يَكفِي دَورَة واحدَةً لِنجدِّد برْلماننَا
محمد خضير الانباري
في الحادي عشرَ منْ تشرينَ الثاني منْ هذا العام، يتوجهَ ملايينُ العراقيينَ ممنْ يحقُ لهمْ التصويت، وفقا للفئاتِ العمريةِ المحددة، للمشاركةِ في انتخابِ أعضاءِ مجلسِ النوابِ لدورتهِ السادسةِ، ورغمُ ما شابَ الدوراتِ السابقةَ منْ ملحوظاتٍ وانتقادات، فإنَ هذهِ الانتخاباتِ البرلمانية، تعدّ خطوةٌ ديمقراطيةٌ مهمةٌ في مسيرةِ العراقِ السياسية، وتستحقَ التقدير، لا سيما بعدَ عقودِ منْ حكمِ الحزبِ الواحد، حيثُ كانَ المواطنُ مجبرا على التصويتِ لأسماءٍ مفروضةٍ منْ قبلِ السلطةِ التنفيذيةِ في الانتخاباتِ البرلمانيةِ القصرية، التي كانتْ تحصلُ لما يسمى المجلسُ الوطني.
خلالَ متابعةِ الأسماءِ المرشحةِ للدورةِ البرلمانيةِ الجديدة، لوحظَ تكرارُ ترشيحِ عددٍ منْ الوجوهِ منْ كلا الجنسين، ممنْ سبقَ لهمْ أنْ شغلوا مقاعدُ في دورةٍ أوْ دورتينِ سابقتين، دونُ أنْ يسجلَ لهمْ أداءٌ يذكرُ أوْ مساهماتٍ فعالةٍ تخدمُ الشعبَ العراقي بالمستوى المطلوب. بلْ إنَ ما أثير، عنْ بعضهمْ في وسائلِ الإعلام المختلفة، يتركزَ في قضايا شخصيةٍ، تتعلقُ بالمتاجرةِ بالعقارات، والمولات، والمستشفيات، وتأسيسِ كلياتِ وجامعاتِ أهلية، ما يثيرُ الكثيرُ منْ التساؤلاتِ حولَ دوافعِ ترشحهمْ مجددا.
إنَ تجديدَ أسماءٍ المرشحينَ لمجلسِ النواب، يعدّ أمرا بالغ الأهميةِ في مختلفِ المسارات، لما لهُ منْ دورٍ في رفدِ العمليةِ السياسيةِ بدماءٍ جديدة، تحملَ أفكارا ومقترحاتٍ تسهمُ في تصحيحِ مسارِ هذهِ العمليةِ الديمقراطية التي ما زالتْ تعاني التعثر، رغمَ مرورِ أكثرَ منْ عشرينَ عاما على انطلاقها ، ما زالتْ عمليةُ ترشيحِ الأفرادِ للسلطةِ التشريعيةِ تعتمدُ في بعضها على « ورقةِ تزكيةٍ « منْ حزبٍ سياسي، أوْ أحدِ المسؤولين، أوْ رجالِ الدينِ والعشائر، الأمرُ الذي يفتحُ البابُ أمامَ قبولِ ترشيحاتٍ تفتقرُ إلى الكفاءةِ والاستحقاق. ونتيجةً لذلك، ترفدَ السلطةُ التشريعيةُ بأشخاصٍ غيرِ مؤهلين، مما يؤدي إلى تفشي مظاهرِ الضعفِ وانتشارِ الفسادِ داخلَ مؤسساتِ الدولة.
منْ هذا المنطلق، تبرزَ الحاجةُ الملحةُ إلى عدمِ إعادةِ ترشيحِ الأسماءِ، التي أثبتتْ فشلها في الدوراتِ السابقة، وكذلكَ تنحي الآخرينَ ممنْ كانوا في الدوراتِ السابقة، والتوجهُ نحوَ التجديد في اختيارِ شخصياتٍ جديدةٍ تمتلكُ الكفاءةُ والمكانةُ الاجتماعيةُ والعلمية، بما يضمنُ مشاركةً فعالةً في التشريعِ والمساهمةِ في بناءِ الدولةِ وهذهِ مسؤوليةُ المواطنِ بالدرجةِ الأولى وليسَ المرشح.
فالعراق، بما يمتلكهُ منْ إرثٍ علميٍ وثقافي، يعدّ منبعا غنيا بالعلماءِ والأساتذةِ والأدباءِ في مختلفِ التخصصات، ومنْ متطلبات الخدمةِ العامةِ وروحِ الديمقراطية، أنْ تتجددَ الوجوهُ لا أنْ تتكرر. إذْ إنَ التكرار، في الغالب، يسهمَ في ترسيخِ الفسادِ الإداري، نتيجةُ بقاءِ بعضِ المسؤولينَ في مناصبهمْ لأكثرَ منْ دورةٍ انتخابية، وهوَ ما نلاحظهُ اليومَ بوضوحِ في ظاهرةِ ما يسمى « الأغنياءِ الجددِ «، ممنْ تضاعفتْ ثرواتهمْ بعدَ دخولهم لمجلسِ النواب، مقارنة بحالتهمْ المعيشيةِ قبلَ دخولهمْ البرلمان.