الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
حين تشهد أيدينا

بواسطة azzaman

حين تشهد أيدينا

اميمة ابراهيم السامرائي

 

ايدينا امتداد لأجسادنا , شاهدة عل قصصنا منذ الأزل , ايد نحتت في الصخر لتبني البيوت, زرعت القمح وصنعت الخبز, مسكت كتابا واضاءت مشعلا لمن بعدها, وأيدٍ اعتادت ملامسة الحرير والتشبث بمقابض الكراسي واخرى اثقلها حمل الامانة .. وبين هذه وتلك هناك ايد لم تعرف سوى التصفيق كما لوانه وظيفتها او قدرها المحتوم, تراقب المشهد وتبارك ما يحدث دون التفريق بين مسرحية لعادل امام او فوز لمرشح

في الحقيقة التصفيق بحد ذاته ليس جريمة , لكن عندما يمثل ختما بالموافقة عن جهل او توقيع شيك على بياض عن اهمال يصبح جريمة ترتكبها راحة اليد عن اصرار وترصد. هذا النوع من الايدي يصلح للإيجار لكافة المناسبات : لافتتاح طريق لم يكتمل , وقص شريط لجسر متصدع , او لوضع حجر اساس لمشروع على ورق , تصلح لوداع مسؤول ترك المنصب بجيوب دافئة وحقائب مملوءة بوعود زائفة  واستقبال اخر يسير على ذات الدرب.

لقد عاشت الايدي وهي مخيرة بين فعلين اما ان تعمل بصمت او تشارك بصخب متماشية مع ايقاع الجموع. فاليد التي اختارت ان تزرع شجرة وتصلح سياج مدرسة و ترفع حجارة عن طريق وتمسح على رأس يتيم او تكتب كلمة حق تغير مسار امة , هي يد اختارت ان تصنع تأريخا لها وتترك بصمتها كشاهد عليها دون انتظار جزاء او ثناء او تصفيق. فما بين تصفيق يتلاشى صوته في الهواء وعمل صادق مسافة لا تقاس الا بالوعي والنية الصادقة على الانجاز. ويبقى الخيار قائما أن نكون من الذين يصنعون أو من الذين يصفقون.

نحن في زمن يمارس فيه الجميع رياضة التصفيق الجماعية ربما لأنها لا تحتاج الى لياقة فكرية فهي تصلح للسياسي المتخم الذي يريد أن يقنع نفسه أنه محبوب الجماهير والمسؤول الذي يريد ان يضمن شعبيته وحسن قراراته وحتى للموظف البسيط الذي يصفق طمعا في رضى مديره. هي رياضة لا يهم فيها من هو الفائز او الخاسر والاشتراك فيها واجب إلزامي والانسحاب منها خيانة عظمى المهم ان تعود منها وانت مطمئن الضمير وخالي الوفاض.

ربما آن الأوان أن نسأل أنفسنا بصوت يعلو على صوت التصفيق : ماذا أنجزنا حين كان الضجيج يملأ المكان؟ ما الذي ستقوله ايدينا  بالنيابة عنا؟ هل  ستقول من كنا وماذا فعلنا؟؟!! عندها فقط سنعرف إن كانت حياتنا مجرد حضور فارغ أو أنها مسيرة تستحق ان تروى .

 

 

 


مشاهدات 46
الكاتب اميمة ابراهيم السامرائي
أضيف 2025/08/22 - 10:26 PM
آخر تحديث 2025/08/23 - 1:57 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 68 الشهر 16160 الكلي 11411246
الوقت الآن
السبت 2025/8/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير