسببت في هلاك بنسبة 95 بالمئة من تلك البساتين)٬ لافتاً الى ان (ذلك افقد آلاف العوائل مصدراً اقتصادياً مهماً ينعش اقتصاد المنطقة)٬ وأضاف التميمي انه (رغم تحرير المناطق وعودة أغلب العائلات إليها، إلا أن ضعف الإمكانيات حال دون إحياء البساتين، إذ لم يُعد استصلاح سوى 20 الى 30 بالمئة من الأراضي، فيما تبقى المساحات الأكبر بحاجة إلى دعم حكومي عبر قروض بدون فوائد٬ لإعادة إنعاش أكبر مزرعة للرمان في الشرق الأوسط)
وأوضح رئيس اللجنة الزراعية في مجلس ديالى السابق، حقي إسماعيل الجبوري٬ لـ (الزمان)، امس ان (رمان شهربان فقد 95 بالمئة من حصته في السوق المحلية خلال أحداث 2014 ٬بعد احتلال داعش لمناطق شاسعة٬ وحركة النزوح التي رافقت الاضطرابات الأمنية آنذاك، ما أدى إلى جفاف عام للمزارع وهلاك نحو 90 بالمئة منها)٬
مزارع مترابطة
منوهاً الى أن (رمان ديالى الذي يمتد على شكل مزارع مترابطة في قاطع شمال المقدادية ، ُعد حالة استثنائية على مستوى المحافظة٬ برزت قبل قرن بعد نجاح زراعته بأصناف باتت أشبه بالماركة الزراعية على مستوى العراق٬ في ظل وجود رغبة متزايدة لشراءة)٬ يذكر انه (على مدى أكثر من مئة عام، شكّل رمان شهربان علامة زراعية مميزة عُرفت على مستوى العراق كأجود أنواع الرمان، حتى بات اسمه عنواناً للجودة في الأسواق، ولا سيما العاصمة، لكن بعد أحداث حزيران 2014 واجتياح تنظيم داعش مناطق واسعة من القضاء، خصوصاً شماله، بدأت حركة تراجع هذا المحصول). ودعا رئيس لجنة الزراعة والمياه النيابية الأسبق٬ فرات التميمي ، إلى تشكيل مركز تخصصي لحماية ما وصفها بنوادر الحدود الزراعية في مدينة ديالى.
وقال التميمي لـ (الزمان) ، امس ان (مدينتي مندلي وقزانية على الشريط الحدودي العراقي الإيراني في ديالى، تضم بساتين مترامية تعود لعقود طويلة، وتتميز بوجود أصناف نادرة على مستوى العالم من التمور وأشجار أخرى)٬ مشيراً الى ان (هذه البساتين التاريخية ارتبطت بطريق الحرير القديم، ولا تزال تحتفظ بأسرار زراعية مهمة تستحق التوثيق والدراسة)، مشدداً على (ضرورة ان يتم تشكيل مركز أو لجان متخصصة٬ لتوثيق هذه الأصناف النادرة، سواء من التمور أو غيرها، لتكثيرها ونقل تجربة زراعتها إلى محافظات أخرى)٬
وتابع التميمي ان (النوادر الزراعية، خصوصاً أصناف التمور، يمكن أن تفتح مسارات تصدير مهمة، كونها من بين الأندر في الشرق الأوسط)، مؤكداً ان (التنوع الزراعي في هذه البساتين بحاجة إلى حماية ودراسة جادة، لتكون نقطة انطلاق لإحياء أصناف قد تتحول مستقبلاً إلى رافد اقتصادي مهم للبلاد). على صعيد متصل٬ باشرت وزارة الزراعة، باجراءات المصادقة على خطة الاستزراع الشتوي٬ استعداداً للموسم المقبل، مؤكدة اعتمادها منظومات الري الحديثة٬ لمواجهة شح المياه. وقال وكيل الوزارة، مهدي سهر الجبوري، في تصريح امس ان (هناك جهود مشتركة بين وزارتي الزراعة والموارد المائية، لوضع حلول تتعلق بالجفاف٬ الى جانب تحديد خطة الاستزراع الصيفية والشتوية)٬
مبيناً ان (الوزارة تستعد لإقرار خطة الاستزراع الشتوي، والتي تتم المصادقة عليها خلال الأيام المقبلة)٬ وأوضح الجبوري ان (الركيزة الأساسية لهذه الخطة هي الاعتماد على منظومات الري الحديثة٬ وتشجيع المزارعين على اقتناءها ضمن مشروع تقانات الري والمكننة الحديثة٬ بما يضمن معالجة شح المياه٬ واستمرار العملية الإنتاجية وصولاً الى قطاع زراعي مستدام)٬ بحسب تعبيره٬ وتابع ان (استدامة الزراعة تكون عبر تبني أنظمة ري جديدة بالرش والتنقيط والري الثابت والمحوري، إذ تعتمد محاصيل الخضر على الري بالتنقيط والثابت، فيما تسقى المحاصيل العلفية بالري الثابت، والمحاصيل الاستراتيجية كالحنطة والشعير والشلب عبر المرشات المحورية والثابتة).
تعزيز عمليات السقي
لافتاً الى ان (هذه الخطوة تعزز عملية السقي بالاعتماد على المياه الجوفية في الأراضي الصحراوية والمياه السطحية في المناطق المروية). وتتجه الوزارة٬ الى الزراعة الذكية والمستدامة لمقاومة التغيرات المناخية. وقال الجبوري امس ان (الوزارة تنفذ سياسة زراعية تهدف إلى مواجهة تحديات شح المياه والتغيرات المناخية٬ عبر تبني نهج الزراعة الذكية مناخياً، بما يسهم في التكيف مع هذه المتغيرات٬ وتقليل كُلف الإنتاج الزراعي)٬
مشيراً الى ان (الوزارة تتجه نحو استخدام الطاقة النظيفة، لا سيما الطاقة الشمسية، في تشغيل مختلف المشاريع الزراعية٬ منها تشغيل منظومات الري بالتنقيط، والثابتة، والمحورية، الى جانب تشغيل المضخات باستخدام الطاقة)٬ واكد الجبوري ان (هذا الاجراء يعزز استدامة الإنتاج الزراعي، وتقليل التكاليف، وتحسين الواقع البيئي). الى ذلك٬ كشف الناشط البيئي٬ مرتضى الجنوبي٬ عن كارثة بيئية وإنسانية تتعرض لها مناطق الأهوار في محافظة ميسان، مؤكداً انه اضطر الأهالي في المشرح وقرية شط الأعمى إلى حفر آبار وسط مجاري الأنهار الجافة٬ لتأمين مياه الشرب.
وقال الجنوبي في تصريح امس انه (الحكومة المحلية والمركزية لم تبادر معالجة الأزمة٬ أو تقديم حلول عاجلة)٬ معتبراً ان (ما يجري هو مخطط ممنهج لتجفيف الأهوار٬ ما دفع سكانها إلى الهجرة، بسبب مشاريع التوسعة النفطية الأخيرة في المنطقة).