الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عطش الميزوبوتاميا.. جفّت الأهوار وشحت الأعذار

بواسطة azzaman

عطش الميزوبوتاميا.. جفّت الأهوار وشحت الأعذار

جمعة الدراجي

 

توالت التحذيرات حول الأزمة المائية التي تمر بها بلاد ما بين النهرين (Mesopotamia )التي تسببت بجفاف الضرع والزرع ، الانهار والأهوار  وتصحر الأراضي وذبول فضاءاتها الخضراء وعصف الغبار المحلي ، يتبعها تصاعد دخان حرائق غابات القصب والبردي في الأهوار وضجيج المسرفات الضخمة للاستكشافات النفطية التي ترض عظام الهور ( صدفيات المحار وقواقع مليارات التنوع البيولوجي في الأهوار )وهي تشكل ارث جيني إلى الأجيال القادمة حسب تعبير اتفاقية حماية التنوع البيولوجي لسنة 1992 المنضمة اليها اكثر 198 دولة ضمنها العراق وهي صك قانوني دولي لحماية مثل هذه المكونات الحيوية التي أصبحت مسرحا لعمليات تغيير معالم البيئة دون رادع بعد ان احتلت منذ آلاف السنين موقعها الجغرافي الطبعي لتشكل مسطح مائي ومكون بيئي طبيعي لا مثيل له حسب تعريف منظمة اليونسكو التي انطبقت عليه معايير ومبادىء الانضمام إلى لائحة التراث العالمي ، وقد جفت معالمه الزاهية برذاذ الماء العذب ونسمات الأوكسجين المنتج من النباتات التي تعد خسارتها فاجعة بيئية كونها رافد لمقاومة تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري باعتبار تلك الغابات فيها عوائل نباتية تستهلك الغازات السامة من الأجواء وتعم بالفائدة على المحيط الإقليمي .

نظام سابق

ويعد أهالي الأهوار جفاف بيئاتهم جرم يعاقب عليه القانون ، لكن الحكومة ما انفكت باتهام دول التشارك المائي وتلبس الثأثيرات المناخية بالجرم المشهود بينما السكان لديهم وعي بأن عملية تجفيف الأهوار جريمة يعاقب عليها القانون، وهم يستحضرون وقائع الجلسات المتلفزة لأقطاب النظام السابق لجريمة تجفيف الأهوار عند تسعينات القرن الماضي ، جفت الأهوار امام أنظار  أهالي القرى والأسلاف القاطنة من اصحاب المصلحة السكان الأصليين ليشتد العطش يوما بعد يوم وسط دبلوماسية مائية مرنة انتهجتها السياسة المائية الخارجية مع الدول المنتجة للمياه وعدم المطالبة الجدية للحصة الأساسية والتاريخية المكتسبة لنهري دجلة والفرات وروافدهما ، بينما ذهبت  الحكومة الى سياسة التكيف (Adaptation ) الداخلية بالضغط على مستخدمي المياه وفرض اشد الضغوطات التعسفية على المزارع العراقي الرجل الكادح مساك المنجل التي ورثها من الأقوام القديمة السومريين ورجل الأمن الغذائي للبلاد ولكن سلوكيات الحكومة سرحته من العمل وركن مسحاته حتى بعضهم نساها في الدار وهاجر إلى أماكن ليست لها فائدة في التموضع الجديد .

وقد جاءت التحذيرات كتوقع حاصل بحسابات مستندة إلى السياسات المائية لتلك الدول تجاه العراق ومؤشرات الأرصاد الجوية المتأثرة بالتغيرات المناخية وهي مؤشرات واقعة فعلا على ارض تصدعت عطشا ولا تمت بصلة إلى الاستقراء لما سيحدث ولا نقرأ الكف بل هي حقائق واضحة ، فجود الماء الذي بين أيدينا فيه عبث إداري دون ان تردعه الملايات بما يتناسب والاستهلاك المطرد الأكثر مما يرد ، يضاف له العبث والتبديد بالري السيحي وتأخر الوعود الحكومية بتوفير تقنيات ري حديثة التي قد تمكن معالجة الوضع بما متاح من الاطلاقات ،وليس لدى الحكومة تنمية حصاد المياه المحلية اذ أوقفت الخلافات السياسية الداخلية اكبر السدود ذات السعات الخزنية العالية ، وليس لدى العراق من يرود للماء والكلا كما يفعل الرعاة واعني ان بعض من السياسيين حينما يذهب إلى مشاورات دول التشارك المائي يناقش علاقة مكونه السياسي وجعل موضوع المياه ملف ثانوي والأحرى جعل المياه فرص تاريخيّة للتعاون باسم العراق وأن يركز على نقاط القوة والجذب لدى العراق وهي وسائل تعطي زخما وقوة عزم لتقدم عجلة التفاوض واستيعاب وحلحلة النقاط الخلافية.

خطة شتوية

ان ايقاف الخطة الصيفية ومرور موسم بلا زراعة وخشية مهولة لدى المزارعين إذا توقفت الخطة الشتوية وسط تلويحات من قبل المسؤولين في القطاع المائي. ان هذا الضغط الكبير على مستخدمي المياه وإيقاف الزراعة وتعطيل اكثر من 60 بالمئة من  المجتمع الفلاحي ، زائد توقف العمل في قطاعات مختلفة لها ارتباط وثيق بالمحراث الزراعي  .

 هل يمكننا وضع فرضية  تسريح الموظفين في وزارتي الزراعة والموارد المائية هذا الصيف بلا رواتب ؟

أسوة بهذا المجتمع الواسع الذين فقدوا أسباب المعيشة وهذه القرى التي استنزفت ثرواتها الحيوانيّة التي تشكل جزء كبير من الأمن الغذائي وقد تفاقم الوضع اكثر المناطق في جنوب العراق وصل إلى مناطق منكوبة .وهي مسؤولية الدولة وحسب الدستور تكون ملزمة بتعويضهم عند حدوث الكوارث الطبيعية. المجتمع الريفي في أسوء مرحلة تاريخيّة وستبقى تأثيراتها الاقتصادية والاجتــــــــــماعية والسياسية على مدى سنوات وستتفاقم الأوضاع لتولد أزمات ثانوية أخرى لا سبيل للدولة على معالجتها وقد تطيح او تشكل خطورة على الموسم الانتخابي المتزامن مع بداية الموسم الزراعي القادم ،

(ولات حين مناص ).

 

 


مشاهدات 81
الكاتب جمعة الدراجي
أضيف 2025/09/06 - 3:14 PM
آخر تحديث 2025/09/07 - 8:51 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 216 الشهر 4626 الكلي 11422499
الوقت الآن
الأحد 2025/9/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير